أزمة سام ألتمان.. هل خرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة؟

أزمة سام ألتمان.. هل خرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة؟

أكد خبراء تكنولوجيا واتصالات أن أزمة سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، وما شهدته من إقالة مفاجئة وعودة سريعة لا تقل إثارة، ترتبط في الأساس بالجدل المتصاعد حول القواعد الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، لافتين إلى أن ذلك هو سر الخلاف والانقسام بين ألتمان ومجلس إدارة الشركة.

وعاد سام ألتمان، البالغ من العمر 38 عاما إلى منصبه في شركة OpenAI، بعد ضغوط هائلة من الموظفين والمستثمرين في مجلس الإدارة، بعد أيام قليلة من إقالته.

ووفق عميد كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة المنوفية، أسامة عبد الرؤوف، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، فإن قرار إقالة سام ألتمان شكل صاعقة لقطاع التقنية، والذكاء الاصطناعي، والمهتمين به على مستوى العالم.

وأضاف أن عودة ألتمان لمنصبه كانت متوقعة، بعد توالي الأحداث الدراماتيكية، وضغوط موظفي الشركة، والمستثمرين الرؤساء بالشركة مثل مايكروسوفت، لافتا إلى أن محاولة تشويه ألتمان كانت واضحة منذ بداية الإقالة، عندما تم اتهامه بإخفاء معلومات عن مجلس الإدارة.

اتهام مناف للمنطق

ويرى عميد كلية الذكاء الاصطناعي أن ما تم إعلانه حول أن ألتمان، كان غير أمين، هو عكس المعروف عنه في قطاع الذكاء الاصطناعي عبر العالم، حيث حرص سام منذ بداية الإعلان عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، على تأكيد أن مشروع الاستخدام الآمن لهذا النوع من الذكاء يتضمن قواعد تطويره، واستخداماته للحد من آثاره السلبية على البشر.

وأوضح عبد الرؤوف أن أعضاء مجلس الإدارة الذين عارضوا ألتمان طوال الوقت، رفضوا الكشف عن السبب الفعلي لطرده، حتى تحت تهديد الدعاوى القضائية من المستثمرين، أو الداعمين الرؤساء للشركة.

وحول اتهام ألتمان بأنه يعمل على تطوير أداة "شات جي بي تي"، دون النظر للعواقب، ما يهدد بقاء البشرية، أكد عبد الرؤوف أنه اتهام مناف للمنطق، وما يحرص ألتمان على إعلانه في كل المؤتمرات، بأنه يجب وضع قواعد أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، متوقعا أن يكون الخلاف مع أعضاء مجلس الإدارة المستقلين يتركز حول مطالبتهم بالإسراع في الاستخدام التجاري للنسخة الرابعة والخامسة من هذه الأداة، دون النظر للعواقب، عبر بيعها لشركة إنفيديا التي تسيطر عل 80% من عمليات الحوسبة في العالم، وليس العكس.

وأوضح أن تعيين "مايكروسوفت"، لكل من سام ألتمان، والمؤسس المشارك، غريغ بروكمان، والمجموعة التي استقالت من OpenAI لقيادة فريق أبحاث الذكاء الاصطناعي المتقدم فيها، وتهديد موظفي OpenAI، بالاستقالة، والانتقال إلى مايكروسوفت مع ألتمان وبروكمان، كانا من أهم أسباب استقالة بعض أعضاء مجلس إدارة OpenAI، وإعادة ألتمان.

إرهاصات الإقالة

وكان تقرير حصري لوكالة رويترز، قد كشف أنه قبل 4 أيام من إقالة سام ألتمان، وجه العديد من الباحثين رسالة إلى مجلس الإدارة يحذرون فيها من اختراق قوي للذكاء الاصطناعي قالوا إنه يهدد البشرية، لافتا إلى أن الرسالة والخلاف حول خوارزمية الذكاء الاصطناعي كانت تطورات رئيسة سبقت إطاحة مجلس الإدارة بألتمان، الذي ارتبط اسمه بمنظومة الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ولفتت الوكالة إلى أن الرسالة، بجانب قائمة أطول من الأسباب، من بينها المخاوف بشأن التسويق المسبق قبل فهم العواقب، كانت وراء إقالة ألتمان. وفي رسالتهم إلى مجلس الإدارة، أشار الباحثون إلى براعة الذكاء الاصطناعي وخطره المحتمل، دون تحديد مخاوف السلامة الدقيقة المذكورة في الرسالة.

ولطالما كان هناك نقاش بين علماء الكمبيوتر حول الخطر الذي تشكله الآلات عالية الذكاء، على سبيل المثال إذا قررت هذه الآلات أن من مصلحتها تدمير البشرية. وحسب وسائل إعلام أمريكية، اتهم مجلس إدارة شركة OpenAI، سام ألتمان بإعطاء أولوية للتطور السريع لـ"أوبن ايه آي"، الشركة التي ابتكرت برنامج "تشات جي بي تي"، من دون تخصيص وقت لتحليل المخاطر المرتبطة بذلك.

قصة عودة ألتمان

وعاد سام ألتمان إلى منصبه بصفته رئيسًا تنفيذيًا لشركة OpenAI، متغلبًا على محاولة انقلاب في مجلس الإدارة أدت إلى دخول الشركة في حالة من الفوضى، كما عاد معه الرئيس السابق، جريج بروكمان، أيضًا.

وأعلنت الشركة عن اتفاق بخصوص عودة ألتمان إلى جانب مجلس إدارة جديد مؤلف من بريت تايلور ولاري سامرز وآدم دانجيلو. وأوضحت الشركة الناشئة المدعومة من مايكروسوفت أن الرئيس التنفيذي المشارك السابق لشركة Salesforce، بريت تايلور، ووزير الخزانة السابق، لاري سمرز، انضما إلى مجلس إدارة OpenAI، مع تولي تايلور منصب الرئيس.

ويبقى آدم دانجيلو، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Quora الناشئة للأسئلة والأجوبة، في مجلس الإدارة، وهو من بقايا مجلس الإدارة السابق الذي طرد ألتمان.

رحلة سام ألتمان؟

يعد سام ألتمان من أشهر رجال الأعمال في أمريكا، ولد في ولاية شيكاغو في 22 أبريل 1985، وتلقى تعليمه الجامعي عام 2007، في جامعة ستانفورد بكلية علوم الكمبيوتر لكنه لم يستمر بالدراسة لأكثر من عامين ليسير على خطى زميليه بيل جيتس، ومارك زوكربيرغ.

كانت بداية حياته المهنية في شركة جوجل كمطور برامج، ليتركها في عام 2009 ليؤسس شركته الخاصة Y combinatir المختصة في الاستثمار في الشركات الصغيرة.

وبفضل ذكائه تقلد الكثير من المناصب الهامة منذ بداية دخوله سوق العمل، فبعد ترك الجامعة أنشأ تطبيق للهواتف المحمولة هو "Loopt"، الذي يوفر للمستخدمين مشاركة موقعهم الفعلي، بشكل انتقائي، مع الآخرين.

كما أسس شركة فكرتها تقوم على دعم الأعمال الناشئة تسمي "Y Combinator"، وأصبح رئيسا لها في عام 2014، بعد قيامه ببيع التطبيق الخاص به مقابل 44 مليون دولار في عام 2012. كذلك أسس ألتمان صندوق Hydrazine Capital الاستثماري، والذي اجتذب استثمارات كافية ليتم ادراجه ضمن قائمة "فوربس" لرجال الأعمال تحت الثلاثين عاما.

وفي عام 2015، أنشأ سام ألتمان شركة "أوبن إيه آي" بالتعاون مع الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، قام الاثنان بتمويل الشركة إلى جانب شركات مثل أمازون، ومايكروسوفت، برأسمال وصل إلى أكثر من مليار دولار، وتولي إدارتها لمدة 8 سنوات حتى قرار إقالته، الذي لم يدم طويلا.

وبدأت شركة "OpenAI" كمؤسسة غير ربحية بهدف تطوير الذكاء الاصطناعي، مع التأكد من عدم وجود آثار سلبية تنعكس على البشرية، ولكن بفضل نجاح أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة مثل "شات جي بي تي" للنصوص و"DALL-E" للصور، حققت الشركة أرباحا بلغت نحو 29 مليار دولار.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com