أسهمت التقنيات الخالية من الكربون في ما يزيد على 40% من إنتاج الكهرباء العالمي في عام 2023، محققةً تقدماً ملحوظاً في الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة.
وفقاً لتقرير صادر عن "بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس"، نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الطاقة المتجددة، بما في ذلك الرياح والطاقة الشمسية، شكلت 17% من إجمالي إنتاج الكهرباء، على حين أسهمت الطاقة الكهرومائية والنووية بنسبة 24% إضافية.
وعلى الرغم من هذه الزيادة في استخدام الطاقة النظيفة، لا يزال الوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والغاز الطبيعي، يهيمن على المشهد، إذ شكل 57% من إنتاج الكهرباء العالمي في العام الماضي.
ميريديث آنيكس، رئيسة قسم الطاقة النظيفة في "بلومبيرغ نيو إنرجي فاينانس"، أكدت الزيادة المستمرة في اعتماد الطاقة المتجددة، مشيرة إلى أن هذا الاتجاه يتعزز كل عام، وأضافت قائلة: "لقد شهدنا نمواً مطرداً في نسبة استخدام الطاقة المتجددة، وقد حققنا في هذا العام إنجازات كانت تبدو صعبة المنال في السنوات السابقة".
في عام 2023، شكلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ما يزيد على 90% من إجمالي إضافات الطاقة العالمية، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بعام 2022، وتجاوزت سعة طاقة الرياح العالمية حاجز التيراواط، من جانبها حققت البرازيل، التي تمتلك أحد أنظف مزيجات الطاقة بين دول مجموعة العشرين، نسبة 88% من توليد الطاقة من مصادر متجددة في العام الماضي.
يشهد قطاع الطاقة المتجددة زخماً كبيراً، مدفوعاً بشكل رئيس بالاستثمارات الكبيرة في الطاقة الشمسية، فقد أعلنت الإدارة الوطنية للطاقة الصينية أن الصين، التي تمثل نحو ثلث الإنتاج العالمي للطاقة المتجددة في عام 2023، حققت هدفها لعام 2030 في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية قبل الموعد المحدد بست سنوات.
في خطوة أخرى، خفضت الصين إصدار التصاريح لمحطات توليد الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم، ما أثار تساؤلات بين المحللين حول إمكانية بلوغ الصين ذروة استهلاك الوقود الأحفوري هذا العام، يعد هذا التطور حاسماً؛ نظراً لأن الصين هي أكبر مصدر عالمي لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة.
رغم النمو السريع في قطاع الطاقة المتجددة، حذر تقرير حديث من أن الالتزامات العالمية الحالية لا تكفي للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف المنصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015، وأشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى ضرورة أن تخفض الاقتصادات المتقدمة انبعاثاتها بنسبة 80% بحلول عام 2035 لتحقيق هذا الهدف.
وفي ضوء نتائج مؤتمر المناخ العالمي (COP28) الذي عقد في ديسمبر الماضي، اتفقت الدول على مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، ولفت التقرير إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة بنسبة 160% مقارنة بمستوى عام 2023، وذلك خلال المدة من 2024 إلى 2030.
تظل الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة المتجددة ثابتة، إذ بلغت قيمتها 313 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024، مماثلة لمستوى العام الماضي.
وأشار التقرير إلى تحولات ملحوظة في هذا المجال، إذ شهدت الولايات المتحدة زيادة بنسبة 63% في متوسط الإنفاق مقارنةً بمستويات ما قبل عام 2022، يأتي هذا الارتفاع بفضل الإعانات والحوافز الضريبية التي قُدِّمَت بموجب قانون خفض التضخم، التي تهدف إلى تعزيز جهود إزالة الكربون.
من ناحية أخرى، سجلت الاستثمارات في الصين انخفاضاً بنسبة 4% مقارنةً بالمدة نفسها من عام 2023، ويرجع ذلك إلى تراجع تكلفة معدات الرياح والطاقة الشمسية، وليس إلى انخفاض الطلب كما أوضح التقرير.
وبالنظر إلى المستقبل، وصفت الخبيرة آنيكس النصف الثاني من عام 2024 بأنه "لحظة حاسمة" لمشهد الاستثمار في الطاقة المتجددة، على حين يشير التقرير إلى أن النمو الثابت قد يكون دليلاً على دخول الصناعة في مرحلة جديدة من الاستقرار، فإنه يبرز أيضاً الحاجة الملحة لتسريع توسع الطاقة المتجددة لتحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بصافي الانبعاثات الصفرية.