أسعار البنزين.. ارتفاعات جديدة مع بدء سريان العقوبات على روسيا

بدأت أماندا مورغوفيتش توصيل السلع من محلات البقالة التابعة لـ Instacart منذ حوالي عامين. كانت الأموال الإضافية، التي تجنيها جيدة في البداية، ولكن مع وصول تكلفة البنزين الآن لحوالي 3.40 دولار للغالون في المتوسط في الولايات المتحدة، مقارنة بـ 2.40 دولار، عندما بدأت عملها، فإنها تفكر بجدية في اختيار الطلبات، التي يجب أن تأخذها، فالوظائف التي تتطلب الكثير من القيادة، لم تعد تستحق العناء بعد الآن.

انخفضت أسعار البنزين في الولايات المتحدة بشكل كبير عن يونيو الماضي، بعد أن كانت أعلى من 5 دولارات للغالون. ولا تزال مرتفعة بنسبة 40%، عما كانت عليه قبل عامين، ويراهن المحللون على أنها قد تقفز قريبًا إلى مستوى أعلى.

نتج حوالي نصف ارتفاع الأسعار خلال العامين الماضيين، عن زيادة تكلفة النفط الخام المستخدم في صناعة البنزين، بينما تأتي معظم الزيادات الباقية، من الفجوة المتزايدة بين أسعار الجملة للخام والبنزين. هذه الفجوة، تذهب إلى صافي أرباح شركات التكرير، وقد ارتفعت بنحو 80%، منذ أن بدأت السيدة مورغيفيتش عملها الجانبي.

وقال بعض المحللين، إن أسعار البنزين مهيأة للارتفاع أكثر، بسبب النقص الذي يلوح في الأفق في أحد المنتجات البترولية، يسمى زيت الغاز الخوائي أو VGO.

VGO هو في الأساس الحمأة، التي تبقى بعد أن يتم تقطير المنتجات الأخف وزنا والأكثر قيمة، بواسطة المصافي من النفط الخام. تمتلك المصافي المعقدة، مثل العديد من المصافي في الولايات المتحدة وأوروبا، المعدات اللازمة لمعالجة VGO وتحويله إلى بنزين.

أما المصافي الأقل تعقيداً، مثل الكثير في روسيا، فتفتقر إلى هذه القدرة، وحتى وقت قريب، كانت روسيا أكبر مصدر في العالم لـ VGO، وذهب معظمها إلى الولايات المتحدة وأوروبا.

والآن، يمكن للعقوبات الغربية على صادرات روسيا من المنتجات المكررة، والتي دخلت حيز التنفيذ في وقت سابق من هذا الشهر، وأوقفت معظم الواردات الأوروبية من VGO، أن تقلل من قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على إنتاج البنزين.

وقال بعض المحللين، إن التأثير المحتمل للعقوبات على إمدادات الديزل وأسعاره، معترف به على نطاق واسع، لكنه يتضاءل مقارنة بالعواقب المحتملة على البنزين.

أسعار الوقود مرتفعة بالفعل بشكل عام فيما يتعلق بالنفط، ويرجع ذلك في جزء كبير منه، إلى إغلاق العديد من المصافي في جميع أنحاء العالم بشكل دائم، بعد أن أدى الوباء إلى انخفاض حاد في الطلب على الوقود الأحفوري. ومع انحسار الوباء، ارتفع الطلب وتجاوز قدرة العالم على خلق المزيد من العرض.

وتبلغ قدرة التكرير في العالم حوالي 900 ألف برميل يوميًا، أقل مما كانت عليه في عام 2019، وفقًا لريك جوسويك، محلل أسواق النفط العالمية في S&P Global Commodity Insights. وفي الوقت نفسه، تتوقع وكالة الطاقة الدولية، أن يتجاوز الطلب العالمي لهذا العام على المنتجات المكررة، المستوى القياسي لعام 2019 بمقدار مليون برميل يوميًا.

ونتيجة لذلك، ارتفعت هوامش الربح وأسعار أسهم مصافي التكرير، مثل فاليرو إنرجي كورب Valero Energy Corp، وماراثون بيتروليوم كورب Marathon Petroleum Corp، وفيليبس 66 Phillips 66.

احتل الديزل الصدارة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الطلب عليه ظل قوياً خلال الوباء، وارتفعت أسعار وقود الطائرات في الآونة الأخيرة، على خلفية الطفرة في السفر الجوي الآسيوي، الذي دفعه تخفيف الصين القيودَ المفروضة على عهد كوفيد.

يتم إنتاج ملايين البراميل من VGO، بواسطة المصافي كل يوم، ولكن يتم استهلاك معظمها في الموقع، بدلاً من بيعها في السوق. يقدر فرانشيسكو مارتوتشيا، خبير استراتيجي للطاقة في سيتي غروب، أنه قبل العقوبات، كانت روسيا تستحوذ على ما يقرب من 80% من سوق VGO، وأن فقدان إمداداتها قد يضعف إنتاج البنزين، بما يصل إلى 450 ألف برميل يوميًا.

هذه حصة صغيرة من استهلاك البنزين في الولايات المتحدة، والذي بلغ حوالي 8 ملايين برميل يوميًا مؤخرًا.

قال موكيش ساهديف، المحلل في شركة الاستشارات ريستاد إنرجي Rystad Energy، إن ما يجعل البنزين المصنوع من VGO ضروريًا للأسعار، هو أنه يشكل جزءًا كبيرًا من تقلبات الطلب الشهرية.

وقال إنه إذا اختفى VGO الروسي، فسيتعين على الولايات المتحدة اللجوء إلى مصادر أخرى، أكثر تكلفة في آسيا والشرق الأوسط، لمثل هذه الإمدادات الهامشية. وهذا يعني أن الزيادات في أسعار البنزين، يمكن أن تكون أكثر حدة مما كانت عليه في الماضي.

من غير المحتمل أن يؤدي نقص VGO إلى ارتفاع أسعار البنزين، إلى المستويات القياسية التي وصلت إليها في يونيو الماضي. قد يتم إبقاء ارتفاع الأسعار تحت السيطرة، من قبل السائقين الذين يقللون الأميال استجابةً لذلك، وهو ما قال المحللون إنه كذلك أحد الأسباب الرئيسية، وراء انخفاض استهلاك الولايات المتحدة من البنزين العام الماضي، بشكل ملحوظ عما في عام 2019.