أسعار العقارات تسبب ركوداً في الاقتصاد السويدي

بيوت في ستوكهولم عاصمة السويد
بيوت في ستوكهولم عاصمة السويدShutterstock

رويترز - على مدار سنوات، يعاني سوق العقارات في السويد، من نقص في العرض، رغم أنه ظل مرتفعاً بسبب المعدلات المنخفضة، والمزايا الضريبية السخية، مما يمثل خطراً على اقتصاد البلاد.

ومن المقرر أن تكون السويد الاقتصاد الوحيد في الاتحاد الأوروبي، الذي يعاني من ركود هذا العام، حيث يعد الكرون السويدي بأضعف مستوى له، مقابل اليورو منذ الأزمة المالية العالمية 2008، ويرجع ذلك جزئياً إلى مخاوف سوق الإسكان، ما يجعل مهمة البنك المركزي السويدي في كبح التضخم أكثر صعوبة.

وأصبحت هذه المخاطر حقيقة واقعة، فالأسر التي لديها قروض عقارية كبيرة تكبح جماح الإنفاق مع ارتفاع أسعار الفائدة، ويعمل بناة المنازل على وقف الاستثمار، ما يدفع الاقتصاد إلى ركود.

وقال إريك ثيدين محافظ المركزي السويدي"ريكسبنك" في نهاية فبراير الماضي: "ريكسبنك حذر من هذا لفترة طويلة والآن من الواضح أنها مشكلة".

وبعد سنوات من تكاليف الاقتراض المنخفضة للغاية، أدى كوفيد والحرب في أوكرانيا، إلى ارتفاع التضخم المرتفع وزيادة أسعار الفائدة المتزايدة في العديد من البلدان.

وتضاعفت أسعار المساكن في السويد 4 مرات تقريباً، في السنوات الـ 20 الماضية، مدعومة بالإعفاء الضريبي السخي من ضريبة الرهن العقاري، كما أن ضرائب العقارات غير موجودة تقريباً.

وتعد مستويات الديون من أعلى المستويات في الاتحاد الأوروبي، حيث تبلغ حوالي 200% من الدخل المتاح، ومعظمها عبارة عن ديون عقارية، وحوالي 60% من السويديين لديهم قروض عقارية، ما يعني أن زيادات الأسعار لها تأثير فوري على غالبية الأسر.

وتتوقع مجموعة نورديا المصرفية، أن ينخفض استهلاك الأسر السويدية بنحو 2% في عام 2023، بينما يتوقع المجلس الوطني للإسكان أن تبدأ المساكن في الانخفاض بنحو 50% العام المقبل مقارنة بعام 2021.

ويعاني العديد من مالكي المنازل بالفعل من سداد أقساط الرهن العقاري المرتفعة، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، على الرغم من أن الآثار الكاملة لارتفاع أسعار الفائدة خلال العام الماضي لم تظهر بعد.

اشترت فيليبا لوجان، وهي أم لطفلين، شقتها التي تبلغ مساحتها 89 متراً مربعاً (958 قدماً مربعاً)، في جنوب ستوكهولم عام 2017، وسددت جزءاً من الرهن العقاري عام 2020.

وقالت لوجان: "ومع ذلك، في الأشهر القليلة الماضية، تضاعف سعر الفائدة 3 مرات تقريباً، بشكل لا يمكن تحمله". مضيفة أنها اضطرت للقيام بعمل إضافي لتغطية نفقاتها.

ويتوقع البنك المركزي السويدي "ريكسبنك"، المزيد من الزيادات في الأسعار في الأشهر المقبلة، وقد تبلغ تكاليف الاقتراض ذروتها عند 4%، مقارنة بـ 3% حالياً.

وقال غوستاف هيلجسون الخبير الاقتصادي في نورديا، "نتوقع أن يرفع ريكسبنك أسعار الفائدة إلى 3.75%، وأعتقد أننا عند هذا المستوى قريبون جداً من وجود ضرر كبير للأسر".

وتتوقع المفوضية الأوروبية أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للسويد بنحو 1% هذا العام، وهي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة التي ستشهد نمواً سنوياً سلبياً.

انخفضت أسعار المساكن بنحو 15%، منذ ذروتها في ربيع العام الماضي، وهو انخفاض أكبر مما كان عليه خلال الأزمة المالية العالمية 2008، وقال قسم العقارات في شركة التأمين (Lansforsakringar)، إن بعض المناطق شهدت انخفاضاً بنسبة تصل إلى 40%.

والسويد ليست وحدها التي شهدت انخفاضاً كبيراً في أسعار المنازل، إلا أن دخل أسرها يكاد يكون حساساً بشكل فريد، نظراً لارتفاع أسعار الفائدة، لأن أكثر من نصف هذه الأسر لديها رهون عقارية ذات معدل كبير.

وفي ألمانيا، على سبيل المثال، يمتلك معظم المقترضين قروضاً عقارية ثابتة، وقد تم تجاهل ارتفاع معدلات الفائدة إلى حد كبير.

وفي كندا، على الرغم من ارتفاع مستويات الديون، إلا أن الرهون العقارية ذات الأسعار المتغيرة، لا تمثل سوى حوالي ثلث إجمالي ديون الرهن العقاري المستحقة، وفقاً لبنك كندا.

وبينما يتوقع بعض الاقتصاديين حدوث ركود معتدل في كندا، يتوقع مركز الأبحاث التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن ينمو الاقتصاد الكندي بنحو 1.3% في عام 2023.

مشكلة السكن منذ عقود

يعود تاريخ مشاكل الإسكان في السويد لعقود، ولكن ثبت أنه من الصعب حلها، وقد عارض اليسار السياسي بشدة، خطط تخفيف ضوابط الإيجارات، حيث يعتقد أن إدخال قوى السوق، من شأنه أن يزيد الانقسام الاجتماعي عن طريق تسعير العديد من الناس، خارج المناطق المرغوبة في المدن السويدية.

وتتفق جميع الأحزاب السياسية الرئيسية السويدية، على ضرورة إجراء إصلاح شامل للإعفاء الضريبي على الرهن العقاري، ليمنع هبوط أسعار العقارات، متسبباً بانهيار مالي كما حدث في السويد في أوائل التسعينيات.

وتعد البنوك السويدية من بين البنوك الأكثر قوة في أوروبا، ولكن من المرجح أن يظل الاقتصاد السويدي رهينة للاختلالات في سوق الإسكان، بينما تظل مشكلاته الهيكلية دون حل، وقال هيلجسون من نورديا: "الأمر متروك للسياسيين ليقرروا ما إذا كانوا يريدون التعامل مع هذه المشاكل، التي في الوضع الحالي، من الصعب جداً معالجتها".

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com