خاص
خاصإعادة تشغيل أنبوب غاز نورد ستريم بين روسيا وألمانيا بعد أعمال صيانة

غاز الجزائر وقطر ومصر.. بديلاً لروسيا في أوروبا

هل تنجح القارة العجوز في الاستغناء عن موسكو؟
تتطلع الدول العربية المنتجة للغاز الطبيعي إلى لعب دور متقدم في توفير إمدادات الغاز للأوروبيين بدلا عن الغاز الروسي الذي حظرته موسكو منذ بدء حربها مع أوكرانيا.

ووقّعت قطر والجزائر اتفاقات مهمة مع الجانب الأوروبي لتوفير احتياجات هذه الدول من الغاز الطبيعي المسال مع استمرار الأزمة في أوكرانيا وانحسار إمدادات الغاز الروسي، بينما استأنفت مصر من جانبها تصدير كميات من الغاز الطبيعي منذ أكتوبر الماضي بعد انقضاء فترة ذروة الاستهلاك المحلي.

وفي العادة، تزود روسيا أوروبا بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب، ووفق إحصائيات رسمية فقد بلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب، ويصل الغاز الروسي إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية عن طريق أوكرانيا.

وفتحت الحرب في أوكرانيا الباب أمام الأوروبيين للبحث عن بدائل وعن أسواق جديدة، وأظهرت بيانات حديثة أن صادرات الغاز الجزائري إلى أوروبا من خلال خطوط الأنابيب، جاءت في المركز الثاني بعد النرويج، التي تصدرت بفارق كبير.

وشملت هذه الإحصائيات الصادرات المتجهة إلى دول أوروبا عبر خطوط الأنابيب فقط، ولا تشمل شحنات الغاز الطبيعي المسال، وجاء الغاز الجزائري متقدمًا على 3 دول أخرى، هي روسيا وأذربيجان وليبيا.

وكشفت قائمة الخمس الكبار المصدّرة أن إجمالي صادرات الغاز المتدفقة إلى دول الاتحاد الأوروبي، بلغت في أغسطس الماضي 453 مليون متر مكعب يوميًا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وإضافة إلى الجزائر طرحت قطر نفسها كأحد البدائل الرئيسية للغاز الروسي المتدفق إلى أوروبا، وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وقّعت قطر أكبر وأطول اتفاق لتصدير الغاز لأوروبا يوفر لفرنسا ما يصل إلى 3.5 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنويا لمدة 27 عاما.

وقالت شركة "قطر للطاقة" إن شركة تابعة لها، وشركة أخرى تابعة لـ "توتال إنرجيز"، وقعتا اتفاقيتي بيع وشراء طويلتي الأجل لتوريد شحنات الغاز إلى محطة "فوس كافاوو" للغاز الطبيعي المسال في جنوب فرنسا، بداية من 2026 ولمدة 27 عاما.

وفي 18 أكتوبر الماضي، عزّزت قطر الإمدادات التي ستوفرها من الغاز على المدى الطويل إلى أوروبا، إذ توصلت إلى اتفاق توريد مع هولندا لتوفير 3.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، لمدة 27 عاما أيضا.

وأعلنت قطر للطاقة أنه جرى التوقيع على اتفاقيتين لبيع وشراء الغاز الطبيعي المسال بين شركتين تابعتين لقطر للطاقة و"شل" البريطانية، في اتفاق شبيه بما تم التوصل إليه مع الفرنسيين.

وسيسُلّم الغاز الطبيعي المسال القطري من مشروع توسيع إنتاج الغاز الطبيعي المسال في حقل الشمال، إلى محطة استقبال للغاز الطبيعي المسال في ميناء روتردام الهولندي، بداية من 2026.

وكانت صحيفة "ذي تلغراف" البريطانية قد أكدت في تقرير لها أنّ القادة الأوروبيين يتدافعون على توقيع اتفاقات مع قطر، لملء الفراغ الذي خلَّفه فقدان الغاز الطبيعي الروسي.

وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على صادرات الطاقة الروسية؛ على خلفية حرب تشنها روسيا على أوكرانيا منذ فبراير 2022، وتبررها بأن خطط جارتها للانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تهدد الأمن القومي الروسي.

وتدخل مصر على الخطّ من خلال إعلان استئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال، وخلال العام الماضي بلغت عوائد مصر من تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الخارج نحو 8.4 مليار دولار، مقابل 3.5 مليار دولار، في عام 2021، بزيادة بلغت 140%.

وأكد وزير البترول المصري طارق الملا، في أكتوبر الماضي، استئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال بعد أن توقف خلال أشهر الصيف، حيث توجه مصر الغاز عادة في هذا الفصل لصالح الاستهلاك المحلي.

وعلّق الكاتب الباحث التونسي المختص، محمد علي خليفة، أنّ الحضور اللافت للدول العربية المنتجة للغاز الطبيعي على قائمة الدول المزوّدة لأوروبا بهذه المادة الاستراتيجية يمثّل دليلا على قدرة هذه الدول على ملء الفراغ الذي تركه القرار الروسي بوقف الإمدادات نحو أوروبا، مشيرا إلى ضرورة استثمار هذا السياق لعقد اتفاقات طويلة المدى، كما هو حال قطر مع فرنسا وهولندا.

وأضاف خليف،ة في تصريحات لـ "إرم بيزنس"، أنّ على الأسواق العربية في قطر والجزائر ومصر أن تعمل على إبرام عقود مستدامة حتى تبقى الأسواق الأوروبية مرتبطة ارتباطا وثيقا بكميات الغاز المصدرة من هذه الدول، ولا تفكّر في بدائل أخرى للطاقة، من خلال اللجوء إلى واردات الكهرباء من الدول المجاورة أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.

ويحذّر الكاتب والمحلّل محمد صالح العبيدي في المقابل من أنّ أوروبا لا تراهن كثيرا على الاسواق العربية لتكون بديلا للغاز الروسي، مشيرا في هذا السياق إلى تراجع تصدير الغاز الجزائري نحو أوروبا هذا العام قياسا بالعام 2022، الذي شهد حالة فزع وصدمة في أوروبا نتيجة اندلاع الحرب.

وقال العبيدي إنّ الاتحاد الأوروبي يمنح الأولوية دائما لدول الاتحاد والأسواق الأوروبية والقريبة، التي توفّر الغاز المسال بأقل كلفة ويخطط بالتوازي مع ذلك للبحث عن طاقات بدليلة تنهي تبعيته للروس من جهة وللأسواق التقليدية العربية وغيرها من جهة ثانية.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com