تعمل «نتفليكس» (Netflix) على تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي من شأنها أن تتيح تخصيص التوصيات المعروضة للمستخدمين، إلى جانب الإعلانات الترويجية، وربما حتى البرامج التلفزيونية والأفلام نفسها، بما يتماشى مع تفضيلات كل مشاهد.
وكشف تقرير نشره موقع «بيزنس إنسايدر» أن براءات اختراع حديثة حصلت عليها الشركة تسلّط الضوء على جهودها في تطوير أدوات قادرة على إنتاج مواد ترويجية، مثل الإعلانات الدعائية، ومحتوى تفاعلي يتم تصميمه استناداً إلى سجل المشاهدة وميول المشتركين.
تتناول إحدى البراءات، التي صدرت في ديسمبر الماضي، نظاماً يسمح بإنشاء عدة نسخ مختلفة لإعلان ترويجي واحد لفيلم أو مسلسل، بحيث تُبرز كل نسخة عناصر مختلفة تتناسب مع اهتمامات المستخدم.
على سبيل المثال، قد تُعرض نسخة من الإعلان لمستخدم يفضّل الكوميديا الرومانسية تُركّز على المشاهد الرومانسية أو تظهر ممثلاً يفضّله. وتشير البراءة إلى أن مبادئ التخصيص هذه يمكن تطبيقها أيضاً على الأفلام الكاملة، أو المسلسلات، أو حتى الكتب الصوتية.
أما البراءة الثانية، الصادرة في فبراير، فتتناول إنتاج محتوى تفاعلي على نمط «اختر مسار القصة بنفسك»، باستخدام تقنيات التعلم الآلي. وتتيح هذه التقنية تقديم خيارات سردية تُفصّل خصيصاً وفقاً لتفضيلات المستخدم. فعلى سبيل المثال، قد يحصل المستخدم الذي تظهر بياناته اهتماماً بالقصص الرومانسية على مسارات قصصية تحتوي على حبكات عاطفية.
وسبق لـ«نتفليكس» أن خاضت تجارب في هذا النوع من البرامج التفاعلية، لا سيما في فيلم «بلاك ميرور: باندرسناتش» (Black Mirror: Bandersnatch) عام 2018، والفيلم الكوميدي التفاعلي «أنبريكابل كيمي شميدت: كيمي فيرسز ذا ريفرند» (Unbreakable Kimmy Schmidt: Kimmy vs. the Reverend) عام 2020، إلا أن هذا التوجه تراجع تدريجياً. وقامت «نتفليكس» خلال هذا العام بإزالة جميع الأعمال التفاعلية من منصتها، مع مغادرة آخرها في مايو الماضي.
لكن براءات الاختراع الجديدة تشير إلى أن الشركة تعيد النظر في هذا الشكل من المحتوى، وهذه المرة مدعومة بتقنيات أكثر تطوراً قادرة على تخصيص الخيارات بشكل فوري استناداً إلى بيانات المستخدم في الوقت الفعلي، بدلاً من تقديم مسار قرارات موحد لجميع المشاهدين كما في السابق.
وقد امتنعت «نتفليكس» عن التعليق على هذه البراءات.
ويرى مراقبون في القطاع الإعلامي أن استراتيجية تخصيص المحتوى بالفيديو تحمل إمكانيات كبيرة. وقال فيل بيتيبون، الشريك المؤسس لشركة «مومنتس لاب» (Moments Lab) الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، إن السرد التفاعلي الديناميكي قد يُعزز من فرص انتشار المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ يميل المستخدمون إلى مشاركة تجاربهم الفريدة.
وأضاف: «عندما تنظر إلى ألعاب مثل «ديث ستراندِنغ» (Death Stranding) أو «ميتال غير سوليد» (Metal Gear Solid)، أو ألعاب استوديوهات «كوانتيك دريم» (Quantic Dream)، تجد أنها مصممة كأفلام تفاعلية طويلة. يمكننا أن نتوقع أن يكون الموسم المقبل من «بلاك ميرور» ساحة اختبار لهذا النموذج».
ومن بين التطبيقات الأقرب للتحقيق على أرض الواقع، يبدو أن تخصيص الإعلانات الترويجية هو الخيار الأكثر قابلية للتنفيذ حالياً. فمع ازدحام ساحة البث التدفقي، يعاني المستخدمون من صعوبة في اختيار ما يشاهدونه وسط وفرة المحتوى، وهو ما تسعى «نتفليكس» لمعالجته من خلال تحسين أدوات عرض المحتوى وزيادة التفاعل مع المنصة.
في مايو الماضي، طرحت الشركة تحديثات متعددة على صفحتها الرئيسة، تضمنت إظهار اختصارات أكثر وضوحاً، وتقديم توصيات لحظية تتوافق مع اهتمامات المستخدم واهتماماته، بالإضافة إلى إطلاق أداة بحث تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وتتماشى هذه الخطوات أيضاً مع استراتيجية «نتفليكس» لتعزيز أعمالها الإعلانية، من خلال زيادة مدة استخدام المشتركين للمنصة.
وكغيرها من شركات الإعلام والترفيه الكبرى، توسّع «نتفليكس» في استخدام الذكاء الاصطناعي عبر مراحل الإنتاج المختلفة، بهدف تقليل التكاليف وتقصير مدة تنفيذ الأعمال.
من جانبه، يرى براين موسر، مؤسس استوديو «أستيريا» (Asteria) المتخصص في إنتاج المحتوى بالذكاء الاصطناعي، أن تخصيص الإعلانات الترويجية يُعد تطوراً منطقياً.
وقال: «لطالما حرصت «نتفليكس» على تقديم تجربة مستخدم ممتازة. وإذا تمكنت من استغلال هذه التقنية لتقديم توصيات فعّالة وجذب الجمهور من خلال إعلانات مخصصة، فسيكون لذلك أثر ملموس. أتمنى أن تقوم جميع منصات البث بتقديم توصيات أفضل وأكثر ملاءمة».