خاص
خاص

 حقول النفط الليبية.. قنبلة موقوتة تُهدد بخسائر فادحة

 بعد مرور أكثر من 13 عامًا على سقوط نظام مُعمر القذافي،  شبح الإغلاق يهدد مجددًا قطاع النفط الليبي، ليُعيد إلى الواجهة ورقة رابحة في يد الأطراف المتصارعة، هذا الأمر الذي طرأ على المشهد الليبي يعرض البلاد لمخاطر اقتصادية جمّة.

واليوم، يقفز خطر الإغلاق مجددًا إلى الواجهة، مع تصاعد التوترات بين الأطراف السياسية، وتهديد بعض المجموعات المسلحة بوقف الإنتاج، ويُنذر هذا التهديد بتداعيات وخيمة على الاقتصاد الليبي، الذي يُعاني شحّ السيولة وارتفاع معدلات البطالة والتضخم.

خسائر فادحة

ويُحذّر خبير النفط، أحمد عبد الكريم، من مخاطر إغلاق الحقول النفطية الليبية على الاقتصاد الليبي وسوق النفط العالمي، مشيرًا إلى أنّ "إغلاق الحقول يُهدد استقرار الإمدادات، ما قد يُؤدّي إلى فقدان الثقة في ديمومة تزويد السوق العالمية بالنفط الليبي".

ويُضيف، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أنّ "ذلك قد يُؤدّي إلى مغادرة المُستثمرين من سوق العمل الليبي، خوفًا من توقف إنتاج الطاقة الكهربائية، ما يُفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد".

وأكد عبد الكريم أنّ "استمرار التهديدات بإغلاق الحقول النفطية الرئيسة، سيُؤدّي إلى توقف الشركات المستوردة للنفط الليبي عن تحرير عقود جديدة، بسبب عدم الاستقرار في الإمدادات".

ويُحذر الخبير الاقتصادي من مخاطر توقف حقل الشرارة النفطي، أكبر حقل نفطي في ليبيا، مؤكدًا أنّ ذلك سيُؤدي إلى خسائر فادحة للاقتصاد المحلي.

ويُنتج حقل الشرارة نحو 320 ألف برميل من النفط يوميًّا، أي ما يُشكل ثلث إجمالي إنتاج ليبيا من النفط.

ويُشير عبد الكريم إلى أنّ "توقف الحقل سيُكلف الدولة خسائر فادحة، ليس فقط خلال فترة التوقف، بل على المدى الطويل أيضًا"، لذا يُطالب بضرورة تحكيم  العقل والتوصل إلى اتفاق بين طرفي النزاع، منعًا لإهدار نحو 150 مليار دينار ليبي.

إغلاق الحقول يُهدد استقرار الإمدادات ما قد يُؤدّي إلى فقدان الثقة في ديمومة تزويد السوق العالمية بالنفط الليبي
أحمد عبدالكريم - خبير نفطي
الأزمات السياسية أدّت إلى تراجع الإنتاج

ويُشكّل قطاع النفط شريان الحياة للاقتصاد الليبي، إذ يُغذي خزينة الدولة بنحو 105 مليارات دينار سنويًّا، ورغم أهميته البالغة، فإنّ هذا القطاع لم يحصل على نصيبه العادل من ميزانيات الدولة، ما يُعيق تطويره وزيادة قدرته الإنتاجية، حسب الخبير الاقتصادي، علي الشريف.

ويُشير، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إلى أنّ "ليبيا تمتلك مقومات هائلة لزيادة إنتاجها النفطي إلى مليوني برميل يوميًّا، لكنّ غياب الاستثمارات اللازمة، وتداعيات الأزمات السياسية والأمنية، تُهدد بتراجع الإنتاج بدلًا من زيادته".

ويُحذر الشريف من تكرار سيناريو العام الماضي، إذ جرى استهداف إنتاج 1.3 مليون برميل يوميًّا، بينما لم يتجاوز الإنتاج الفعلي مليون برميل.

ورأى أنّ "استمرار عمليات الإغلاق في قطاع النفط، قد يُؤدي إلى انهيار ثقة السوق في النفط الليبي، ففي العام الماضي، انخفضت إيرادات الدولة من النفط إلى نحو 99 مليار دينار، مقارنةً بعام 2022 الذي بلغت فيه إيرادات النفط نحو 105 مليارات دينار".

