جاكسون هول لم تُبدد فزع الأسواق.. احتمالات رفع الفائدة مستمرة

باول يرفع شعار الصبر.. ولم يغلق باب التكهنات
رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول
رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باولرويترز
تمخض الجبل فولد فأرًا.. أربع كلمات يمكن أن تصف حالة الأسواق والمتداولين، بعد كلمة جيروم باول في جاكسون هول، والتي كانت محط أنظار الجميع، أملًا في معرفة الخطوة المقبلة بشأن مستقبل أسعار الفائدة التي قفزت أعلى مستوياتها في 16 عامًا، وذلك تزامنًا وأجواء اقتصادية ملبدة بغيوم من البيانات الاقتصادية المتضاربة، التي تفرض سياجًا من عدم اليقين على قرارات المستثمرين وشهية المخاطر.

وبعد خطاب طويل تحدث خلاله رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول عن كل شيء، لم تجد الأسواق إجابة واضحة للسؤال الأهم إن لم يكن الوحيد.. هل يتوقف الفيدرالي عن رفع الفائدة أم يستمر؟

وكعادة جيروم باول في الشهريين الماضيين تزامنًا وبدء ظهور علامات على تباطؤ التضخم، ترك رئيس الاحتياطي الفيدرالي الباب مفتوحًا على مصرعيه أمام كافة الاحتمالات، تاركًا عصا القيادة للبيانات الاقتصادية التي سيتابعها الفيدرالي قبل الاجتماعات المقبلة.

وفي السطور التالية، سنعرض لأهم ما جاء في خطاب جيروم باول بجاكسون هول خلال الندوة السنوية لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي في متنزه غراند تيتون الوطني بولاية وايومنغ.

نعتزم الإبقاء على السياسة عند مستوى مقيد حتى نكون واثقين من أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو هدفنا
جيروم باول
باب الاحتمالات

وفي غضون ذلك، أكد جيروم باول أن التشديد النقدي بأقل من حاجة السوق قد يسمح لترسخ التضخم فوق المستوى المستهدف ويتطلب في نهاية المطاف سياسة نقدية أكثر عنفًا.

وفي الوقت ذاته، أشار رئيس الفيدرالي إلى أن التشديد النقدي بأكثر من الحاجة قد يؤدي أيضًا إلى إلحاق ضرر غير ضروري بالاقتصاد الأميركي إحداث ركود عميق.

وقال جيروم باول: "في ظل حالة عدم اليقين يجب أن نعير إدارة المخاطر أهمية بالغة، لذا فإن البنك في الاجتماعات القادمة، سيقوم بتقييم التقدم بناء على مجمل البيانات والتوقعات".

وأضاف جيروم باول: "سوف نحتاج إلى استقرار الأسعار لتحقيق فترة مستدامة من ظروف سوق العمل القوية التي تعود بالنفع على الجميع، وسنستمر في ذلك حتى تنتهي المهمة".

اقرأ أيضًا- أنباء أميركية تُشعل أسعار النفط.. لكن الرياح العكسية لا تزال قاتمة
مهمة الفيدرالي

وأكد رئيس الفيدرالي في الخطاب أن مهمة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي هي خفض التضخم إلى هدفنا البالغ 2% وأن البنك سيفعل ذلك دون تردد.

وقال جيروم باول: "لقد قمنا بتشديد السياسة بشكل كبير خلال العام الماضي، وعلى الرغم من أن التضخم قد انخفض من ذروته وهو تطور مرحب به إلا أنه لا يزال مرتفعا للغاية".

مستعدون للرفع

ولفت رئيس الفيدرالي الأميركي إلى أن البنك على استعداد لرفع أسعار الفائدة أكثر إذا كان ذلك مناسبا ولازمًا.

وقال جيروم باول: "نعتزم الإبقاء على السياسة عند مستوى مقيد حتى نكون واثقين من أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو هدفنا".

