logo
مقالات الرأي

التضخم تباطأ لكن حان وقت أزمة الأرباح

التضخم تباطأ لكن حان وقت أزمة الأرباح
تاريخ النشر:16 نوفمبر 2022, 10:55 م

أصاب المستثمرون في تركيزهم على التضخم، حيث تباطأت وتيرة ارتفاع الأسعار أكثر من المتوقع أخيراً هذا الأسبوع صاحبها قفزة كبيرة بأسعار الأسهم والسندات. لكن المشكلة أن ابتهاج الأسواق باحتمال تباطؤ وتيرة رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة يتزامن معها تهديد كبير للأرباح.

خفّض محللو وول ستريت توقعاتهم للأرباح بوتيرة نادراً ما تحدث في فترات لا تشهد ركود رغم استمرار تفاؤلهم. وبينما يجمع الخبراء على أن الركود يلوح بالأفق لم يتم تسعير الأصول الخطرة مثل الأسهم بعد وفقاً لحدوث تراجع كبير في الأرباح.

انخفضت توقعات لأرباح الإثنى عشر شهرًا المقبلة للشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بأكثر من 3% منذ يونيو الماضي كما انخفضت توقعات العام المقبل 8% لتسجل بذلك أكبر انخفاض متوقع بعيداً عن الركود منذ 2015، عندما اتجه الاحتياطي الفيدرالي وقتها لأول رفع لأسعار الفائدة منذ 9 سنوات.

لكن الواقع لم يعكس التوقعات بعد، فالتوقعات أن تسجل الأرباح مستوى قياسي جديد العام المقبل، بزيادة أكثر من 4% مقارنة بالعام الحالي حتى بعد التراجع، لكنه معدل نمو أقل من التوقعات بزيادة 10% في أبريل الماضي، ولكن كافة مرات الركود السابقة سجلت الأرباح خلالها انخفاضات مضاعفة.

فما هي إذن مخاطر الركود؟ إنها مخاطر عالية بالفعل وفقًا للاقتصاديين. حيث أظهرت القطاعات الأكثر حساسية لأسعار الفائدة ضعفًا كبيرًا، وأبرزها قطاع الإسكان، ويظهر ذلك بوضوح في المملكة المتحدة وأوروبا القريبين من الركود، فيما تعيق عمليات الإغلاق النمو في الصين رغم تخفيف طفيف للقواعد الخاصة بكوفيد.

تعتقد الشركات رغم ذلك أن التضخم سيتراجع دون اضطرار الاحتياطي الفيدرالي إجبار الاقتصاد على الانكماش.

تقول كارين كارنيول تامبور، الرئيسة المشاركة للاستثمار المستدام في صندوق التحوط التابع لشركة "بريدج ووتر": "حتى نتفادى الركود، لابد من تراجع التضخم بشكل سحري دون أي تدخل".

يمكن أن يحدث مثل ذلك الانخفاض المثالي للتضخم في حالة عودة المتقاعدين مبكرًا أو الذين أصيبوا بكوفيد-19 للعمل ما يخفف من الضغط على الوظائف، وبالتالي الأجور، وإذا تحسّنت الإنتاجية بسرعة وقلل العمال من الإجازات المرضية فقد يساعد ذلك أيضًا.

لكن أهم عوامل تباطؤ التضخم من رفع أسعار الفائدة تسبب تباطؤ نمو الاقتصاد ما قد يتسبب بسهولة في ركود يدمر الأرباح الأمر الذي يجعل من النادر تاريخياً انتهاء دورات رفع أسعار الفائدة بسلام بالنسبة للاقتصاد.

وما يزيد الأمور سوءً أن الولايات المتحدة مقبلة على اقتصاد أضعف يزخر بسلع جاهزة للبيع، حيث ارتفعت مخزونات لدى تجار البيع بالجملة 50% تقريبًا منذ نهاية 2020، لذلك فإن أي تباطؤ في المبيعات، وهناك الكثير من المؤشرات على ذلك، سوف يؤدي بسرعة لوقف طلبات التوريد لمحاولة تخفيف الشركات من المخزونات لديها.

وفقًا لدراسة استقصائية شهرية لمعهد إدارة الإمدادات، فإن طلبات التوريد الجديدة آخذة في الانكماش بالفعل، وبالتبعية سوف ينكمش الإنتاج ويتزامن معه تسريح للموظفين، وبالفعل أصبح التضخم أصبح أضعف، لكن الاقتصاد أصبح كذلك أيضاً.

