logo
مقالات الرأي

يتعين على الفيدرالي النظر في المرآة

يتعين على الفيدرالي النظر في المرآة
تاريخ النشر:14 ديسمبر 2022, 08:33 ص

بينما يرفع الاحتياطي الفيدرالي الفائدة يتجنب مناقشة مشكلة أساسية وهي افتقاره لاستراتيجية مرنة وواقعية لسياسته النقدية بعدما أصبح الإطار الاستراتيجي الجديد الذي تبناه الفيدرالي في 2020، وأقر الكثيرون على نطاق واسع بأنه معيب منذ البداية، في حالة يرثى لها، في الوقت الذي يبذل فيه الاحتياطي الفيدرالي قصارى جهده للسيطرة على التضخم دون أن يحدث ركود. وقد صرح رئيس الفيدرالي، جيروم باول مؤخرًا بأن الفيدرالي لن يضع استراتيجية جديدة قبل 2025 على الأقل.

ولكن ما الذي سيوجه السياسة النقدية حتى ذلك الوقت؟

أسس بيان الاحتياطي الفيدرالي بشأن الأهداف طويلة الأجل واستراتيجية السياسة النقدية في 2012 لنهج متوازن في التعامل مع المهمة المزدوجة لتحقيق استقرار الأسعار وخلق فرص عمل بالحد الأقصى حيث حدد هدف التضخم عند 2% لكنه أكد صعوبة تحديد مستهدف للتوظيف لأن ظروف سوق العمل تتحدد بعوامل خارجة عن نطاق السياسة النقدية. وفي يناير من كل عام حتى 2020، كان الاحتياطي الفيدرالي يعيد التأكيد على هذه الاستراتيجية.

كانت استراتيجية بنك الاحتياطي الفيدرالي في 2020 مضللة وتأثرت إلى حد كبير بالمخاوف من خفض توقعات التضخم بسبب سعر الفائدة المنخفض وقتها، مع احتمال انخفاض أسعار الفائدة إلى الصفر ما يشكل تحديات للسياسة النقدية.

شكك قليلون في افتراض الاحتياطي الفيدرالي بأن انخفاض معدلات التضخم تلحق الضرر بالأداء الاقتصادي.

دفع الوضع الاحتياطي الفيدرالي لتبني مخطط جديد شديد التعقيد وغير قابل للتطبيق تمامًا من خلال تحديد مستهدف متوسط مرنة لمعدل التضخم حيث  فضّل ارتفاع التضخم، وأعطى الأولوية لمهمته المزدوجة لتحقيق أقصى قدر من التوظيف "الشامل". نجح النهج الجديد في تجنب اتباع تشديد نقدي وقائي عندما أصبح التضخم المرتفع وشيكاً بما يتناقض مع هدف الاحتياطي الفيدرالي المتمثل في إدارة توقعات التضخم.

كان إطار 2020 الجديد خروجًا حادًا على بيان 2012 والممارسات التي نجح بها الاحتياطي الفيدرالي في الماضي عندما كان الهدف الأساسي للسياسة النقدية لدى بول فولكر وألان غرينسبان استقرار الأسعار بما يدعم نمو الاقتصاد المستدام وخلق فرص العمل, بينما يشير الواقع إلى أن الفوائد المترتبة على النهج المتوازن الذي يتبناه الاحتياطي الفيدرالي منقوصة بسبب تزايد التفاوت والاعتماد الأكبر على السلطة التقديرية لبنك الاحتياطي الفيدرالي.

بدأت الأمور في الانهيار بنحو أسرع من توقعاتنا بعد نقدنا المبكر لهذه الخطة. حيث أبقى الاحتياطي الفيدرالي رغم ارتفاع معدلات التضخم بشكل حاد على أسعار الفائدة عند الصفر وواصل شراء الأصول بشكل كبير، واستبعد مخاطر التضخم مقابل دعم التوظيف. وثبت بعد ذلك أن تجنب التشديد النقدي الوقائي كان مكلفاً مع ارتفاع الطلب الكلي والانتعاش السريع للتوظيف.

