logo
اقتصاد

سياسات ترامب تدفع آسيا لتنويع استثماراتها بعيداً عن الولايات المتحدة

سياسات ترامب تدفع آسيا لتنويع استثماراتها بعيداً عن الولايات المتحدة
أعلام صينية على قوارب قرب حاويات الشحن في ميناء يانغشان خارج شنغهاي - الصين يوم 7 فبراير 2025المصدر: رويترز
تاريخ النشر:20 مارس 2025, 07:29 ص

دفعت الرسوم الجمركية والسياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعض المسؤولين الماليين في آسيا إلى توقع إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية، ما دفعهم للبحث بشكل عاجل عن بدائل تقلل من اعتمادهم على الولايات المتحدة. لكن تنفيذ ذلك ليس بالأمر السهل، بحسب رويترز.

وبعد الحرب العالمية الثانية، دعمت المؤسسات متعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي، نظاماً عالمياً جعل من الولايات المتحدة القوة المهيمنة، مع فرض الدولار كعملة احتياطية عالمية.

إلا أن سياسات إدارة ترامب بدت وكأنها تمثل قطيعة مع هذا النظام، حيث اتخذت نهجاً اقتصادياً وخارجياً تحدى الحلفاء، وقوّض بعض المؤسسات الدولية، ولجأت إلى وسائل مثل الرسوم الجمركية.

أميركا +1

رغم أن ملامح النظام الجديد لم تتضح بعد، إلا أن مقابلات أجريت هذا الشهر مع أكثر من عشرة مصرفيين ومستثمرين ومسؤولين آسيويين أظهرت أنهم لا ينتظرون اتضاح الصورة، بل يبحثون عن إستراتيجية «أميركا +1» لتقليل اعتمادهم المستقبلي على الولايات المتحدة. 

أصبحت هذه المساعي أكثر إلحاحاً وانتشاراً مقارنة بشهر مايو الماضي، حينما أُثير هذا الموضوع لأول مرة، ومع ذلك، لم يجد أحد بعد بديلاً واضحاً.

ووفقاً لما قاله هؤلاء المسؤولون، قد لا يكون هناك بديل حقيقي للسوق الأميركية في المستقبل القريب.

وقال رئيس قسم الأعمال الدولية في «ستاندرد تشارترد» بن هونغ: «نعيش تحوّلاً يحدث مرة كل 100 عام». 

ورأى أن العالم أصبح متعدد الأقطاب، تقوده الولايات المتحدة والصين والهند، مضيفاً: «تغير النظام الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية».

من جهتها، أفادت «سيتي غروب» بتلقيها عدداً قياسياً من استفسارات العملاء الآسيويين حول كيفية التعامل مع التوترات الجيوسياسية المتزايدة.

وذكرت أن تدفقات رؤوس الأموال في قطاعات مثل أسواق الصرف والتحوط شهدت نمواً مزدوج الرقم في ممرات تجارية ناشئة، لاسيما بين آسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، ومع ذلك، لا تزال الاستثمارات في الولايات المتحدة تتزايد أيضاً.

وفي تعليق على هذا الموضوع، أشار المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي، إلى أن شركات مثل «تي إس إم سي» التايوانية لصناعة الرقائق التزمت بضخ استثمارات في الولايات المتحدة، مضيفاً أن ذلك جاء استجابة لبرنامج «أميركا أولاً» الذي يشمل فرض الرسوم الجمركية وإزالة القيود التنظيمية وتحرير قطاع الطاقة الأميركي.

انفتاح على الصين

تعكس هذه التحولات كيف أن سياسة «أميركا أولاً» قد تُسرّع التغيرات الاقتصادية الجارية بالفعل، خاصة مع صعود الصين كثاني أكبر اقتصاد عالمي، وهو ما قد يقوّض بعض أهداف ترامب في كبح نفوذ بكين.

وأثارت إجراءات البيت الأبيض غير المسبوقة، مثل تدخله في بيع تطبيق «تيك توك»، مخاوف لدى المستثمرين بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بسيادة القانون.

إضافة إلى ذلك، أدت العقوبات الاقتصادية الأميركية لدفع الشركات والمستثمرين الأجانب للبحث عن بدائل للأصول المقومة بالدولار.

ووفقاً لمسؤول صيني، فإن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على حلفاء أميركا، مثل كندا وأوروبا، فتحت الباب أمام بكين لتعزيز نفوذها.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «ترامب لا يستطيع عزل الصين من خلال حلفائه؛ لأن حلفاءه يواجهون أيضًا رسومًا جمركية».

وأشار إلى أن الشركات الصينية باتت مضطرة لتنويع أسواقها وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، مع التركيز على أسواق أخرى مثل جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط.

قلة البدائل

رغم هذه المساعي، لا تزال الأصول الأميركية جذابة، كما أظهرت المقابلات. ويرجع ذلك إلى ضخامة الاقتصاد الأميركي، وعمق أسواقه المالية، وقوة مؤسساته مقارنة بالحكومات السلطوية في دول أخرى. ومع ذلك، فإن الخيارات المتاحة محدودة.

فعلى سبيل المثال، من يبحث عن بديل للدولار خارج نطاق النفوذ الأميركي لديه ثلاثة خيارات فقط: الذهب، العملات المشفرة، واليوان الصيني.

وساهمت هذه التحولات جزئيًا في ارتفاع أسعار الذهب، حيث بدأت البنوك المركزية العالمية تقليل اعتمادها على الدولار.

وقال هونغ من «ستاندرد تشارترد»: «لا يوجد خيار مثالي بين هذه البدائل الثلاثة»، مضيفاً أن الشركات التي ترغب في التعامل باليوان بدلاً من الدولار تحتاج إلى أدوات مالية للتحوط ضد مخاطر العملة الصينية.

وأشار إلى أن إحدى هذه الأدوات هي «Swap Connect» في بورصة هونغ كونغ، والتي تتيح للمستثمرين تداول عقود المقايضة المرتبطة بسعر الفائدة على اليوان.

وبلغ متوسط حجم التداول اليومي لهذه العقود 14.9 مليار يوان (2.06 مليار دولار) العام الماضي، وهو أعلى بكثير من التوقعات الأولية البالغة 3 مليارات يوان عند إطلاقها في مايو 2023.

ومع ذلك، أكد مصرفيون أن عمليات التحوط لحماية الشركات من مخاطر اليوان لا تزال محدودة.

 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC