خاص
خاصمصنع غاز أميناس الجزائري

كل دروب الطاقة الأوروبية ستعبر من روما

تقرير: إيطاليا ستكون جسر الطاقة بين الجزائر وأوروبا

وسط تفاقم أزمة الطاقة في القارة الأوروبية، نتيجة الحرب في أوكرانيا والتغيرات الجيوسياسية العالمية اللاحقة، وتصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوروبا، أصبح تأمين موارد الطاقة من غاز ونفط، الشغل الشاغل للعديد من كبار قادة القارة العجوز، وعاد الغاز الجزائري إلى الواجهة، حيث توافد كبار المسؤولين والسياسيين في الاتحاد الأوروبي إلى الجزائر مؤخراً لتعزيز العلاقات، خاصة في قطاع الطاقة.

ونشر معهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا ISPI، تقريراً يُظهر أهمية غاز الجزائر ومصادر الطاقة، خاصة أنها تُعد أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي في أفريقيا، وشريكة موثوقة لأوروبا.

واردات الغاز الجزائري

دخلت الجزائر في نادي الدول المصدرة للطاقة، مع أول اكتشاف لحقول النفط عام 1956، ليستحوذ النفط والغاز على اقتصاد البلاد منذ ما يقرب من 70 عاماً.

وبحسب التقرير الإيطالي، تُصدر الجزائر نحو 80% من الغاز إلى القارة الأوروبية، مشكلاً نحو 10% من إجمالي واردات الغاز لأوروبا، خلال المدة بين 2020 و2021، ولا يزال هناك مجال لزيادتها، لكنه يعتمد على خفض الطلب في البلاد وارتفاع المعروض.

ومن التدابير الرئيسية لخفض الطلب على الغاز، بتركيب محطات كهرباء تعمل بنظام الدورة المركبة للغاز، لتحل محل المحطات القديمة الأكثر استهلاكاً للوقود.

إضافة إلى حاجة الجزائر، لزيادة إمدادات الغاز عبر تحقيق أقصى استفادة من خطوط الأنابيب ومحطات الإسالة، والتخطيط لقدرات تصديرية جديدة، إلى جانب تطوير أنشطة التنقيب والإنتاج، بهدف اكتشاف المزيد من الغاز داخل الأراضي الجزائرية.

وأعلنت شركة النفط والغاز الحكومية سوناطراك في يونيو 2022، عن اكتشاف ضخم بحقل حاسي الرمل، الذي يُعرف بـ إل دي 2 أو لياس الكربوناتي، والذي يُعد أكبر الاكتشافات في البلاد خلال العقدين الماضيين، وكشفت التقييمات الأولية عن وجود قرابة 100 إلى 340 مليار متر مكعب من الغاز المكثف.

ووفقاً لخبراء، يمكن توسيع نطاق أنشطة المنبع، لا سيما أن ثلثي الأراضي الجزائرية غير مكتشفة حالياً، ويضمن استعمال أفضل التقنيات الجديدة لحقول الغاز الحالية زيادة الإمدادات، كما أن موارد الغاز الصخري الجزائرية غير المستغلة، وهي فرصة استراتيجية ضخمة، نظراً لامتلاك البلاد ثالث أكبر احتياطيات منه في العالم.

إيطاليا أقرب الدول الأوروبية

وأشار التقرير إلى أن إيطاليا كانت في طليعة الدول الأوروبية، تعاوناً مع دول جنوب البحر المتوسط في قطاع الطاقة، وأعطت الأولوية إلى الجزائر، حيث ساهمت زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني 22 يناير الجاري إلى الجزائر في تعزيز العلاقات بين البلدين.

ويأتي ذلك لعدة عوامل، كالقرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية، والبنية التحتية الحالية، مثل خط أنابيب نقل الغاز أنريكو ماتيي ترانسميد، بسعة 34 مليار متر مكعب، والاحتياطيات الضخمة من الغاز 4.5 تريليون متر مكعب عام 2021، أي ما يعادل 2.3% من احتياطيات الغاز المؤكدة في العالم.