ورغم عثرات سياساته في العامين الماضيين، أعاد الفيدرالي تأكيد خطة 2020. وسوف يؤدي ذلك في يناير المقبل إلى تسليط الضوء على الافتقار إلى استراتيجية واقعية ويؤكد من جديد أن الاحتياطي الفيدرالي بات يمشي بدون توجيه ما يزيد من تراجع مصداقيته.

يتعين على الاحتياطي الفيدرالي بدلاً من ذلك إعلان تأجيل تصويته، وإعادة تقييم استراتيجيته على الفور.

ينبغي مراجعة الاحتياطي الفيدرالي نقاط الضعف المتأصلة في الاستراتيجية الحالية، والنظر في الأدوار المناسبة للمبادئ التوجيهية والقواعد المنهجية، التي يمكن أن تساعد في تجنب الأخطاء الكبيرة للسياسة النقدية. كذلك لا بد من استبدال الإطار المعقد بلا داعٍ لاستهداف متوسط مرن للتضخم، الذي يفتقر إلى أي نقاط إرشاد واضحة بالأرقام تشير لمدى تحمّل الاحتياطي الفيدرالي للتضخم أعلى من 2%، بعد فترة تضخم أقل من 2%، أو ما يجب أن يفعله بعد ارتفاع التضخم.

إن العودة لمستهدف أبسط للتضخم عند 2% مع نطاق رقمي واضح للتحرك، أو حتى هدف بسيط للتضخم بمتوسط 2% مع معالجة أوجه القصور من شأنه أن يجعل السياسة النقدية ورسائل الفيدرالي أكثر وضوحاً.

يتعين على المراجعة الاستراتيجية أيضاً تقييم أدوات السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي بأن تشكل إعادة إحكام قيود السياسة النقدية الوقائية ضرورة أساسية للحفاظ على مصداقية الاحتياطي الفيدرالي، والحفاظ على توقعات التضخم عند مستوى 2% حيث يقلّل ذلك من خطر استمرار التضخم المرتفع أو تغذيته ذاتياً.

يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي في عامي 2021 و2022 قد نسي هذا الدرس المهم للغاية من السبعينيات.

ينبغي أن تشمل المراجعة أيضًا استخدام التوجهات المستقبلية كأداة للسياسة العامة بدلًا من التغييرات الفعلية. حيث تفترض التوجهات المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي أنه يتمتع بمصداقية لإدارة التوقعات من خلال البيانات فقط، وهذا أمر مشكوك فيه بكل تأكيد.

تغيير السياسات يحمل تأثيراً أقوى من الكلمات. ويتعين على الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إعادة تقييم تكاليف وفوائد سياسات الميزانية العمومية. وإذا اعتبرها أداة مهمة في السياسة النقدية عليه وقتها دمجها بشكل أوثق في القرارات والأهداف التقليدية التي يتخذها البنك فيما يتصل بأسعار الفائدة.

تواصل المهمة المزدوجة للحد الأقصى من التوظيف الشامل هدفًا جديرًا بالثناء لكنه يسبب مشاكل حقيقية للاحتياطي الفيدرالي وينبغي التأكيد على عدم إمكانية تحديد رقم له وأن ضبط سوق العمل يتجاوز نطاق السياسة النقدية.

وأخيرًا، يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي النظر في المساهمات المحتملة التي قد تلعبها "قاعدة تايلور" وغيرها من القواعد المنهجية في إدارة السياسة النقدية والإفصاح عنها. يمكن لهذه النقاط المرجعية القيمة أن تكون أكثر فائدة من التوجيهات المستقبلية، وأن تساعد على تجنب الأخطاء الأساسية في السياسات.

إذا أجرى الاحتياطي الفيدرالي مراجعة واتخذ خطوات للاعتراف بأوجه القصور في استراتيجية 2020 وقام بتصحيحها، فيمكنه عندئذ تعزيز مصداقيته وتحسين سياسته النقدية مستقبلاً.

المصدر: وول ستريت جورنال

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC