سعياً للثراء السريع.. البورصة الهندية تجذب ملايين المستثمرين

ارتفع مؤشر الأسهم الهندية S&P BSE Sensex بحوالي 16% خلال العام الجاري 2023 ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في شهر ديسمبر في ظل اندفاع المستثمرين إلى فتح أكثر من 11 مليون حساب جديد في البورصة الهندية حتى نهاية أغسطس من 2023، والتي أدت إلى تدفقات قياسية على الصناديق المشتركة المستهدفة للأسهم. واللعبة الأكثر شيوعا هي الاكتتاب في الأسهم المدرجة الجديدة في السوق، الأمر الذي يؤدي إلى قفزة بأسعار أسهم تلك الشركات في الأيام الأولى من الإدراج في البورصة.

وقال المدير الإداري لشركة الأبحاث في دلهي Prime Databas براناف هالديا: "إنه إغراء المال السريع"، "في صالة الألعاب الرياضية الخاصة بي الآن، يطلب الناس من قناة CNBC أن تتحدث عن هذه الاخبار في ساعات الصباح، هذه علامة واضحة على جنون السوق".

صعود أسعار بعض الأسهم المدرجة في الجديدة 50%

وبلغت قيمة طلبات اكتتاب المستثمرين حوالي 172 مليار دولار في طرح عام أولي هندي تبلغ قيمته الاجمالية نحو 5.3 مليار دولار، وفقاً لحسابات شركة الوساطة الهندية  IIFL Securitie، ولم يقتصر هذا الطلب الضخم على الشركات الناشئة الجديدة، بل كان هناك طاقة مملوكة للدولة، ومشغل مستشفيات، وبنك صغير من بين الشركات التي قفزت أسهمها أكثر من 50% بعد إدراجها هذا العام.

وقال جيتين كوشال، وهو مسؤول تنفيذي يبلغ من العمر 27 عاماً في شركة إقراض في ميروت، وهي مدينة في شمال الهند: "في الأسهم العادية، سيستغرق الأمر وقتا طويلاً للحصول على مثل هذه المكاسب"، حيث كشف كوشال بأنه قام مؤخراً بتقديم طلباً بقيمة 175 دولاراً للاكتتاب في شركة Inox India لتصنيع صهاريج تخزين الغازات المسالة، مفصحاً بأن خطته تقتضي بأنه في حال تضاعفت قيمة السهم في ذلك الادراج، سيسحب نصف المال وويضعه في الاكتتاب العام التالي.

وقال كوشال: "الاستثمارات في الأسهم هي وحدها القادرة على كسب المال" ويضيف: "من خلال الادخار لا يمكنك كسب المال". ولكن لم يحصل كوشال على أي أسهم في الاكتتاب العام الأولي لشركة Inox الذي تم الاكتتاب فيه بشكل كبير، في الوقت الذي بدأ السهم التداول هذا الأسبوع وأغلق أعلى من سعر إدراجه بأكثر من 40%.

اقتصاد البلاد القوي وسياستها حشد جيشاً من المستثمرين الأفراد الهنود، فمن المتوقع أن يحقق الاقتصاد الهندي نموا تبلغ نسبته 6.3% خلال عام 2023 وفقاً لصندوق النقد الدولي، مما يجعله واحداً من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم. كما أثارت الانتصارات الأخيرة التي حققها حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" التوقعات بأن حكومته ستتمسك بالسلطة عندما تجرى الانتخابات الفيدرالية في العام المقبل.

وعلق مستشار التكنولوجيا في دلهي تشارانجيف كالها على ذلك: "السوق... سوف تزدهر مع فوز مودي"، وأضاف "كالها" البالغ من العمر 51 عاماً إنه يستثمر في صناديق الاستثمار منذ أكثر من عقد من الزمن، لكنه لم يهتم بالاكتتابات العامة الأولية إلا في الآونة الأخيرة وقال: "السبب الذي ربما خطر على ذهني هو وجود الكثير من الأخبار حول هذا الموضوع". وقال "كالها" إنه يخطط للاحتفاظ بالأسهم على المدى الطويل.

7.3 مليار دولار قيمة الاكتتابات العامة في البورصة الهندية 2023

وأصدرت المزيد من الشركات أسهماً جديدة في الهند هذا العام أكثر من أي عام آخر في عشر سنوات على الأقل، على الرغم من أن معظم هذه الصفقات جاءت من شركات صغيرة، مما يحد من الحجم الإجمالي لتلك الاكتتابات، وبلغت قيمة الأسهم التي تم بيعها في الاكتتابات العامة الأولية الهندية وما تلاها من أسهم خلال 2023 ما قيمته 7.3 مليار دولار، لتنافس البورصة الهندية كل من أسواق هونغ كونغ واليابان والمملكة المتحدة في عام ضعيف بالنسبة للإدراجات العالمية. ولكن لا يزال المبلغ بعيداً عن المستويات القياسية التي سجلتها البورصة الهندية في 2021 باجمالي بلغ 18.4 مليار دولار حينذاك.

وكانت هيئة تنظيم الأوراق المالية في الهند اضافة إلى ظهور تطبيقات التداول من أبرز العوامل التي سهلت على المستثمرين الأفراد الاستثمار في البورصة. وقال هالديا من شركة الأبحاث Prime Database، في الماضي كان على المستثمرين الأفراد ملء النماذج للتقدم بطلب للشراء في أي اكتتاب عام في البورصة، ولكن الآن الأمر يقتصر ولا يتطلب سوى بضع نقرات، محذرا من أن العديد من المستثمرين الجدد لن يتحملوا تراجع السوق، وقال هالديا: "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيكون رد فعلهم عندما يحدث شيء ما".

نمو عدد المستثمرين الأفراد أكثر من 3 مرات خلال آخر 3 سنوات

وكان عدد المستثمرين الأفراد الذين يتداولون شهرياً في الأسهم في البورصة الهندي قد قفز من 3 ملايين في أوائل عام 2020 إلى حوالي 11 مليوناً في سبتمبر من العام 2023 وفقا لبيانات  NSE، في الوقت الذي أضاف فيه المستثمرون المحليون في نوفمبر من 2023 نحو ملياري دولار إلى صناديق الاستثمار المشتركة من خلال استثمار شهري دوري، أي ما يمثل أكثر من ضعف المبلغ الذي كانوا يضيفونه في نوفمبر 2020 وفقًا لبيانات من جمعية صناديق الاستثمار في الهند.

وقال سمسار البورصة في مومباي "ألوك تشوريوالا": "لقد أعطى هذا سوقنا الكثير من القوة المحلية".

ووفرت السوق المزدهرة خيار الخروج لمستثمري الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري، الذين باعوا 1.3 مليار دولار من الأسهم من خلال الاكتتابات العامة الأولية في عام 2023، كما باعوا 7.8 مليار دولار في السوق المفتوحة هذا العام، وفقا لبيانات برايم.

أمارديب سينغ، 31 عاما، الذي يدير شركة لصنع المخللات في فاراناسي، استثمر في الأسهم لسنوات عديدة لكنه تقدم بطلبات للاكتتاب العام الأولي لأول مرة هذا العام. وقال إن الطلب الكبير يجعل من الصعب الحصول على أسهم بعد تخصيص الأسهم. وقال سينغ: "هناك الكثير من المستثمرين الجدد الآن". "أينما وجد النمو فهذا هو المكان الذي سيستثمرون فيه".