ووقع البلدان 5 مذكرات تفاهم جديدة في قطاع الطاقة، تتضمن تعزيز التعاون ودراسة أفضل الطرق لزيادة صادرات الطاقة من الجزائر إلى إيطاليا، عبر إنشاء خط أنابيب جديد لنقل الهيدروجين من الجزائر إلى روما، ومد خط كهربائي بحري يربط بين البلدين، وتطوير مشروعات خفض انبعاثات الكربون في منشآت إنتاج الهيدروكربونات بالجزائر.

إيطاليا أم إسبانيا

يتوقع التقرير أن تبلغ إمدادات الغاز الجزائري إلى روما 28 مليار متر مكعب بحلول 2024، وفقاً لتصريحات الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكالزي.

فقد وقّعت شركتا إيني الإيطالية وسوناطراك الجزائرية اتفاقية لزيادة صادرات الغاز عبر خط أنابيب ترانسميد، في أبريل 2022، وبموجب الاتفاقية، ستستغل الجزائر سعة خط أنابيب ترانسميد الاحتياطية لزيادة حجم إمدادات الغاز تدريجياً، وصولاً إلى 9 مليارات متر مكعب سنوياً في عامي 2023 و2024، لتصبح بذلك أول مورد للغاز إلى إيطاليا.

وفي أواخر عام 2021، أوقفت الجزائر صادرات الغاز عبر خط أنابيب الغاز المغربي الأوروبي، الذي يربط الجزائر في إسبانيا عبر المغرب، فور انتهاء العقد بين الجزائر والمغرب، وفشل البلدان في تجديده بسبب الخلافات السياسية، حيث تدهورت العلاقات الثنائية بين إسبانيا والجزائر بسبب تغير الموقف الإسباني ودعمه للموقف المغربي والصحراء الغربية.

ولا تزال إسبانيا تستورد الغاز الجزائري عبر خط أنابيب ميدغاز، إلى جانب إمدادات الغاز المسال.

الغاز الجزائري مُنقذ أوروبا

وأوضح التقرير الإيطالي، أنه يمكن للدول الأوروبية التنسيق فيما بينها، لتحويل بعض الغاز الجزائري المتجه إلى إسبانيا، عبر خط الأنابيب إلى إيطاليا باستعمال السعة غير المستغلة، لخط أنابيب ترانسميد، خاصة أن إسبانيا لا تعتمد على الغاز الروسي، لكن لديها قدرة على استقبال المزيد من إمدادات الغاز المسال.

وتتيح الفرصة لإيطاليا لتحقيق استفادة من الغاز الجزائري المنقول عبر خطوط الأنابيب، ومن ثم يمكنها تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، بحسب معلومات منصة الطاقة المتخصصة.

ويساعد التنسيق بين الدول لتصبح إيطاليا جسراً لبقية الدول، لا سيما مع فقر البنية التحتية التي تربط إسبانيا بفرنسا، لكن إيطاليا متصلة بشمال ووسط أوروبا، عبر خط أنابيب ترانزيت غاز عبر سويسرا، وخط أنابيب ترانس أوستريا غاز عبر النمسا.

ووقّعت مؤخراً، شركة سوناطراك عقداً جديداً مع إيني الإيطالية، وأوكسيدنتال الأميركية، وتوتال إنرجي الفرنسية بقيمة 4 مليارات دولار، لاستغلال حقول النفط والغاز في منطقة بيركين.

لذا يمكن للجزائر زيادة الصادرات إلى أسواق أوروبا من خلال محطتي الغاز المسال سكيكدة وأرزيو، اللتين تبلغ طاقتهما الإجمالية 34 مليار متر مكعب سنوياً.

وخلص التقرير إلى أن الجزائر ستواجه معضلة في قدرتها على إنتاج الغاز في ظل تزايد الطلب المحلي، وباتت بحاجة ماسة إلى جذب الاستثمارات.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com