خاص
خاص

بين التضخم وسعر الجنيه.. أبرز أولويات السيسي الاقتصادية

يُواجه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ملفات اقتصادية صعبة، في ظل مرحلة عالمية معقدة سياسياً واقتصادياً، وذلك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

ولكن بعيدًا عن الوضع السياسي، فإن الأولوية الأولى للمصريين هي الاقتصاد المتعثر، الذي كان في حالة سقوط حر منذ أوائل العام الماضي.

تضخم مستمر

قضايا التضخم والدين العام والدعم والأجور، أبرز ما سيواجه الرئيس السيسي في ولايته الجديدة، وفقًا للخبير الاقتصادي محمد شادي.

وأوضح شادي، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "هذه القضايا تتشابك مع قضايا أخرى، مثل العلاقة مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وسلاسل الإنتاج".

ولا يزال صندوق النقد الدولي ينتظر إجراء مراجعاته ربع السنوية بعد الموافقة على قرض لمصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار العام الماضي مع الاشتراط "بالتحول الدائم إلى نظام سعر صرف مرن".

وبحسب بيان صادر عن البنك المركزي المصري، تباطأ المعدل السنوي للتضخم الأساسي في البلاد خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى 35.9% في مقابل 38.1% في أكتوبر 2023.

التضخم والدين العام ودعم الأجور أبرز القضايا الاقتصادية في مصر
محمد شادي - خبير اقتصادي
تراجع سعر العملة

يشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة السويس المصرية، الدكتور جمال سلامة، إلى أنه "بالإضافة إلى التضخم، يُعد تراجع سعر العملة ووجود سعرين لها في السوق، واختفاء بعض السلع وزيادة الأسعار في الشارع المصري، من أبرز القضايا الاقتصادية التي تواجه مصر في الوقت الحالي".

فقد خسرت العملة المصرية أكثر من نصف قيمتها منذ مارس 2022 في سلسلة من تخفيضات قيمة العملة التي أدّت إلى ارتفاع أسعار المستهلكين في الاقتصاد المعتمد على الاستيراد، وبلغ التضخم مستوى قياسيًّا بنحو 40%.

وأشار سلامة، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، إلى أن "السيسي يحتاج إلى التركيز على جذب الاستثمارات المباشرة، المحلية والأجنبية، كجزء من جهوده لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تعصف بمصر".

وتُعدُّ الاستثمارات المباشرة من أهم مصادر التمويل للتنمية الاقتصادية، حيث تساعد على خلق فرص العمل، وزيادة الإنتاجية، وتحسين الصادرات، وفق سلامة الذي يرى أن "الفترة المقبلة تحتاج إلى رجال اقتصاد في المشهد السياسي للتعامل مع الأزمات الاقتصادية".

السيسي يحتاج إلى التركيز على جذب الاستثمارات المباشرة المحلية والأجنبية
جمال سلامة - أستاذ علوم سياسية بجامعة السويس المصرية
إفساح المجال للقطاع الخاص

من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد المصري والمستشار بالبنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، أن "وثيقة سياسة ملكية الدولة هي الأساس الذي ينطلق منه أي ملف اقتصادي في مصر، لأنها تحدد الإطار العام لمشاركة الدولة في النشاط الاقتصادي".

وأوضح عنبر، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "الدولة المصرية اتخذت خطوات مهمة في إطار سياسة ملكية الدولة، التي تُعد أكبر من مفهوم الخصخصة، مع الأخذ في الاعتبار عملية إفساح المجال للقطاع الخاص، وتقليص دور الدولة في الأنشطة الاقتصادية غير الأساسية".

وتُعد وثيقة سياسة ملكية الدولة المفتاح السحري الذي يحتاجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي، حيث تستهدف زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، ما سيؤدي إلى تحقيق أهداف اقتصادية عدة، منها حل مشكلة البطالة، وخفض معدلات التضخم، وخفض الدين العام، وفق تقدير الدكتور محمود عنبر.

وبذلك، فإن وثيقة سياسة ملكية الدولة هي خطوة مهمة في مسار إصلاح الاقتصاد، ويمكن أن تُسهم بنحو كبير في تحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

واتخذت الدولة خطوات عديدة لتحسين البيئة الاستثمارية في مصر، سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية أو بالإطار التشريعي المناسب أو بالاستقرار الأمني والسياسي، وفق المستشار بالبنك الدولي.

وثيقة سياسة ملكية الدولة هي الأساس الذي ينطلق منه أي ملف اقتصادي في مصر
محمود عنبر- مستشار بالبنك الدولي
تحديات أخرى

في الوقت الذي تعانيه الدولة من ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الجنيه، تُواجه مصر تحديات أخرى، مثل تصاعد الأحداث الإقليمية، ورفع أسعار الفائدة الأميركية، وفق تقدير أستاذ الاقتصاد والطاقة المصرية، الدكتورة وفاء علي.

وأضافت علي، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "المرحلة المقبلة تتطلب استمرار العمل على تحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة، خصوصًا قطاع الصناعة، الذي يُعد ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية، والهدف الحقيقي للتنمية المستدامة".

ويمكن تحقيق ذلك من خلال تضافر الجهود وتكامل الأدوار بين القطاع الخاص والدولة، بهدف خلق اقتصاد تنافسي قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.

ووفق الدكتورة وفاء علي، يجب وضع خطة لإحداث التكامل بين السياسة النقدية والمالية، على أساس أن أسعار الفائدة ليست السلاح الوحيد لكبح التضخم.

وتحتاج الفترة المقبلة إلى دعم المشروعات المتجهة إلى الاقتصاد الإنتاجي وليس الريعي ومراقبة الأثر المالي، إضافةً إلى توسيع مظلة الحماية الاجتماعية ونطاقها، لتشمل أكبر عدد من الأسر الأشد احتياجًا في مصر، مع المضي قدمًا في الأطروحات الحكومية، وفق تصريحات وفاء علي.

وأضافت أن "الدولة تخوض تحديًا عالميًّا لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لذا فالإسراع في الأطروحات الحكومية يُعدُّ نقطة فارقة في توفير السيولة النقدية".

ووجهّت نداءً لحل مشكلة سعر الصرف، وذلك بوضع سعر موحد يطمئن المستثمرين الأجانب والمحليين، وطالبت بدعم قطاعات واعدة تُسهم في دعم الناتج القومي، مثل الصناعات التحويلية وقطاع التكنولوجيا والتصنيع الغذائي، واستكمال مشروع القرن "حياة كريمة" وربطه بصناعات جديدة من خلال مبادرة "ابدأ" لدعم توطين الصناعة.

ولفتت إلى أهمية المضي في تكملة ما بدأته الدولة المصرية بشأن تداول الطاقة والعمل على زيادة الاستثمارات في هذا المجال، إضافة إلى دعم فكرة الاكتفاء الذاتي بمشروعات الزراعة، واستصلاح الأراضي الزراعية الجديدة.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com