نيران الحرب تطال منصات التواصل.. هروب إعلانات وتلويح بغرامات

خاص
خاص
انتقلت المعارك في قطاع غزة إلى ساحة أخرى لا تقل شراسة، ألا وهي منصات التواصل الاجتماعي، التي وجدت نفسها في غمار مناقشات طاحنة حول ما يجوز وما لا يجوز نشره، فضلا عن ملاحقات وملاحظات عديدة من الجهات التنظيمية لضبط المحتوى، وحظر دعوات العنف والكراهية، تحت طائلة فرض غرامات طائلة، هذا فضلا عن تهديدات المعلنين بوقف حملاتهم، وهو ما يهدد الشركات بخسائر فادحة.

ويأتي هذا كله، وسط معارك طاحنة بين المستخدمين والناشطين على تلك المنصات، سواء حول الحرب نفسها، أو حول معايير المنصات المتعلقة بالمحتوى المنشور عن الحرب.

وعلى سبيل المثال، وجد تطبيق "تيك توك" الصيني الشهير، نفسه في مرمى الاتهامات بالتحيز، وبأنه يروج لمحتوى يؤيد الفلسطينيين على حساب الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي زاد من الدعوات داخل مجلس النواب الأميركي لحظره داخل الولايات المتحدة.

كذلك واجه إيلون ماسك، مالك منصة (إكس) الشهيرة (تويتر سابقا)، اتهاما مشابها بأن منصته تتغاضى عن محتوى يحض على العنف والكراهية بما يخالف قوانين الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يعرضه لغرامات بمليارات الدولارات داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أن ماسك رد على هذه الاتهامات بأن منصته حذفت آلاف المنشورات طبقا لقوانين الإشراف الدولية، التي تحظر نشر أي محتوى عنيف أو محرض.

اتهامات متبادلة

وبالفعل قامت السلطات في عدة دول أوروبية منها بلجيكا وإنجلترا وألمانيا، ببدء تحقيقات وجمع أدلة لمعرفة إذا ما خالفت منصة "إكس" قوانين أوروبا الخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي.

وبينما تواجه منصات التواصل الاجتماعي ضغوطا أوروبية، بسبب ادعاءات تحيزها للجانب الفلسطيني، وجهت الحكومة الماليزية اتهامات بالمقابل لشركة "ميتا"، المالكة لمنصات "فيس بوك" و"إنستغرام" و"واتس آب"، وللشركة المالكة لتطبيق "تيك توك" بحذف منشورات داعمة للقضية الفلسطينية، وحذرت الشركتين من مواجهة عواقب في حال الاستمرار في هذه السياسة التي تشير إلى دعم الاحتلال الإسرائيلي، بينما ردت الشركتان في بيانين منفصلين بأن اتهامات كوالالمبور لا أساس لها من الصحة.

وتقول راشيل كونينج، كبيرة المحللين بقطاع التكنولوجيا والاتصالات بمؤسسة ماركت ووتش، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إنه يبدو أن الصراع الحالي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وما أثاره من جدل واسع واختلاف شديد في التوجهات والرأي، كان أكبر من إمكانيات وسائل التواصل الاجتماعي في التعامل والمراقبة، فحدثت هذه الحالة من الاضطراب بين ما يجب نشره وما لا يجب عدم نشره، وكذلك الأمر فيما يتعلق بقدرة هذه المنصات على ضبط المعايير لتجنب الاتهام بالتحيز لطرف على حساب الآخر، ما قد يعرضها لغرامات مالية ضخمة من الجهات التنظيمية المعنية.

ماسك يتدخل

وأوضحت كونينج، أنه بالرغم من إعلان منصات التواصل الاجتماعي لسياساتها وقوانينها الخاصة، إلا أنه في بعض الأحيان تتدخل إدارتها لإتاحة أو حذف منشورات بعينها، فعلى سبيل المثال ليس من المعروف حتى الآن هل يتدخل الملياردير الشهير إيلون ماسك بنفسه في سياسات عمل منصته "إكس" أم أنها فقط القوانين الجديدة التي وضعتها إدارة الشركة، في أعقاب انتقال ملكيتها لماسك قبل عام.

ولفتت إلى أنه يلاحظ بشدة إتاحة حرية أكبر للمستخدمين في منصة (إكس) في نشر ما يريدون من محتوى، موضحة أن ذلك أثر سلبا على الإيرادات الإعلانية بالشركة بسبب سياستها الجديدة، وبالتالي أثر سلبا على القيمة السوقية للشركة.

وكانت منصة "إكس" قد خفضت حجم فرق الإشراف على المحتوى لإتاحة مزيد من الحرية للمستخدمين للتعبير عن آرائهم وهو ما أدى لعزوف شركات معلنة كبيرة عن نشر إعلاناتهم في المنصة، معللين ذلك بأنه لا يمكنهم نشر إعلانات منتجاتهم جنبا إلى جنب مع منشورات تحض على الكراهية، الأمر الذي ساهم في الهبوط بالقيمة السوقية لشركة "إكس"، لتصبح 20 مليار دولار مقابل 44 مليار دولار قبل استحواذ ماسك عليها.

"فيسبوك" في قفص الاتهام

على الضفة الأخرى، تواجه منصة "فيسبوك" اتهاما معاكسا من قبل المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، حيث اتهموا أكبر منصات التواصل الاجتماعي بالتضييق عليهم أو حذف منشورات لا تخالف قوانين النشر، لمجرد أن منشوراتهم تدعم القضية الفلسطينية.

الجدل حول محتوى منصات التواصل الاجتماعي لم يأت من فراغ، فهي تعد إحدى أهم أدوات تحريك الرأي العام العالمي، فعلى سبيل المثال يبلغ عدد مستخدمي "فيس بوك" عالميا مليارين و935 مليون مستخدم، فيما يبلغ عدد مستخدمي "يوتيوب" مليارين و478 مليون، مع ملياري مستخدم لتطبيق "واتس آب"، بينما يستحوذ "إنستغرام" على 440 مليون مستخدم، ويبلغ عدد مستخدمي "تيك توك" 834 مليوان، وتليغرام 400 مليون مستخدم.

هذا التجمع البشري الهائل، منح منصات التواصل الاجتماعي قيمة سوقية ضخمة، حيث تبلغ قيمة "فيس بوك" 434 مليار دولار أميركي، فيما تبلغ قيمة "إنستغرام" 100 مليار دولار، و "تيك توك" 200 مليار دولار، و"تليغرام" 30 مليار دولار، و"إكس" 20 مليار دولار.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com