من الضرورة عدم الانخداع بتباطؤ التضخم الرئيس أو العام في الوقت الذي يقف خلاله التضخم الأساسي راسخًا
جيروم باول
المضي بحذر

وأشار جيروم باول إلى أنه نظرا للتقدم الذي تم إحرازه في مواجهة التضخم سيتم التقدم بحذر في الاجتماعات المقبلة بناءً على تدفق البيانات وتوقعات المخاطر.

وقال جيروم باول: "سيتحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بحذر عندما يقرر رفع أسعار الفائدة مرة أخرى أو البقاء ثابتا". 

اقرأ أيضًا- قبل كلمة باول ولاغارد.. تقلبات عنيفة تضرب الأسواق
روسيا وأوكرانيا

وأوضح جيروم باول أن الضغوط المستمرة للتضخم المرتفع نشأت في البداية من الاصطدام بين الطلب القوي للغاية والعرض المحدود بسبب الوباء.

وأشار رئيس الفيدرالي بدأ حملته حينما رفعت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة في مارس 2022.

بيد أنه وفي المقابل بدا من الواضح أن خفض التضخم سيعتمد على تفكيك تشوهات العرض والطلب غير المسبوقة المرتبطة بالجائحة وعلى تشديد سياستنا النقدية، وفقًا لجيروم باول.

ولفت جيروم باول إلى أن تأثيرات الأزمة الروسية الأوكرانية كانت من المحركات الرئيسة للتغيرات في التضخم الرئيسي في جميع أنحاء العالم منذ أوائل عام 2022. 

إشارة مضللة

ولفت جيروم باول إلى ضرورة عدم الانخداع بتباطؤ التضخم الرئيس أو العام في الوقت الذي يقف خلاله التضخم الأساسي راسخًا.

وأشار جيروم باول إلى ان التضخم الرئيس هو أكثر ما تواجهه الأسر والشركات بشكل مباشر، لذا فإن هذا الانخفاض يعد خبرا سارا للغاية.

بيد أنه وفي المقابل أسعار الغذاء والطاقة تتأثر بعوامل عالمية تظل متقلبة، ومن الممكن أن تقدم إشارة مضللة حول الاتجاه الذي يتجه إليه التضخم. 

وفي غضون ذلك، أكد جيروم باول أن البنك سيركز في الفترة المقبلة على التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، والذي يغفل مكونات الغذاء والطاقة.

مستعدون لرفع أسعار الفائدة أكثر إذا كان ذلك مناسبا ولازمًا.. ونعتزم الإبقاء على السياسة عند مستوى مقيد حتى نكون واثقين من أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو هدفنا
جيروم باول
مجرد بداية

وأشار جيروم باول إلى أنه وعلى أساس 12 شهرا، بلغ التضخم الأساسي لنفقات الاستهلاك الشخصي ذروته عند 5.4% في فبراير 2022 وانخفض تدريجيًا إلى 4.3% في يوليو.

وقال جيروم باول: "كانت القراءات الشهرية المنخفضة للتضخم الأساسي في شهري يونيو ويوليو موضع ترحيب، ولكن شهرين من البيانات الجيدة ليست سوى بداية ما يتطلبه الأمر لبناء الثقة في أن التضخم يتحرك نحو الانخفاض بشكل مستدام".

وأكد رئيس الفيدرالي أنه لا يمكن حتى الآن تحديد إلى أي مدى ستستمر هذه القراءات المنخفضة أو أين سيستقر التضخم الأساسي خلال الأرباع القادمة.

اقرأ أيضًا- بعد بيانات سلبية.. الليرة التركية تبدد نصف مكاسبها
مزيد من العمل

وأوضح جيروم باول أن التضخم الأساسي على مدى اثني عشر شهراً لا يزال مرتفعاً، مشيرًا إلى أن هناك مساحة كبيرة يتعين تغطيتها من أجل العودة إلى استقرار الأسعار.

وأكد رئيس الفيدرالي أن البنك سيركز بشكل منفصل على المكونات الثلاثة العريضة لتضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، التضخم بالنسبة للسلع، وخدمات الإسكان، وجميع الخدمات الأخرى.

الركود لم يحدث

وفي سياق حديثه، اعترف جيروم باول بأن السياسة النقدية التقييدية أدت إلى تشديد الأوضاع المالية، مما حد من توقعات النمو دون الاتجاه السائد.

وأوضح رئيس الفيدرالي الأميركي أنه عادة ما يساهم التشديد النقدي في الظروف المالية الواسعة في تباطؤ نمو النشاط الاقتصادي، وحدوث ركود.

وقال جيروم باول: "بيد أنه في المقابل وحتى الآن هذا العام، جاء نمو الناتج المحلي الإجمالي أعلى من التوقعات بينما جاءت القراءات الأخيرة للإنفاق الاستهلاكي قوية بشكل خاص".

ستستمر عملية إعادة التوازن في سوق العمل، حيث إن ظهور أدلة على أن الضيق في سوق العمل لم يعد يتراجع كما ينبغي يمكن أن يستدعي مزيدًا من التشديد
جيروم باول
مزيد من التشديد

ولفت باول إلى أنه في ظل ظهور الأدلة الإضافية على استمرار النمو مع ارتفاع نفقات المستهلكين وهو ما قد يدفع التضخم لأعلى من جديد.

وقال باول: "يمكن أن يستدعي هذا النمو من بنك الاحيتاطي الفيدرالي المزيد من تشديد السياسة النقدية".

اقرأ أيضًا- رغم الإفلات من الركود.. أزمة ثقة تهز أكبر اقتصاد أوروبي
سوق العمل

وأشار رئيس الفيدرالي إلى محاولة البنك إعادة التوازن إلى سوق العمل خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن عملية التوازن لم تحدث بعد.

وقال باول: "رغم أنها تتجه للتراجع إلا أن فرص العمل ومعدلات التوظيف لا تزال مرتفعة، تزامنًا واستمرار ارتفاع معدلات الاجور".

ونتيجة لذلك، رجح باول بأن تستمر عملية إعادة التوازن في سوق العمل، مشيرًا إلى أن ظهور أدلة على أن الضيق في سوق العمل لم يعد يتراجع يمكن أن يستدعي مزيدًا من التشديد.

لا تراجع عن الهدف

وفي إشارة إلى الحديث الدائر حول رفع مستهدفات الفيدرالي والذي أطلق العديد من الخبراء والبنوك، أشار باول إلى أن تحقيق استقرار الأسعار عند 2% هو هدف للتضخم وسيظل كذلك.

وأكد باول التزام البنك بتحقيق هذا الهدف والحفاظ على أن يكون موقف السياسة النقدية مقيدا بما فيه الكفاية لخفض التضخم إلى هذا المستوى مع مرور الوقت. 

وفي غضون ذلك، لم يحدد رئيس الفيدرالي الأميركي موعدا مستهدفًا لتحقيق الهدف، وقال باول : "من الصعب أن نعرف متى يتحقق هذا الهدف".

نرى أن الموقف الحالي للسياسة النقدية مقيد، مما يفرض ضغوطًا هبوطية على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم
جيروم باول
الفائدة الحقيقة

ولفت رئيس الفيدرالي إلى أنه نتيجة للسياسة المتشدد أصبحت أسعار الفائدة الحقيقية الآن إيجابية وأعلى بكثير من التقديرات السائدة لسعر الفائدة المحايد.

وأكد باول أن الفيدرالي الأميركي سيتحرك بحذر عندما يقرر ما إذا كان سيزيد من تشديد السياسة النقدية أو بدلا من ذلك، سيبقي سعر الفائدة ثابتا وينتظر المزيد من البيانات.

احتمالات الركود

وقال رئيس الفيدرالي: "نحن نرى أن الموقف الحالي للسياسة النقدية مقيد، ما يفرض ضغوطًا هبوطية على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم". 

وأضاف باول: "هناك أدلة على أن التضخم أصبح أكثر استجابة لرفع الفائدة، بيد أن تحقيق سوق عمل ضيق لا يزال أبطأ من التوقعات".

اقرأ أيضًا- الدولار يقفز لأعلى مستوى بـ3 أشهر بعد بيانات تحفز التشديد
اقرأ أيضًا- المستثمرون يبيعون الذهب خوفًا من مفاجآت جاكسون هول

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com