قفزة في أسعار الغاز.. أوروبا على شفا أزمة طاقة جديدة

خاص
خاص
عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، قررت أوروبا عدم استيراد الغاز من روسيا، ما جعلها تبحث عن حلفاء آخرين لإمدادها بالكميات، التي تحتاجها للتدفئة وتوليد الطاقة.

ولذلك لجأت إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول العربية المصدرة للغاز، مثل مصر وقطر والجزائر، وبالفعل ساهمت هذه الدول في سد احتياجات أوروبا من الغاز خلال الشهور الماضية، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهى أوروبا، فقد أدى اندلاع حرب غزة والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، إلى توقف إمدادات الغاز من إسرائيل إلى مصر، وتأثرت حركة الملاحة والنقل بشكل أو بآخر في الممرات الملاحية الهامة بالمنطقة، مثل مضيق هرمز وخليج السويس.

وفي أول رد فعل على ذلك، قفزت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي بشكل غير مسبوق، بعد زيادة احتمالية خطر توقف تدفقات الغاز الطبيعي المسال من مصر إلى القارة العجوز، في الوقت الذي تشتد فيه حدة الصراع بين إسرائيل وحماس.

قفزة في أسعار الغاز

وبحسب وكالة بلومبرغ، ارتفعت العقود الآجلة لشهر ديسمبر، وهي العقود الأكثر نشاطاً، بنسبة 4.4% لتصل إلى 55.37 يورو لكل ميغاوات في الساعة، بينما ارتفع عقد نوفمبر، بنسبة 4.7% ليصل إلى 52.90 يورو لكل ميغاوات في الساعة.

وزادت أسعار الغاز بنحو 30% عما كانت عليه قبل اندلاع الحرب قبل 3 أسابيع، ما يسلط الضوء على مدى ضعف السوق الأوروبية في مواجهة العوامل الجيوسياسية بعد أزمة الطاقة في العام الماضي.

وقال رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، أولي سلوث هانسن: “إن القفزة في أسعار الغاز أثارت مخاوف بشأن العرض، وعلى الرغم من أن انقطاع الإمدادات من مصر أمر حقيقي، إلا أن السوق تحاول أيضاً تسعير علاوة المخاطر المرتبطة بانقطاع أوسع للإمدادات عبر مضيق هرمز، والذي تبدو مخاطره محدودة في الوقت الحالي”، وفقاً لما ذكرته بلومبرغ.

مخاوف العرض

ومع عدم تدفق الغاز الآن من إسرائيل إلى مصر، فمن غير الواضح متى يمكن أن ترتفع الصادرات المحمولة بالناقلات من الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، حيث تستخدم مصر الغاز الإسرائيلي، فضلا عن إنتاجها الخاص، لتلبية الطلب المحلي وتصدير الوقود عبر محطتين للغاز الطبيعي المسال، وقد أدى ارتفاع الاستهلاك المحلي في هذا الصيف إلى توقف الشحنات لأوروبا.

ووفقا لوزارة البترول المصرية، عززت مصر مكاسبها من صادرات الغاز المسال إلى أوروبا خلال عامي 2021 و2022، من خلال تصدير مصنع إسالة الغاز الطبيعي، في محافظة دمياط شمال البلاد نحو 7.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال خلال عامي 2021 و2022، منها نحو 4 ملايين طن تم تصديرها خلال العام الماضي، وهى أكبر كمية يقوم المصنع بتصديرها على الإطلاق منذ بدء تشغيله في عام 2005.

تهديد رئيسي

ورغم أن مصر لا توفر عادة سوى جزء صغير من الغاز لأوروبا، فإن التهديد الرئيسي لأسواق الطاقة يتمثل في مشاركة قوى إقليمية أخرى وتعطيل مضيق هرمز، الذي يعد الممر المائي والبوابة الأكثر أهمية من وإلى الدول الغنية بالطاقة في الخليج العربي، لنقل النفط الخام والغاز الطبيعي المسال.

وتحتاج أوروبا إلى شحنات الغاز المسال من أي مصدر متاح لتزويد أسواقها، بعد أن أوقفت روسيا معظم تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب في ظل حربها المستمرة في أوكرانيا.

وبجانب ذلك، حدثت انقطاعات في الإمدادات داخل القارة العجوز مع انخفاض التدفقات من النرويج، أكبر مورد للغاز في القارة خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد عطل في الضاغط في محطة معالجة الغاز في نيهامنا.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت مصر أن وارداتها من الغاز الطبيعي تراجعت إلى الصفر من 800 مليون قدم مكعبة في اليوم، كما أغلقت شركة شيفرون هذا الشهر حقل تمار للغاز بإسرائيل، في ظل تصاعد حدة الصراع بين تل أبيب وحماس وأوقفت الصادرات عبر خط أنابيب تحت البحر لمصر.

أزمة طاقة منتظرة

في هذا الصدد، قال الدكتور جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إن أوروبا قد تشهد أزمة طاقة خلال الفترة المقبلة خاصة خلال فصل الشتاء، إذا استمرت حرب غزة والصراعات في الشرق الأوسط.

وأضاف القليوبي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن ارتفاع الأسعار في أوروبا مؤخرا، جاء نتيجة انخفاض المعروض من الغاز وقلة الإمدادات التي تصل إليها، مشيرا إلى أن حركة إمدادات الغاز ستكون محدودة خلال الفترة المقبلة بسبب التوترات والصراعات العسكرية في الشرق الأوسط، لأن نظرية العرض والطلب تعتمد على المعروض، والمعروض حاليا بدأ ينخفض نتيجة هذه التوترات.

وأوضح أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن هذه التوترات تؤثر على حركة النقل والملاحة في خليج السويس بالنسبة لناقلات الغاز التي تمر بقناة السويس، وبحر العرب للمرور بالمحيطات، لافتا إلى أن ذلك سيؤدي إلى بطء في وصول إمدادات الغاز لأوروبا ما يعني ارتفاع الأسعار.

وأشار القليوبي إلى أنه مع استمرار الحرب والعمليات العسكرية سوف ترتفع تكلفة تأمين حركة ناقلات الغاز والنفط، ما يؤدي إلى أزمة طاقة في أوروبا خلال الشهور المقبلة، خاصة وأننا مقبلون على فصل الشتاء الذي تعتمد فيه القارة العجوز على الغاز بنسبة 70% في أعمال التدفئة من البرد القارس.

وبالإضافة إلى الحرب والصراعات في الشرق الأوسط، يرى أستاذ هندسة البترول في الجامعة الأميركية بالقاهرة، أن هناك أسبابا أخرى قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز وقلة إمداداته إلى أوروبا، أهمها صيانة خط جرين ستريم الرابط بين ليبيا وإيطاليا، وصيانة الآبار في الجزائر التي ستؤدي إلى تقليص إمدادات الغاز لفرنسا.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com