انكمشت القيمة السوقية لشركة أمازون، التي تدير أكبر متجر إلكتروني في العالم، إلى نحو 858.7 مليار دولار من 1.7 تريليون دولار في بداية العام، مدفوعة بمخاوف الركود وعزوف المستثمرين بعيدًا عن الشركة التي تعاني من تراجع الإيرادات.
تراجع سهم الشركة الأميركية 50% هذا العام، ما أدى إلى خسارة مئات المليارات من الدولارات من القيمة السوقية.
تباطؤ المبيعات
يأتي ذلك في وقت يعاني فيه تجار التجزئة عبر الإنترنت مع تباطؤ المبيعات، إذ لم تتحقق التوقعات بحدوث انتعاشة في التجارة الإلكترونية بعد ذروة وباء كوفيد- 19.
نمت إيرادات تجار التجزئة عبر الإنترنت خلال فترة الوباء والإغلاقات حيث كان من الصعب على المستهلكين التسوق في المتاجر التقليدية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسهم أمازون إلى مستويات قياسية مع ارتفاع المبيعات.
ومع إعادة فتح الاقتصاد، عاد المستهلكون تدريجيًا إلى التسوق في المتاجر والإنفاق على أشياء مثل السفر والمطاعم، ما تسبب في تقلص نمو إيرادات أمازون الضخم.
انخفضت مبيعات الشركة حول العالم بنسبة 5% خلال الربع الثالث على أساس سنوي إلى 27.7 مليار دولار، كما تراجع الدخل التشغيلي إلى 2.5 مليار دولار في الربع الثالث، مقارنة مع 4.9 مليار دولار في نفس الفترة قبل عام.
وتراجعت أرباح الشركة بنسبة 9.4% إلى 2.9 مليار دولار في الربع الثالث ما يعني أن نصيب السهم الواحد منها بلغ 0.28 دولار، مقارنة مع 3.2 مليار دولار، محققة في الربع الثالث من 2021 نحو 0.31 دولار للسهم.
قدرت الشركة آنذاك التأثير السلبي لتغيرات سعر الصرف خلال الفترة من الربع الثالث 2021 إلى الربع الثالث من العام الجاري بنحو 5 مليارات دولار، الذي لولاه لارتفعت المبيعات بنسبة 19% خلال الربع على أساس سنوي.
وقد اعترف الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، الذي خلف المؤسس جيف بيزوس في المنصب في يوليو 2021، آندي جاسي، بأن الشركة وظفت عددًا كبيرًا جدًا من العمال وأفرطت في بناء شبكة مستودعاتها في الوقت الذي كانت تتسابق فيه لمواكبة الطلب في عصر الوباء.
تصحيح الأوضاع
بدأت أمازون في إجراءات من شأنها أن تعيد إنعاش المبيعات مرة أخرى.
قررت شركة أمازون، وقف اختبارات روبوت التسليم الآلي سكاوت Scout، بعد أن أدركت أنه لا يلبي كامل احتياجات عملائها، تعمل الشركة الآن على تحجيم البرنامج أو إعادة توجيهه، حسبما ذكرت المتحدثة باسم أمازون، أليسا كارول، لكنها نفت أن تكون الشركة تخلت عن المشروع تمامًا.
بدأت أمازون في خططها للاستغناء عن عشرات الآلاف من الموظفين في إجراء يقال إنه الأضخم في تاريخ الشركة، ما يجعلها أحدث شركة كبرى تُخفّض الوظائف هذا العام.
وبحسب نيويورك تايمز فإن عمليات التسريح تستهدف في الغالب الفرق التي تطور مساعد الصوت الذكي الشهير للعلامة التجارية "أليكسا"، جنبًا إلى جنب مع أقسام البيع بالتجزئة والموارد البشرية.
قررت الشركة إغلاق بعض أعمالها التجارية في الهند، كجزء من حملة الشركة لخفض التكاليف والوظائف في جميع أنحاء العالم، ستوقف أمازون موقع التجارة الإلكترونية بالجملة (Amazon Distribution) المتاح في متاجر الأحياء الصغيرة في "بنغالورو" و"ميسور" و"هوبلي".
كما ستغلق أمازون شركة توصيل الطعام "أمازون فود"، التي كان يتم اختبار أعمالها في مدينة بنغالورو في جنوب الهند.
واتفقت أمازون منذ أيام مع الاتحاد الأوروبي على تسوية لإنهاء سلسلة التحقيقات التي تواجهها منذ 2020 المتعلقة باتهامات الاحتكار واستخدام بيانات تتعلق بصغار المنافسين لدعم أعمال البيع الخاصة بها.
بموجب الاتفاق، ستمتنع أمازون عن تحليل البيانات غير العامة المتعلقة أو المشتقة من أنشطة البائعين المستقلين في سوقها للترويج لمنتجاتها.
توقعات الربع الأخير
توقعت أمازون أن يتراوح صافي مبيعاتها بين 140 مليار دولار و148 مليار دولار، في الربع الأخير من العام الجاري، ما يعني نموًا بين 2% و8% مقارنة مع الربع المقابل العام الماضي.
رجحت الشركة تحقيق دخل تشغيلي قد يصل إلى 4 مليارات دولار، مقارنة مع 3.5 مليار دولار في الربع المقابل من عام 2021، مع افتراض عدم إبرام أي عمليات استحواذ أو إعادة هيكلة أو تسويات قانونية.
بالنظر إلى عام 2023، قام العديد من المحللين بتقليل تقديراتهم، مستشهدين بالرياح الكلية المعاكسة المستمرة وتراجع البيع بالتجزئة عبر الإنترنت هذا العام.
خفض المحلل في شركة Evercore ISI، مارك ماهاني، في مذكرة بتاريخ 18 ديسمبر، تقديراته لعام 2023 لشركة أمازون، وتوقع نمو إجمالي مبيعات التجزئة للعام بنسبة 6%، بانخفاض عن 10%، كما خفض توقعاته لنمو إيرادات خدمات أمازون ويب Amazon Web Services السنوية إلى 20% من 26%.