ومن غرف الكتّاب إلى مصانع السيارات، يضغط العمال على الشركات من أجل الحصول على أجور أعلى وتحسين نوعية الحياة، ويبدو أن كثيراً منهم على استعداد لترك العمل للوصول إلى هدفهم، وبعضهم يفوز.
وأثرت ظروف الأعمال على الأمان الوظيفي خلال جائحة كوفيد-19، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أرباح الشركات، والتضخم، والتفاوت المتزايد بين أجور العمال والتعويضات.
وعمدت بعض النقابات مثل النقابة العمالية في شركة "يو بي إس" UPS، إلى الموافقة على إبرام صفقات أفضل بعد التهديدات بالإضراب. ووافق العمال في شركة Spirit AeroSystems، المورد الرئيس لشركة Boeing، في يونيو على صفقة مع الشركة بعد توقف قصير عن العمل، وإلى ذلك يستمر إضراب أعضاء نقابة الكتاب الأمريكية لأكثر من 100 يوم.
وتأتي العقود العادلة والإضرابات العمالية في الأشهر الأخيرة في أعقاب الجهود التنظيمية التي بذلها العمال في جميع أنحاء البلاد، والتي بدأت قبل جائحة كوفيد-19 وازدادت حدتها بشكل متزايد في أعقاب الأزمة الصحية العالمية، التي أثرت على شركات من أمازون وستاربكس إلى شركات الطيران وصانعي السيارات.
وشارك أكثر من 320 ألف عامل في 230 إضراباً على الأقل حتى الآن هذا العام، وفقاً لبيانات من كلية العلاقات الصناعية والعمالية بجامعة كورنيل. وهذا بالفعل أعلى من ما يقرب من 224000 عامل شاركوا في ما يقرب من 420 إضراباً في عام 2022، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى عشرات الآلاف من العمال المضربين في نقابة ممثلي الشاشة - الاتحاد الأميركي لفناني التلفزيون والراديو ونقابة الكتاب الأميركية.
وتمثل الإضرابات "الكبيرة" التي شارك فيها 1000 عامل أو أكثر حتى الآن 16 حالة توقف عن العمل فقط هذا العام، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأميركي، ويقارن ذلك بالارتفاع الأخير الذي بلغ 25 حالة توقف عمل رئيسة مسجلة في عام 2019 و 23 في العام الماضي.
وأدت هذه الإجراءات إلى المزيد من الجهود التنظيمية ودعم أكبر من قبل الأميركيين للعمل المنظم. وتفيد تقارير غالوب أن دعم النقابات العمالية بلغ 71% من الأميركيين في عام 2022 – وهي أعلى نسبة منذ عام 1965.
ويجري "عمال السيارات المتحدون" (UAW) مفاوضات لما يقرب من 150 ألف عامل مع جنرال موتورز وفورد موتور وستيلانتس، وسيكون 14 سبتمبر الموعد النهائي.
وأدت العديد من إضرابات الأعمال حتى الآن هذا العام إلى انتصارات كبيرة لأعضاء النقابة.
وفي أعقاب الإضرابات ضد شركات مثل "دير" و"سي إن إتش اندستريال"، حقق UAW الكثير مما كان يطالب به: زيادة الأجور بنسبة 10%، وإضافة أو تحسين المعاشات التقاعدية، واستعادة تعديلات تكلفة المعيشة.
ويدعو الآن إلى تحسينات مماثلة من شركات صناعة السيارات في ديترويت.
وصادق عمال UPS يوم الثلاثاء على صفقة عمل ضخمة مدتها خمس سنوات تتضمن زيادات كبيرة في الأجور وتحسينات أخرى على قواعد العمل وجداوله الزمنية. وسيبلغ متوسط أجر سائقي الشركة -الذين يمثلهم اتحاد Teamsters، الذي يمثل حوالي 340 ألف عامل في شركة التوصيل العملاقة- 170 ألف دولار في الأجور والمزايا في نهاية الصفقة التي تبلغ مدتها خمس سنوات.
وصادق الطيارون في شركتي دلتا إيرلاينز وأميركان إيرلاينز على عقود بقيمة مليارات الدولارات، بعد أشهر من الاعتصامات والتصويت على ترخيص الإضراب، على الرغم من أن إضرابات الطيارين نادرة للغاية وتتطلب عملية طويلة بموجب قانون العمل الأميركي.
وتوصلت شركة يونايتد إيرلاينز إلى اتفاق مبدئي مع نقابة الطيارين الشهر الماضي للحصول على زيادات تصل إلى 40% على مدى أربع سنوات. ودفعت الصفقة الخطوط الجوية الأميركية إلى تقديم عرض أفضل لطياريها.
وبدأت نقابات شركات الطيران مفاوضات على مستوى الصناعة عندما ضربت جائحة كوفيد - 19، مما أدى إلى عرقلة محادثات العقود. ولم يتلق العديد من الموظفين مثل الطيارين والمضيفات زيادات في الأجور منذ انتهاء الزيادات المتعاقد عليها في الأجور، على الرغم من ارتفاع التضخم.
وفي الوقت نفسه، اشتكت النقابات من الجداول الزمنية المرهقة، وألقت باللوم على إدارة شركات الطيران في اضطرابات الرحلات الجوية.
وبينما تلقت شركات الطيران 54 مليار دولار من مساعدات دافعي الضرائب لإبقاء العمال في وظائفهم أثناء الوباء، وزعت شركات الطيران حزم التقاعد المبكر على الآلاف من موظفيها.
وفي هوليوود، يسعى الفنانون والكتّاب إلى الحصول على أجور أعلى ومدفوعات أفضل، وهو ما يرتبط بنجاح البث المباشر.
ويطالب الكتاب أيضاً بالتعويض خلال عملية ما قبل الإنتاج والإنتاج وما بعد الإنتاج، وهو أمر نادر نسبيًا في الصناعة الآن.
ولا يسعى العمال إلى الحصول على أجور أعلى فحسب، بل إلى تحسين نوعية حياتهم، لا سيما في أعقاب ظروف العمل الوبائية.
وتبحث مواهب هوليوود عن استوديوهات لتنفيذ قواعد جديدة، بما في ذلك الحد الأدنى من متطلبات التوظيف للكتاب، بالإضافة إلى أحكام الاختبار وظروف عمل أفضل ومزايا صحية ومعاشات تقاعدية أفضل للممثلين. وتطلب النقابات أيضاً بالحماية عندما يتعلق الأمر باستخدام الذكاء الاصطناعي داخل الصناعة.