قال إدوارد كول، المدير العام الاستثمارات القائمة على قرارات العملاء لدى "مان جي إل جي" لإدارة الصناديق: "تشير العلاقات التاريخية أن ذلك يؤدي إلى خسارة ربحية الأسهم في العقود الآجلة 180 دولارًا، أي بانخفاض بنسبة 25% تقريباً أقل من التوقعات لذلك هناك خطر هبوط أكيد مع تحول الدورة الاقتصادية إلى الركود مقارنة بإجماع التوقعات التي تبدو عالية للغاية".

لا يرى كول أن الأمر مجرد نتائج سيئة بسبب تعطل شيء في النظام المالي إنما ركود قياسي من النوع الذي لم تشهده الولايات المتحدة منذ أوائل التسعينيات.

يمكن للأسهم الارتفاع رغم انخفاض الأرباح. يحدث هذا إما لأن السوق يبدأ أكثر تشاؤمًا من الواقع، أو لأن الأسعار ترتفع بما يكفي لتعويض تراجع الأرباح.

من المؤكد أن الأسهم قد انخفضت إلى حد كبير. لكن حتى الصيف الماضي، كان الهبوط يدور بالكامل حول أسعار أقل بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة وعائدات السندات. ولم تكن الأرباح المحرك وقتها إلا في الأشهر الأخيرة، وبفضل الارتفاع الأخير، فإن هبوط أسعار الأسهم الذي يرجع إلى انخفاض توقعات الأرباح (حيث أصبح المستثمرون أكثر تشاؤمًا من محللي وول ستريت) لا يتجاوز 3%. لا يوحي ذلك بالكثير من الاستعدادات للأوقات السيئة المقبلة.

يقول روبرت باكلاند، كبير محللي الأسهم العالمية في "سيتي غروب"، إن التوقعات بانخفاض أرباح الشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز" 5% العام المقبل، باستخدام نموذج متفائل. ومثل هذا الهبوط الضئيل من شأنه أن يكون نتيجة طيبة للغاية، حيث تسجل فترات الركود التي ترجع إلى بداية السبعينيات دوماً انخفاضاً أكبر في الأرباح.

وبالنسبة للمستثمرين، فإن هوامش الربح المرتفعة تشكل خطراً إضافياً، حيث يشير باكلاند إلى أن العائد على الأسهم في الولايات المتحدة يستمر في نطاقات تاريخية أعلى بكثير مما كان عليه قبل الوباء ومجرد العودة لمتوسط المدى الطويل قد يقلل الأرباح بأكثر من 40%حتى لو ظلّت المبيعات قوية.

قال باكلاند: "إذا كنت ستواجه ركودًا، فلن أبدأ من هنا".

يمكن أن توفر الأسعار تعويضًا عن انخفاض الأرباح بالطبع. وإذا كان مؤشر "ستاندرد آند بورز" منخفضًا للغاية، كما كان الحال في أوائل الثمانينات، فإن ارتفاع أسعار الأسهم قد يسمح بتحقيق مكاسب مع انخفاض الأرباح. 

لسوء الحظ، هذه المرة مؤشر "ستاندرد آند بورز" ليس منخفضًا، وصحيح أنه عاد لمتوسط مضاعف ربحية وفق الأرباح المستقبلية عند مستوى نهاية الأزمة المالية في 2009، لكنه لا يزال فوق 16 ضعفًا وأعلى بكثير من أدنى مستوياته بالثمانينيات، وأعلى كذلك بكثير من 14 ضعفاً التي وصل إليها وسط مخاوف الركود في نهاية 2018.

يعني تراجع الضغوط التضخمية خفض وتيرة رفع أسعار فائدة ويؤدي بدوره لارتفاع أسعار الأسهم كما حدث هذا الأسبوع لكن عادة بفترات الركود، يكون الانخفاض في الأرباح أكبر مما يمكن تعويضه من خلال ارتفاع أسعار الأسهم.

يسعد المستثمرون المعتقدين في السيناريو الأساسي لديهم أن الاحتياطي الفيدرالي سوف لما بعد التضخم دون إضرار بالاقتصاد بالأسهم عند تلك الأسعار (ولو أن وجهة نظر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بصعوبة تباطؤ الاقتصاد لا توحي بالثقة). بينما يتعين على أي شخص آخر أن يخشى من استمرار التفاؤل بالسوق وبشأن الأرباح، حتى لو جاء التضخم أقل سوءاً من التوقعات.

المصدر: وول ستريت جورنال

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC