تخطط إليزابيث بواترايت حالياً للتقاعد، علماً بأنها قامت هي وزوجها فرانك بالادخار من دون كلل منذ عقود، وبدا لها أنها على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافهما المالية. إلا أن خطة الزوجين لم تأخذ بعين الاعتبار ما سيحدث لزوجها فرانك، الذي كان سابقاً موظفاً اجتماعياً، وأصيب بالخرف منذ عامين، ولم تتضمن خطتهما ميزانية لتغطية تكاليف علاج فرانك، والتي تتراوح بين 5 و6 آلاف دولار شهرياً. لذا فإن إليزابيث البالغة من العمر 72 عاماً لا تزال تعمل يومين في الأسبوع في أحد المستشفيات المحلية بدوام 12 ساعة في اليوم، وذلك بالإضافة إلى عملها في مستشفى للأطفال، كلما أتيح لها ذلك.
وقالت بواترايت التي تعمل أيضاً لمساعدة الآخرين، في مواجهة تقلبات حياتهم ومشاكلهم المالية، إنها تخطط للتخلي عن عملها لتعتني بفرانك بنفسها بعد انخفاض المدخرات بسبب تكاليف الرعاية لزوجها. وأضافت "إن الأمر صعب. فالمدخرات تتضاءل والوضع الحالي المتمثل في التوفيق بين العمل واحتياجات فرانك "مرهق بالتأكيد" ومع ذلك، إن احتمال التخلي عن راتبها ومشاهدة مدخراتهما تتقلص، يمثلان وضعاً أكثر صعوبة".
وتعتبر بواترايت فردا من بين المواليد الذين لا يحصى عددهم، ويواجهون احتمال نفاد مال التقاعد في الكبر وذلك بالرغم من أنهم يمثلون الجيل الأميركي الأكثر ثراء في التاريخ. ويشمل هذا حتى بعض أولئك الذين كانوا يعتبرون أنفسهم لفترة طويلة، أنهم يمثلون طبقة متوسطة مريحة، ومن الذين اجتهدوا بقوة للتوفير طيلة حياتهم المهنية. وتعود أسباب اضمحلال مدخرات التقاعد للمشاكل الصحية، والتقاعد القسري، والديون المتراكمة.
وكان متوسط المدخرات لعائلة يرأسها شخص يتراوح عمره بين 60 و65 عاماً، ويتراوح دخل أسرته بين 71 و126 ألف دولار، حوالي 150 ألف دولار، وفقاً لبيانات عام 2019 من معهد بحوث استحقاقات الموظفين، (آي بي آر آي). أما بالنسبة للأشخاص الذين يزيد دخلهم أكثر من ذلك، أي الذين يحصلون على أكثر من 126 ألف دولار تقريباً، فيصل متوسط رصيد مدخرات التقاعد إلى 535 ألف دولار. ولكن من المؤكد أن ذلك ليس ضماناً لتمويل التقاعد الذي قد يمتد إلى 20 عاماً أو أكثر.
وتتعارض هذه المدخّرات مع التكاليف المحتملة، التي قد تضرب بسرعة أرصدة المتقاعدين إذ قد تصل نفقات الرعاية الصحية للزوجين المتعاقدين إلى 315 ألف دولار، قبل احتساب الرعاية طويلة الأجل. ويبلغ متوسط سعر غرفة خاصة في دار التمريض 108 آلاف دولار في السنة. وبوجه عام، فإن أكثر من 40% من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و64 عاماً، معرضون لخطر التعرض لنقص في مدخرات التقاعد.
بطبيعة الحال، لا يشكل نقص المدخرات ضمانة بأن المتقاعدين سوف تنتهي بهم الحال إلى الفقر المدقع. ويشكل برنامج المساعدة الطبية والضمان الاجتماعي شبكات أمان هامة. والواقع أن 40% من الأميركيين الأكبر سناً يعتمدون على إعانات الضمان الاجتماعي، لتغطية أكثر من نصف النفقات، وغالباً ما تساعد أيضاً العائلة والأصدقاء. وكلما ازدادت النفقات، يميل المتقاعدون إلى تقليل نفقاتهم أو تغيير نمط حياتهم. ويقول ستاسي فرانسيس، المخطط المالي المعتمد ورئيس فرانسيس فاينانشال: "إن غالبية الأفراد لا يذهبون إلى التقاعد بأصول كافية، ولذلك "لا مجال للخطأ" والتفريط.
التحدي
ويواجه الجيل الأخير من المتقاعدين، والذين يقتربون من التقاعد، تحدياً تمويلياً أكثر صعوبة من العديد من أسلافهم. وذلك لأن حصة أكبر من الأجيال السابقة كانت تتمتع بمعاشات التقاعد، الأمر الذي وفّر لها دخلاً مدى الحياة والذي عمل، بالتنسيق مع الضمان الاجتماعي، كشبكة أمان. وفي السبعينات من القرن الماضي، حال التضخم دون الحصول على مثل هذه المدخرات.
التعامل مع الديون
في الماضي كان معظم المتقاعدين يتحملون ديوناً ضئيلة جداً. ولكن هذا الوضع يتغير. ففي عام 2019، كان أكثر من نصف الأسر التي يرأسها شخص عمره 75 عاماً أو أكثر، يعانون من الديون، فيما كانت في العام 1992 تقدر باٌقل من الثلث. وفي حين كانت الرهون العقارية تمثل 30 % من ديون المتقاعدين، ارتفع معدل ديون بطاقات الائتمان لهذه الفئة العمرية. وفضلا عن ذلك، إن عبء الديون كان أعلى بالنسبة للعائلات ذات الأصول السوداء والإسبانية، الأمر الذي يساهم في اتساع فجوة الثروة العرقية التي تؤدي إلى تفاقم مخاوف تأمين التقاعد للأشخاص من ذوي البشرة الملونة.
وحل أزمة التقاعد بالنسبة لحديثي الولادة ليس بالأمر السهل، لكن المستشارين يقولون إن الفهم والتخطيط لواقع التكاليف والعقبات التي تنتظرنا، يشكلان خطوة عملاقة في الاتجاه الصحيح. وتشير بواتترايت إلى أنها حتى مع خلفيتها في مساعدة الآخرين على التخطيط لمستقبلهم، لم تكن مستعدة للتعامل مع ضخامة فواتير الرعاية لزوجها. وقالت أيضاً إنه سيناريو شائع جداً والمولودون الجدد لا يدركون ذلك.