تقارير
تقاريرتمثال الحرية- shutterstock

ثالوث التصنيفات.. خطوة واحدة ويضرب واشنطن

ارتفاع قياسي للتضخم وأزمة ديون عاصفة وإغلاق حكومي وشيك جنبًا إلى جنب وانهيار العديد من المصارف الأميركية تزامنًا والعشرات من المؤشرات على أن أكبر اقتصاد بالعالم لم يعد مثل ذي قبل، مع توقعات قاتمة بشأن مزيد من التباطؤ في ظل حملة تشديد غير مسبوقة من الفيدرالي الأميركي، وفي الوقت ذاته بدأ العد التنازلي لاحتمال إغلاق وشيك للحكومة الفيدرالية بعد 6 أيام من الآن.

تضافرت تلك الأنباء والبيانات الصادمة معًا على مدار أشهر وأسابيع، لتسلب من الولايات المتحدة الأميركية مكانتها على رأس هرم التصنيف الائتماني للوكالات الدولية، ولا يتبقى أمام أميركا الآن لاكتمال ثالوث خفض التصنيف الائتماني المقدس سوى قرار أخير من موديز حتى تكون واشنطن قد فقدت أعلى تصنيف من الوكالات الثلاث وهو AAA.

7 أغسطس 2011 تخفيض علامة الدين العام الأميركي بمقدار درجة واحدة، للمرة الأولى في التاريخ
ستاندرد آند بورز
لمحة عامة

وفي الوقت ذاته من المحتمل أن تعود ستاندرد آند بورز من جديد وتبدأ حقبة جديدة من التخفيضات، وتحرم واشنطن من درجة جديدة من التصنيف الممتاز، حيث باتت واشنطن تحمل درجتين من ثلاث فقط من فيتش وستاندرد آند بورز

في أغسطس الماضي قامت وكالة فيتش للمرة الثانية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية بخفض التصنيف الائتماني لأقوى اقتصاد في العالم وهى الخطوة التي جاءت عقب تفاقم أزمة سقف الديون الأميركية.

ولم يكد يمر أكثر من ثلاثة أشهر حتى أقدمت وكالة موديز، الأكبر بين الوكالات الثلاث، باتخاذ خطوة مماثلة حيث خفضت تصنيف الولايات المتحدة الأميركية منذ ساعات.

وهكذا لم يعد أمام اكتمال ثالوث خفض التصنيف الائتماني من جانب أكبر ثلاث وكالات دولية في العالم سوى الخطوة الأخيرة والتي ينتظر أن تتخذها ستاندرد آند بورز التي اتخذت تلك الخطوة للمرة الأولى منذ 12 عامًا مضت.

اقرأ أيضًا- الحرب والطلب يضربان النفط للأسبوع الثالث
الخفض الأول

في إجراء هو الأول من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، قررت وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني يوم 7 أغسطس تخفيض علامة الدين العام الأميركي بمقدار درجة واحدة، مرجحة فشل واشنطن في مواجهة عجز الموازنة الفيدرالية حينذاك.

واعلنت ستاندرد اند بورز في بيان حينذاك أنها خفضت درجة واحدة علامة الدين العام الأميركي من "ايه ايه ايه" الدرجة الأعلى على الإطلاق، الى "ايه ايه"، مبررة ذلك بمخاطر سياسية أمام رهانات العجز في الميزانية.

وحينذاك بررت الوكالة قرارها بمخاطر سياسية مع اتخاذ البلاد إجراءات غير كافية لمواجهة العجز في ميزانيتها.

وفي نظرها فإن النقاش السياسي حول هذه المسائل ليس بمستوى المشكلات التي تسبب بها الدين العام الذي تجاوز الـ 14500 مليار دولار.

وارفقت الوكالة هذا الخفض بتوقعات سلبية ما يعني أن ستاندرد اند بورز تعتقد أن التغيير المقبل الذي سيطرأ على هذا التصنيف سيكون للأسوأ وسيتم خفض علامة الدين العام الأميركي مجددا.

نعتقد أن التغيير المقبل الذي سيطرأ على هذا التصنيف سيكون للأسوأ وسيتم خفض علامة الدين العام الأميركي مجددا
ستاندرد آند بورز/2011
الأولى بـ70 عامًا

احتفظت الولايات المتحدة بأعلى درجات تصنيف ستاندارد اند بورز ايه ايه ايه منذ تأسيس هذه الوكالة في العام 1941.

وحتى عام 2011 كان تصنيف الوكالتين الكبريين الأخريين، موديز وفيتش لا يزال الأعلى بين التصنيفات الائتمانية، ما يعنى أن خطوة ستاندرد كانت الأولى في 70 عامًا.

واتهمت الحكومة الأميركية وكالة ستاندرد اند بورز حينذاك بانها استندت في قرارها الى أخطاء خطيرة في الحسابات.

وقالت وزراة الخزانة حينذاك وعقب إعلان قرار ستاندارد اند بورز تخفيض تصنيف الدين العام الأميركي: "إن تصنيف ستاندرد آند بورز مشوبا بخطأ قدره الفا مليار دولار ما ينسف دقة التقرير".

اقرأ أيضًا- شركة دفاع إماراتية تقتنص نصف أسهم شركة بولندية
إنذار فيتش

وفي مايو الماضي وبعد أن خفضت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيف الولايات المتحدة عام 2011 على خلفية أزمة سقف الدين.

واجهت واشنطن خطر خفض آخر للتنصيف الائتماني من مستوى إيه إيه إيه لوكالة فيتش وسط مخاوف من تخلفها عن سداد ديونها.

في الأول من أغسطس الماضي تم خفض تصنيف الولايات المتحدة إلى "AA+" من "AAA"
فيتش
كارت أحمر

ولم يكد يمر 3 أشهر على توجيه فيتش إنذارًا شديد اللهجة للوريات المتحدة حتى أقدمت الوكالة على خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأميركية للمرة الثانية في تاريخها.

وخفضت وكالة التصنيف فيتش، التصنيف الائتماني الأعلى للحكومة الأميركية، في خطوة أثارت استجابة غاضبة من البيت الأبيض وفاجأت المستثمرين على الرغم من حل أزمة سقف الديون قبل شهرين.

وجاء قرار فيتش في الأول من أغسطس الماضي بخفض تصنيف الولايات المتحدة إلى "AA+" من "AAA"، مستشهدة بالتدهور المالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة ومفاوضات الحد الأقصى للديون المتكررة التي تهدد قدرة الحكومة على سداد فواتيرها.

اقرأ أيضًا- لبعض الوقت.. تأجيل سقوط اقتصاد بريطانيا
مبررات الخفض

ومن وجهة نظر فيتش، كان هناك تدهور مطرد في معايير الحوكمة على مدار العشرين عاماً الماضية، بما في ذلك المسائل المالية والديون، على الرغم من اتفاق يونيو لتعليق حد الدين حتى يناير 2025.

وجاءت خطوة "فيتش" بعد شهرين من توصل الرئيس الديمقراطي جو بايدن ومجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون إلى اتفاق لسقف الديون الذي رفع حد الاقتراض الحكومي البالغ 31.4 تريليون دولار، منهيا شهورا من سياسة حافة الهاوية.

هناك تدهور مطرد في معايير الحوكمة على مدار العشرين عاماً الماضية، بما في ذلك المسائل المالية والديون
فيتش/ أغسطس الماضي
انتقاد واشنطن

واختلفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع تخفيض تصنيف فيتش، في بيان وصفته بأنه تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة.

وفي الوقت ذاته وعقب صدور التقرير الصادم من فيتش أعلن البيت الأبيض أنه لا يتفق بشدة مع هذا القرار.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير: "إن تخفيض تصنيف الولايات المتحدة يتحدى الواقع في الوقت الذي حقق فيه الرئيس بايدن أقوى انتعاش لأي اقتصاد رئيسي في العالم".

اقرأ أيضًا- أكبر مدير أصول بالعالم يشعل سوق الكريبتو
تمهيد موديز

ورغم انقشاع أزمة الديون مؤقتًا، خفضت وكالة موديز في أغسطس الماضي التصنيف الائتماني تصنيف 10 بنوك أميركية، في خطوة بدا أنها تمهيدًا لخطوة تالية.

وخفضت موديز تصنيفات 10 بنوك بدرجة واحدة، وأهمها "إم آند تي"، "ويبستر فايننشال"، "بي أو كيه فايننشال"، "أولد ناشونال بانكورب"، "بيناكل فايننشال بارتنرز"، "فولتون فايننشال".

ووضعت 6 بنوك أخرى قيد المراجعة بسبب تخفيضات محتملة، وعلى رأسها "نيويورك ميلون"، "يو إس بانكورب"، "ستيت ستريت"، "ترويست فايننشال".

غيرنا النظرة المستقبلية للولايات المتحدة إلى سلبية من مستقرة، بسبب المخاطر المالية المحتملة
موديز
تمهيد إس آند بي

وعلى خطى موديز خفضت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال، التصنيف الائتماني وعدلت توقعاتها للعديد من البنوك الأميركية، وذلك بعد أسبوعين من خطوة مماثلة من قبل وكالة موديز.

وحذرت الوكالة من أن مخاطر التمويل وضعف الربحية من المرجح أن تختبر القوة الائتمانية للقطاع المصرفي بالولايات المتحدة.

وأعلنت ستاندرد آند بورز قبل نهاية أغسطس أنها خفضت تصنيفها الائتماني درجة واحدة لكل من "KeyCorp"، و"Comerica Inc"، و"Valley National Bancorp"، و"UMB Financial Corp"، و "Associated Banc-Corp".

وخفضت الوكالة توقعاتها لبنكي "River City Bank"، و" S&T Bank" إلى سلبية، وقالت إن نظرتها إلى بنك "Zions Bancorp" لا تزال سلبية بعد المراجعة.

نصف التهديد

ومنذ قليل غيرت وكالة التصنيف الائتماني موديز نظرتها المستقبلية للولايات المتحدة إلى سلبية من مستقرة، بسبب المخاطر المالية المحتملة لارتفاع أسعار الفائدة والعجز.

ومع ذلك، أبقت الوكالة على تصنيف البلاد المميز عند Aaa، حيث تعد "موديز المؤسسة الوحيدة من بين أشهر 3 مؤسسات للتصنيف، التي تبقي على تقييم الولايات المتحدة عند أعلى درجة.

وقالت الوكالة: "إن القرار جاء في سياق ارتفاع أسعار الفائدة، دون اتخاذ تدابير سياسية مالية فعالة لخفض الإنفاق الحكومي أو زيادة الإيرادات".

وتتوقع وكالة موديز أن يظل العجز المالي في الولايات المتحدة كبيرًا للغاية، وهو ما من شأنه أن يضعف القدرة على تحمل الديون بشكل كبير.

اقرأ أيضًا- الاقتصاد مستقر.. بنك إسرائيل يغمض عينيه

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com