أنهت أسواق الأسهم في دول الخليج موجة تدفقات خارجة استمرت على مدى شهرين، لتعكس اتجاهها مستقطبة نحو ملياري دولار من رؤوس الأموال الأجنبية خلال مايو الماضي، مع عودة الانتعاش إلى أسواق الأسهم العالمية وتحسن شهية المخاطرة.
بحسب شركة استشارات علاقات المستثمرين «إيريديوم أدفايزرز» (Iridium Advisors)، تلقت أسواق الإمارات وحدها تدفقات داخلة بقيمة 764 مليون دولار خلال الشهر الماضي، تلتها السعودية بـ752 مليون دولار.
تزامن هذا الزخم مع انحسار تقلبات الأسواق العالمية المرتبطة بتداعيات الحرب التجارية، إلى جانب استضافة دول المنطقة للعديد من مؤتمرات المستثمرين، والإعلان عن صفقات ضخمة خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة للمنطقة.
شهد مايو الماضي اتجاهاً قوياً لأموال المستثمرين الأجانب نحو الأسهم المدرجة في أسواق الخليج، حيث استقطبت تدفقات داخلة صافية قدرها 1.87 مليار دولار، بعد شهرين متتاليين من التدفقات الخارجة.
إلى جانب الإمارات والسعودية اللتين استحوذتا على الجزء الأكبر من تلك التدفقات، شهدت الكويت أيضاً استثمارات بـ290 مليون دولار، فيما سجلت قطر 73 مليوناً، وفق أرقام «إيريديوم أدفايزرز».
وقد تميز الشهر الماضي بانعقاد العديد من مؤتمرات المستثمرين في الخليج، فضلاً عن زيارة الرئيس ترامب إلى عدد من دول المنطقة، رافقتها إعلانات بارزة عن التعاون الاقتصادي وخطط استثمارية كبرى في كل من الإمارات والسعودية وقطر.
هذه الإعلانات جذبت اهتماماً عالمياً، وربما عززت المعنويات، إلا أن معظمها لا يزال في مرحلته الأولى؛ ما يجعل من الصعب قياس أثرها المباشر في حركة رؤوس الأموال في البورصات الإقليمية، بحسب شركة الاستشارات.
على أساس سنوي، سجلت التدفقات الأجنبية الداخلة إلى المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بمايو 2024؛ ما يشير إلى استمرار اهتمام المستثمرين، رغم أن هذا الاهتمام تغلِب عليه الانتقائية.
على عكس مايو، كان أبريل شهد ضغوطاً على خلفية تقلبات الأسواق العالمية في أعقاب إعلانات التعريفات الجمركية الأميركية، وزيادة إنتاج النفط، حيث واصل مؤشر التقلبات (VIX) الارتفاع خلال الشهر.
وقد سجلت المنطقة تدفقات خارجة صافية في أبريل الماضي بلغت (-68 مليون دولار)؛ ما يعد تحسناً مقارنة بالتدفقات الخارجة في مارس التي وصلت إلى (-407 ملايين دولار).
تظهر بيانات «إيريديوم أدفايزرز» أن انتعاش التدفقات الداخلة إلى أسواق الإمارات في أبريل، خفف أثر موجة خروج رؤوس الأموال من سوق السعودية خلال الشهر ذاته، بعدما كانت المصدر الرئيس للتدفقات الخارجة في منطقة الخليج مسجلة (-426 مليون دولار)، وهو أكبر تدفق خارج على أساس شهري في الأشهر الـ18 الماضية.
كانت الإمارات شهدت صافي تدفقات داخلة بقيمة 277 مليون دولار خلال أبريل، لتعوض خروج 61 مليون دولار في مارس؛ بينما أضافت الكويت 50 مليون دولار من التدفقات الداخلة، وجلبت قطر 42 مليوناً.
رغم عودة المعنويات إلى أسواق المنطقة، فإنها مرفقة بنهج حذر، في ظل محاولة المستثمرين التكيف مع الزيادة الثالثة في إنتاج النفط من قبل تحالف «أوبك+» بواقع 411 ألف برميل يومياً لشهر يوليو، والتي أُعلن عنها أخيراً، ومراقبة المزيد من التطورات الخاصة بالحرب التجارية.
عالمياً، تتوقع «إيريديوم أدفايزرز» أن تظل أسواق الأسهم شديدة الاستجابة للتطورات المتعلقة بالرسوم الجمركية، والتي لا تزال تُزعزع ثقة المستثمرين.
ومن المنتظر أن ينصب الاهتمام في الولايات المتحدة على تقرير الوظائف لشهر مايو، والذي من المتوقع أن يُظهر انخفاضاً مقارنة بشهر أبريل في ظل تأثر الاقتصاد بالرياح التجارية المعاكسة.
أما في أوروبا، فتشمل العوامل الرئيسة التي ستحرك السوق، اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، وإصدار بيانات الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو للربع الأول من عام 2025.
بالإضافة إلى ذلك، ستُقدّم بيانات مؤشر مديري المشتريات من كل من الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الرئيسة والصين، رؤى مهمة حول التوقعات الاقتصادية العالمية.