الهند رهان "آبل" لخفض الاعتماد على الصين

قد تغدو الهند وجهة التصنيع المفضلة لشركة "آبل" هذا العقد. ورغم علاقة ذلك بتزايد مشاكل بكين، لكن نيودلهي تستحق أيضًا الثناء بفضل جهودها لجعل الهند مكانًا أكثر جاذبية مالياً لشركة صناعة الإلكترونيات.

يتصاعد قلق المصنعين الغربيين بسبب اعتمادهم الكبير على الصين، خاصة بعد نهجها المتشدد وغير المتوقع بمجال الصحة العامة العام الماضي. وأبرزت الاحتجاجات العنيفة بمصنع "فوكسكون" التابع لشركة "آبل" في تشنغتشو في نوفمبر مخاطر تركز سلسلة التوريد بمكان واحد.

من ناحية أخرى، من المقرر أن تلعب الهند دورًا أكبر، على الأقل بالنسبة لـ"آبل" رغم بنيتها التحتية المتداعية والبيروقراطية المحبطة، وذلك بفضل السوق المحلية الكبيرة بالهند والدعم الحكومي القوي لتصنيع الإلكترونيات مؤخراً، ما يجعلها مؤهلة للاستفادة من استراتيجية التصنيع "الصين زائد واحد".

قامت "آبل" بالفعل بتجميع أجهزة آيفون 11 و12 و13 و14 بالهند عن طريق 3 شركات تايوانية "ويسترون" و"فوكسكون" و"بيغاترون". وبفضل تصميمات آيفون الجديدة الأكثر نمطية، يمكن للمصانع في الهند الآن إنتاج آيفون 14 في وقت واحد تقريبًا مع المصانع في الصين، وفقًا لـ "كاونتر بوينت ريسيرش"، حيث تتوقع شركة البحوث تصنيع 18- 20% من كافة أجهزة آيفون على مستوى العالم في الهند بحلول 2025 ارتفاعاً من نحو 3% فقط في 2021.

لم ترد "آبل" على طلب عبر البريد الإلكتروني للتعليق.

سوق كبيرة

كما الحال مع الصين، تعد إمكانات السوق الاستهلاكية أحد أهم أسباب التوجه إلى الهند. يعتقد مينغ تشي كو، المحلل في "تي إف إنترناشونال سيكيوريتيز" ومقرها هونغ كونغ، أن السوق الكبيرة السبب الرئيسي وراء اختيار "آبل" للهند كثاني موقع لتجميع أجهزة آيفون حول العالم، ويتوقع كو احتمال أن تغدو الهند موقعًا مهمًا ليس فقط لتجميع مكونات آيفون، بل لصناعتها أيضًا بحلول النصف الثاني من العقد.

لا تنحصر مزايا الهند في السوق فقط، إذ تمتلك البلاد مجموعة كبيرة من مواهب البرمجيات من يتحدثون اللغة الإنجليزية بشكل جيد كما طرحت الحكومة حوافز كبيرة لتصنيع الإلكترونيات خلال السنوات الأخيرة، ما ساعد في جذب استثمارات جديدة من بينها "فوكسكون" و"سامسونغ".

لدى الهند تقريبًا نفس حجم السكان مثل الصين، ومعدل مواليد أعلى، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه فيتنام، البلد الناشئة بمجال تصنيع الإلكترونيات من بعض المعوقات بسبب سوقها الصغير ومحدودية قوة العمل.

تحديات خاصة

رغم ذلك، تواجه الهند تحديات خاصة بها من عدم كفاية البنية التحتية وضعف سلسلة توريد الإلكترونيات بالمراحل الأولية والنهائية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، حيث تمثل المكونات المحلية في صناعة الهواتف الذكية نحو 14 - 15% فقط، بينما يتم استيراد الباقي، وفقًا لبيانات "كاونتر بوينت"، وتأتي أربعة أخماس تلك الواردات من الصين.

كما لا يمكن للهند أيضًا أن تضاهي الصين من حيث قدرة الحكومة المركزية على تحديد الأولويات والتخفيف من قدرات الحكومات المحلية على اتخاذ القرارات، حيث تنفذ كل ولاية هندية سياساتها التجارية الخاصة بشكل كبير، كما تواجه الهند مشاكل مع النزاعات العمالية العنيفة، بما فيها مشاكل في مصنع تديره "ويسترون"، أحد موردي "آبل" في 2020.

قد يمر وقت طويل قبل تمكن الهند من مضاهاة الصين من حيث الحجم والكفاءة بالنسبة لمصنعين لعالميين مثل "آبل"، لكن التغييرات السكانية والمشاكل الخاصة بالصين تعكس تحول الزخم إلى العملاق الجنوب آسيوي.

المصدر: وول ستريت جورنال