خاص
خاصgetty images

تحرير سعر الصرف يفتح آفاقًا جديدة للسياحة المصرية

تترقب مصر ثمار قراراتها الاقتصادية الأخيرة، وعلى رأسها تحرير سعر الصرف، لتحقيق انتعاشة قوية في قطاع السياحة، بالتزامن مع تبني خطة طموحة تهدف إلى استقطاب 30 مليار دولار سنويًّا من إيرادات السياحة بدءًا من عام 2028.

واتخذ البنك المركزي المصري قرارًا برفع سعر الفائدة بأعلى نسبة في تاريخه بواقع 600 نقطة أساس، حاملًا معه آمالًا عريضة بتحقيق انفراجة كبرى في القطاع السياحي الذي عانى أزمات متتالية خلال السنوات الماضية.

يأمل صانعو القرار في مصر أن تُسهم الخطوات الأخيرة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى القطاع السياحي، ما يُعزز من قدراته على استيعاب أعداد أكبر من الزوار، ويُتوقع أن تُساعد هذه القرارات في تحفيز الاستثمارات المحلية في البنية التحتية السياحية وتطوير الخدمات المُقدمة للسياح.

الصورة أوضح للسياحة

ويؤكد الخبير السياحي، الدكتور مصطفى خليل، ، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "توحيد سعر الصرف كان أحد أهم المعوقات التي واجهت قطاع السياحة خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى صعوبة تخطيط المستثمرين وضبابية الرؤية في السوق".

وأضاف أن "الحكومة المصرية نجحت في تدارك هذه المشكلة سريعًا من خلال قرار البنك المركزي، وهو ما سيؤتي بثماره على قطاعي الصناعة والسياحة على حدٍ سواء، لارتباطهما الوثيق ببعضهما".

ورفعت "فيتش سوليوشنز"، التابعة لمؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني، توقعاتها لأعداد السائحين الوافدين إلى مصر خلال الفترة الممتدة  من العام الحالي أي  2024 إلى عام  2027، بنحو 63.7 مليون سائح، بدلًا من 58.6 مليون حسب  التوقعات العام الماضي.

وأشار الخبير السياحي إلى أن "نصيب مصر من حركة السياحة العالمية ارتفع بنسبة 33% في عام 2023 مقارنة بالعامين 2020 و2021"، مؤكدًا أن "هذا الارتفاع يُعدّ علامة فارقة للقطاع السياحي بعد سنوات من التراجع، إذ سجلت مصر نموًا ضئيلًا بنسبة 0.9% فقط في عامي 2020 و2021".

وتوقع خليل أن يساعد قرار تحرير سعر الصرف على تحسين قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، ما يجعل مصر وجهة أكثر جاذبية للسياح الدوليين.

وتسعى الحكومة المصرية إلى تحقيق معدل نمو سنوي  لأعداد السياح الوافدين  بنسبة تتراوح بين 25 إلى 30%، واستقطاب نحو 30 مليون سائح سنويًّا بحلول عام 2028. 

ولتحقيق هذا الهدف، تخطط الحكومة لتنفيذ العديد من المشاريع التطويرية في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك بناء فنادق جديدة وتحسين البنية التحتية للسياحة.

وكشفت وزارة السياحة والآثار عن أرقام قياسية جديدة للسياحة الوافدة إلى القاهرة خلال عام 2023، إذ استقبلت 14.9 مليون سائح، متجاوزةً بذلك الرقم القياسي السابق المسجل عام 2010 بنحو 14.7 مليون سائح.

وبلغ إجمالي عدد السياح الوافدين في الربع الأخير من عام 2023، 3.6 مليون سائح، ما يعكس انتعاشًا ملحوظًا في القطاع السياحي.

توحيد سعر الصرف كان أحد أهم المعوقات التي واجهت قطاع السياحة خلال السنوات الماضية
مصطفى خليل - خبير سياحي
تحرير سعر الصرف يُعزز استقرار شركات السياحة

ومن جانبه، رأى الخبير السياحي، محمد رحيم، أن "قرار تحرير سعر الصرف سيُسهم في استقرار شركات السياحة من خلال تشغيل برامجها وتسعيرها لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 أشهر".

وأوضح رحيم، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "هذا القرار يُنهي حالة التذبذب في أسعار الصرف التي شهدتها البلاد الفترة الماضية، والتي أدّت إلى ضبابية تثبيت  الأسعار للمستقبل".

وأشار الخبير إلى أن "تحرير سعر الصرف سيُمكن شركات السياحة من تسويق برامجها بشكل أكثر فاعلية، والتوسع في المنشآت والخدمات السياحية المقدمة للسائح"، وشدد على ضرورة التركيز على جودة السائح بدلًا من التركيز فقط على أعداد السائحين، وذلك لتحقيق أقصى استفادة من قطاع السياحة. 

وأوضح "رحيم" أن "استهداف 15 مليون سائح لتوفير 30 مليار دولار يتطلب خطة تسويقية ذكية، خاصةً أن قطاع السياحة هو صناعة تجارية تعتمد على أركان أساسية، مثل الطيران والفنادق وشركات السياحة والنقل السياحي".

وأضاف أن "قطاع السياحة بحاجة لتحسينات جوهرية لتعزيز القوة الشرائية وجذب العملة الصعبة"، وشدد على أهمية توفير الطيران المحلي المباشر لنقل الوافدين من بلادهم إلى المقاصد السياحية المصرية، بدلًا من الاعتماد على الطيران الأجنبي الذي يسيطر على 95% من السوق".

تحرير سعر الصرف سيُمكن شركات السياحة من تسويق برامجها بشكل أكثر فاعلية
محمد رحيم - خبير سياحي
دعم للسياحة

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، كارم السعيد، إن "قرارات البنك المركزي تتوافق مع رؤية وزارة السياحة وتُساعد في تحقيق أهدافها"، وأوضح أن "هذه القرارات ستُشجع أصحاب الفنادق والمستثمرين على التوسع في برامجهم التسويقية وجذب ملايين الوافدين للمقاصد السياحية المتنوعة في محافظات الجمهورية".

وتوقع أن تُدير هذه القرارات المليارات من العملة الأجنبية خلال الأشهر المقبلة، ما يُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وخلق فرص العمل.

وأضاف، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "أعداد الغرف الفندقية تُمثّل أحد التحديات التي تواجه قطاع السياحة، ونتيجة لذلك، تعمل الحكومة على زيادة أعداد الغرف الفندقية من خلال افتتاح نحو 65 ألف غرفة فندقية خلال عامي 2024 و2025".

ويأتي ذلك بعد عام 2023 الذي شهد افتتاح وتشغيل نحو 14209 غرف، ما أسهم في جذب نحو 14 مليون سائح خلال العام الماضي، وتهدف هذه الخطة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للقطاع السياحي، وتحقيق أهداف استراتيجية حتى عام  2030، وهي أمكانية الوصول إلى استقبال 30 مليون سائح سنويًّا.

أعداد الغرف الفندقية تُمثّل أحد التحديات التي تواجه قطاع السياحة في مصر
كارم السعيد - خبير اقتصادي

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com