ما بعد زلزال المغرب.. فاتورة باهظة لإعادة الإعمار

أحد الناجين من زلزال المغرب
أحد الناجين من زلزال المغربرويترز
تقوم المملكة المغربية بعد تعرضها لأقوى زلزال في تاريخها الحديث، بتضميد جراحها، وتستعد لإعادة الإعمار، وهي عملية واسعة النطاق وتستغرق وقتا طويلا وتتطلب موارد هائلة.

فبعد أن مرت بثلاث أزمات متتالية بسبب الوباء، والحرب في أوكرانيا، وأسوأ موجة جفاف منذ أربعين عاماً، لا بدّ للمملكة من أن تتعامل الآن مع عواقب زلزال مدمر، هو الأقوى في تاريخ البلاد الحديث.

 وقال وزير المالية السابق فتح الله ولعلو، الذي شارك في عهد حكومة إدريس جطو في إعادة إعمار مدينة الحسيمة بعد زلزال 2004، يقول لمجلة جون أفريك: "يبدو لي أن إعادة الإعمار ستستغرق وقتا طويلا. وقبل كل شيء، لا بدّ من أن يتدخل المختصّون لتحديد المناطق التي سيتم إعادة إعمارها. كل ذلك مع الأخذ بالاعتبار خصوصيات المنطقة، التي تتمتع بميزات بيئية وثقافية مهمة".

وهناك شيء أكيد، وهو أن المشروع يبدو عملاقاً، ووفقاً للإحصاء الحالي، تم تدمير حوالي 50 ألف منزل كليا أو جزئيا في الأقاليم الخمس المتضررة، وخاصة في الحوز في منطقة مراكش.

وقالت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة التخطيط للتراب الوطني: "نحن نعمل بالتعاون مع وزارة الداخلية لإجراء إحصاء المنازل المتضررة. وفيما أتحدث إليكم، هناك فرق فنية تقوم مستعينة بمختبرات مختصة، بعملية تمشيط لتقييم الأضرار في كل منزل".

 وتابعت الوزيرة: "وفي الوقت نفسه وتنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، نواصل العمل للتعرف على السكان لإعادة تسكينهم بسرعة في أفضل الظروف الممكنة، مع احترام خصوصياتهم والأصول  المعمارية”.

120 مليار درهم 

وحول حجم الأضرار المادية التي خلفها الزلزال؟ أجاب الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس، الذي شارك أيضا في عمليات الإغاثة في قرى الأطلس الكبير: "من السابق لأوانه إجراء تقييم جدي للأضرار. فهناك منازل مدمرة، وطرق تعرضت لانهيارات أرضية.. علينا أن ننتظر".

وبالرغم من أن دومينيك شتراوس لم يكن حاضرا وقت المأساة التي شهدتها مراكش، حيث يقيم عادة، ما زال يتذكر الزلزال القوي الذي ضرب أغادير عام 1960، ودفع عائلته إلى مغادرة المدينة التي عاش فيها حتى سن العاشرة.

وفي الوقت الحالي، فإن هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، هي الوحيدة التي غامرت بتقدير تكلفة الزلزال التي قد تصل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، أو ما يزيد قليلاً على 10 مليارات يورو.

ولكن لا بدّ حاليا من أن تظل المغرب حذرة بشأن تكاليف إعادة الإعمار، التي ستتضمن تكاليف البنية الأساسية والمدارس المتضررة، ومع ذلك لقد كشف مجلس الوزراء عن حجم المساعدات المخصصة لإعادة إسكان الأسر المتضررة.

وبحسب بيان صحفي صدر في 14 سبتمبر الفائت، من المقرر تقديم "مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (حوالي 13000 يورو) للمساكن المنهارة بالكامل و80 ألف درهم (7300 يورو)  لتغطية أعمال إعادة تأهيل المنازل المنهارة جزئيا".

ويضاف إلى هذا الظرف "مساعدة طارئة بقيمة 30 ألف درهم للأسر المعنية”. ومن المتوقع أن تصل تكلفة العملية إلى حوالي 7 مليارات درهم.

وبحسب بيان للديوان الملكي نشر في 20 سبتمبر الماضي، سيتم ضخ ما لا يقل عن 120 مليار درهم (11 مليار يورو) على مدى السنوات الخمس المقبلة لإعادة إيواء الأسر المتضررة وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المتضررة.

صندوق الآمال

ولتنفيذ هذا البرنامج الاستثنائي، أنشأت الحكومة، في 10 سبتمبر، صندوقا  مخصصا لإدارة آثار الزلزال. ويهدف هذا الصندوق المخصص لجمع "المساهمات التضامنية الطوعية من المواطنين والمنظمات الخاصة والعامة" إلى تمويل برنامج الطوارئ، بالإضافة إلى "النفقات المتعلقة برعاية الأشخاص الذين يعيشون في أوضاع صعبة، ولا سيما الأيتام والضعفاء، فضلاً عن الرعاية الفورية للمشردين الذين أصبحوا بدون مأوى بسبب الزلزال"، كما أكد وزير الموازنة فوزي لقجع أمام البرلمان يوم 11 سبتمبر.

وضربَ زلزال إقليم الحوز القريبِ من مدينة مراكش ضِمن جهة مراكش آسفي على الساعة الحادية عشر وأحد عشرة دقيقة ليلاً من اليوم الثامن من سبتمبر 2023. وبلغت قوّة الزلزال 7 درجات على مقياس ريختر وعلى عمق 18.5 كم (11.5 ميل) بالقربِ من جماعة إغيل في جبال الأطلس، وقد وصل مداه الى مدن كالدار البيضاء والمحمدية وأغادير، فيما شعر به سكان العاصمة الرباط ومدن بعيدة أيضا كمكناس وإفران، وقد تسبَّب في مقتل 2946 شخصًا، وجرحِ أكثر من 5674 شخصا آخرين، كما عُدَّ من طرفِ المعهد الوطني للجيوفيزياء الزلزال الأعنف الذي يضربُ المملكة المغربية منذ قرنٍ تقريبًا.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com