وُيُعدّ هذا الانخفاض مُقلقًا، في ظلّ اعتماد الاقتصاد الليبي على إيرادات النفط، إذ تُصدر الدولة ما بين 70% إلى 80% من نفطها إلى الدول الأوروبية، كما أن ليبيا تمتلك مقومات هائلة لزيادة إنتاجها النفطي إلى مليوني برميل يوميًّا وتحديدًا إلى إيطاليا.

ليبيا تمتلك مقومات هائلة لزيادة إنتاجها النفطي إلى مليوني برميل يوميًّا
علي الشريف - خبير اقتصادي
مفارقة وتهديدات جديدة

ومن جانبه، يُشير الخبير الاقتصادي، فوزي عمار، إلى أنّ "هذه الأحداث السياسية تُؤثّر سلبًا على  المؤسسة الوطنية للنفط، وتُعيق قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وتُقلّل من إيرادات الدولة".

ويُؤكد، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أنّ "قلة المخصصات المالية من وزارة النفط تُفاقم من الأزمة، إذ تُعيق أعمال الصيانة في خطوط نقل النفط والغاز، ما يُؤدي إلى توقف الإنتاج وتراجع الصادرات".

ويُطالب عمار بضرورة إيجاد حلول سريعة لمعالجة هذه الأزمات، وتوفير الدعم اللازم للمؤسسة الوطنية للنفط، لضمان استمرار عملها وتحقيق استقرار الإنتاج.

وفي ظلّ الأزمات العالمية المُتتالية، يُشكّل النفط الليبي ورقة ضغط قوية في يد الأطراف المتصارعة، لكنّه قد يُصبح أيضًا ورقة رابحة لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد، إذا تمّ استغلاله بحكمة، وفق تقدير الخبراء.

ويشهد قطاع النفط الليبي تحولًا خطيرًا في طبيعة الاحتجاجات، إذ أن عناصر  حرس المنشآت النفطية، الذين كانوا سابقًا حلقة وصل بين المحتجين والسلطات، باتوا الآن في صفوف المُحتجين، وفق الخبير الاقتصادي، فوزي عمار.

وهدد حرس المنشآت النفطية بإغلاق حقل شرارة، ومنحوا السلطات 10 أيام لتنفيذ مطالبهم، وأبرزها زيادة رواتبهم بنسبة 67%، ويُعدّ هذا التحول مُقلقًا، في ظلّ الاعتماد الكبير للاقتصاد الليبي على إيرادات النفط.

ويُشير الخبراء إلى أنّ "هذه الاحتجاجات تُمثل وسيلة ضغط جديدة على السلطات، وتُنذر بكارثة إذا لم توجد حلول سلمية تُجنّب ليبيا مخاطر الإغلاق".

وانخفضت معدلات إنتاج النفط الليبي لأول مرمالما دون المليون برميل يوميًّا خلال الأشهر الأولى من العام الحالي، وذلك بسبب تكرار عمليات الإغلاق، لذا يُطالب الخبراء بضرورة الحوار مع حرس المنشآت النفطية، والاستماع إلى مطالبهم، والعمل على إيجاد حلول تُرضي جميع الأطراف.

إغلاقات متكررة 

ومنذ عام 2011، تُعاني ليبيا ظاهرة إغلاق حقول النفط بنحو مُتكرر، لأسبابٍ مختلفة، بدءًا من الاحتجاجات العمالية وصولًا إلى الصراعات السياسية، ووفقًا للبنك المركزي الليبي، فقد تسببت هذه الإغلاقات في خسائر تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار.

وفي يونيو الماضي، هدّد رئيس الحكومة الليبية بوقف صادرات النفط والغاز من المناطق الخاضعة لسيطرتها، مما أثار مخاوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية.

وفي يوليو 2023، بدأت شرارة الإغلاقات من داخل أكبر الحقول الليبية "شرارة" الواقع جنوب غرب البلاد، يليها إغلاق حقل الفيل و108 حقول أخرى، احتجاجًا على اختفاء وزير المالية آنذاك، وفي يناير 2024، تجددت المخاوف بعد التهديد بإغلاق منشأتين للنفط والغاز بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com