وقد نما سوق المركبات الكهربائية في العالم بقدر كبير ومتسارع خلال السنوات الأخيرة؛ حيث بلغت مبيعاته نحو ١١ مليون سيارة، وهو ما يشكل حوالي ١٥% من إجمالي مبيعات السيارات في العالم.
ويقول رابح الرواف، الخبير الاقتصادي ومحلل الأسواق، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية، إن دول الخليج تتجه حاليا لتنويع مواردها الاقتصادية بعيدا عن الاعتماد على النفط، لذلك تتبني استراتيجيات لتوسيع هياكلها الاقتصادية في المديين القريب والمتوسط حتى لا يصبح رهنا لتقلبات أسعار النفط.
ويضيف الرواف أن رؤية ٢٠٣٠ التنموية في المملكة العربية السعودية، وضعت مبدأ أساسيا وهو تنويع الموارد الاقتصادية للبلاد، لافتا إلى أن السعودية قامت بتأسيس شركة "سير" العام الماضي، لتقتحم من خلالها مجال صناعة السيارات الكهربائية، حيث تعمل الشركة على تطوير النظام الكهربائي للسيارات وتزويدها بأنظمة تقنية متقدمة مثل القيادة الذاتية.
وتطمح الشركة السعودية الوليدة لتغطية السوق المحلي وتصدير منتجاتها لمنطقة الشرق الأوسط كبداية. وأوضح الرواف أن المملكة رائدة في مجال السيارات الكهربائية، وكانت من أوائل دول الشرق الأوسط التي عملت على جذبها للسوق المحلية، حيث شهدت البلاد في عام ٢٠١٨ تشييد أول مجمع سكني يحتوي على منصات شحن للسيارات الكهربائية، وهو مجمع "ديار السلام" في جدة.
ويبلغ حجم سوق السيارات الكهربائية في العالم حوالي ٢٨٨ مليار دولار، وهو ما يشكل حوالي ١١% من إجمالي سوق السيارات، وقد نما هذا القطاع بمعدل ١٦.٥% خلال عام ٢٠٢١، فيما من المتوقع وصول حجم سوق السيارات الكهربائية إلى ١.٤ تريليون دولار أميركي خلال السنوات الخمس المقبلة، على أن ترتفع حصته من إجمالي مبيعات السيارات في العالم إلى ٢٧ % بحلول عام ٢٠٣٠.
وسعت دولة الإمارات العربية المتحدة في وقت مبكر لتطوير بنية تحتية قوية، تكون محفزا لمواطنيها على استخدام السيارات الكهربائية، حيث وضعت خطة لزيادة عدد محطات الشحن لتصبح ٨٠٠ محطة خلال الأعوام القليلة المقبلة، بدلا من ٥٠٠ محطة حاليا.
كما بدأت الإمارات منذ عام ٢٠٢١ في العمل على تحويل ٢٠% من سيارات القطاع الحكومي إلى سيارات كهربائية، فيما قررت إمارة مثل دبي تحويل ٥٠% من حافلاتها إلى كهربائية بحلول عام ٢٠٢٥.
ويتوقع الخبراء أن يصل حجم سوق السيارات الكهربائية في الإمارات إلى ٣٤٥ مليون دولار بحلول عام ٢٠٢٧، وذلك ارتفاعا من ٢٥٠ مليون دولار في الوقت الحالي، ومقارنة بحوالي ١٦٤.٢٠ مليون دولار في عام ٢٠٢١.
ومن المتوقع أن يصل حجم مبيعات السيارات الكهربائية في الإمارات إلى ٥٧٨٠ سيارة بحلول نهاية ٢٠٢٣ بدلا من ٣٦٥٠ سيارة عام ٢٠٢١، بينما من المتوقع أن تصل إلى أكثر من ١٥ ألف سيارة كهربائية بحلول ٢٠٢٧.
في مسار آخر، وبينما تضغط الرسوم الجمركية الحمائية الزائدة من الولايات المتحدة وأوروبا على واردات السيارات الكهربائية الصينية، تسعى بكين إلى فتح أسواق جديدة لها في منطقة الخليج العربي، وهو الأمر الذي دفع ممثلي كبرى شركات صناعة السيارات الكهربائية للتوافد على المنطقة؛ سعيا وراء زيادة مبيعاتها، وخاصة في دول مثل السعودية والإمارات والبحرين وقطر.
وتعتزم الصين تحقيق أقصى استفادة من السوق الخليجية وفي مقدمتها دولة مثل الإمارات، التي تعهدت بأن تتخطى نسبة السيارات الكهربائية في البلاد الـ ٥٠% بحلول عام ٢٠٥٠، فيما خصصت ٥٥ مليار دولار حتى عام ٢٠٣٠ لتغيير استراتيجيتها للطاقة.
وتقول ألكسندرا كارفر، خبيرة أسواق المال والمحللة الاقتصادية، بمؤسسة ماركت ووتش، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن شركات السيارات الكهربائية الصينية تمكنت من الاستحواذ على نسبة ٨% من المبيعات من سوق المركبات في أوروبا الغربية، بينما كانت حصتها صفرا عام ٢٠١٩، وهو ما يؤشر إلى التسارع الكبير في كفاءة الصينيين في غزو الأسواق بهذا القطاع.
وأوضحت كارفر أن بوصلة المصنعين الصينيين حاليا، تتجه للشرق الأوسط، خاصة الدول الخليجية، لفتح أسواق جديدة لها بديلة عن السوق الأميركية، حيث وضعت الولايات المتحدة رسوما جمركية كبيرة للحد من استيراد السيارات الكهربائية الصينية.
وترى كارفر أن الصين إذا ما أرادت النجاح في السوق الخليجية فإن أمامها تحديا وهو ارتفاع درجات الحرارة في منطقة الخليج العربي، وهو ما سيحتم عليها العمل على زيادة كفاءة البطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية لتستطيع البقاء فترات أطول.
وأوضحت أن درجة الحرارة المرتفعة وتشغيل التكييف باستمرار يستنفذان البطارية بقدر أكبر، فالسيارة الكهربائية التي من المفترض أن تقطع ٣٥٠ كيلومترا في الشحنة الواحدة، تبين أنها في أجواء دول الخليج تسير ٢٠٠ كيلومتر فقط، ناهيك عن أن البطارية تتآكل سريعا، ما يعني عمرا افتراضيا أقل، لافتة إلى أن من يريد الاستحواذ على نسبة أكبر من المبيعات في دول الخليج عليه حل هذه المشكلة بإتقان.