تقارير
تقاريرمحافظ بنك إسرائيل المركزي عامير يارون في الوسط- رويترز

الاقتصاد مستقر.. بنك إسرائيل يغمض عينيه

رغم تفاقم الأزمة التي يعيشها الاقتصاد الإسرائيلي، والتي تأتي كنتيجة حتمية لتداعيات الحرب الكارثية التي اندلعت رحاها في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، إلا ان صانعي السياسة النقدية في إسرائيل يرون غير ذلك، حتى مع إعلان مؤسسات التصنيف الدولية وكبرى البنوك العالمية عن توقعات سلبية للغاية بشأن الااقتصاد الإسرائيلي خاصة وإن اتسعت دائرة الصراع أو في مع طول أمد الحرب.
اقتصاد قوي

ومنذ ساعات أعلن محافظ بنك إسرائيل، عامير يارون، أن التدابير التي اتخذها البنك المركزي منذ بدء حرب غزة الشهر الماضي أدت إلى استقرار الأسواق المالية من دون الحاجة إلى خفض أسعار الفائدة.

وقال محافظ بنك إسرائيل في ندوة بمؤتمر بحثي تابع لصندوق النقد الدولي في واشنطن: "اقتصاد إسرائيل قوي ومستقر وله دعائم اقتصادية ناجعة وسليمة ستسمح بالتعافي سريعا والعودة إلى الرخاء".

وتأتي تصريحات ياورن بعدما أعلنت وكالات التصيتف الثلاثة في وقت سابق موديز وستاندرد آند بورز وفيتش وضع التصنيف الإئتماني لإسرائيل قيد المراجعة تمهيدًا لخفض محتمل، تزامنًا وتوقعات ارتفاع عجز الموازنة وانكماش الاقتصاد تزامنًا وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل جنبًا إلى جنب وارتفاع تكلفة الديون الإسرائيلية وانخفاض العملة التاريخي.

طول أمد الصراع سيؤدي إلى خفض تصنيف إسرائيل للمرة الأولى في التاريخ
مؤسسات التصنيف الدولية
معضلة النمو

وفي محاولة لتحفيز معدلات النمو الآخذ في التباطؤ قرر المركزي الإسرائيلي تثبيت أسعار الفائدة، وهو ما أفقد الشيكل مزيدًا من الزخم،وللمرة الثالثة على التوالي أبقى بنك إسرائيل المركزي أسعار الفائدة على الاقتراض قصير الأجل على حالها من دون تغيير.

و أبقى المصرف المركزي سعر الفائدة القياسي عند 4.75%، وهو أعلى مستوى له منذ أواخر عام 2006، وفي وقت سابق رفع بنك إسرائيل المركزي أسعار الفائدة 10 مرات متتالية في دورة تشديد قوية، صعوداً من 0.1% في إبريل الماضي.

وفي يوليو الماضي توقف بنك إسرائيل مؤقتاً ليرفع من جديد في أغسطس قبل أأن يقوم بالتثبيت في الاجتماعات الثلاثة الأخيرة.

اقرأ أيضًا- التضخم في الصين يحتضر.. بيانات غير متوقعة
معضلة صعبة

ويواجه البنك المركزي الإسرائيلي معضلة صعبة وقراراً معقداً بشأن تحديد سعر الفائدة، حيث الاختيار ما بين دعم الشيكل الضعيف برفع الفائدة او دعم الاقتصاد واشعال التضخم بتثبيت أو خفض الفائدة.

وفي سبتمبر الماضي جاء التضخم بأعلى من توقعات الأسواق ليسجل مستويات 3.8% مقابل مستهدفات البنك بين مستويات 1% إلى 3%.

دعم الشيكل

وأكد عامير يارون محافظ بنك اسرائيل المركزي أن سعر الفائدة يهدف إلى التأثير على التضخم، وهذا هو الهدف الأول في قائمة الأهداف التي يحددها بنك إسرائيل.

وفي الوقت ذاته لفت يارون إلى ضرورة دعم استقرار النظام المالي وعملياته المنتظمة في ظل الآثار السلبية للحرب على الاقتصاد.

وقال محافظ البنك: "من الممكن أن يتبع قرار تثبيت سعر الفائدة إجراءات إضافية مصممة لضبط الأسعار إذا استمر انحراف أسعار الصرف".

من الممكن أن يتبع قرار تثبيت سعر الفائدة إجراءات إضافية مصممة لضبط الأسعار إذا استمر انحراف أسعار الصرف
عامير يارون
ثمن الحرب

وقال يارون: "كل حرب لها بعد اقتصادي كبير يشمل تأثيرها على الأسواق المالية، ومع هذا العدد الكبير من جنود الاحتياط في الخطوط الأمامية، هناك تأثير على الاقتصاد الحقيقي".

وأضاف يارون: "لكن مع التعديلات المناسبة في الميزانية، والتي أعتقد أنها قابلة للإدارة، لن تكون هناك تغييرات كبيرة في الوضع المالي الأساسي لإسرائيل".

رؤية سلبية

وفقًا لوكالات التصنيف الدولية الثلاثة تعكس التوقعات السلبية خطر انتشار الحرب بين إسرائيل وحماس على نطاق أوسع أو التأثير على مقاييس الائتمان الإسرائيلية بشكل أكثر سلبية.

وتفترض وكالات التصنيف الدولية حتى الان أن الصراع سيظل متمركزًا في غزة ولن يستمر أكثر من ثلاثة إلى ستة أشهر.

وبحسب وكالات التصنيف يمكن أن يخفض تصنيف إسرائيل إذا اتسع الصراع بشكل ملموس، مما يزيد من المخاطر الأمنية والجيوسياسية التي تواجهها إسرائيل.

ويمكن أيضًا خفض التصنيفات خلال الـ 12 إلى 24 شهرًا القادمة إذا ثبت أن تأثير الصراع على النمو الاقتصادي لإسرائيل، ووضعها المالي، وميزان المدفوعات أكثر أهمية مما تتوقعه الوكالة حاليًا.

كل حرب لها بعد اقتصادي كبير يشمل تأثيرها على الأسواق المالية، إضافة لتأثير على الاقتصاد الحقيقي
تصريح سابق لمحافظ بنك إسرائيل
توقعات بالانكماش

وتتوقع وكالات التصنيف الآن أن ينكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 5% في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بالربع الثالث، قبل أن ينتعش في أوائل عام 2024.

ومن المرجح وفقًا لوكالات التصنيف أن ينبع الانكماش من الاضطرابات المتعلقة بالأمن وانخفاض النشاط التجاري؛ وتجنيد عدد كبير من جنود الاحتياط؛ وإغلاق قطاع السياحة الأجنبية؛ وصدمة ثقة أوسع نطاقا.

اقرأ أيضًا- الإمارات.. خطة ضخمة لدخول نادي التريليون دولار
أضرار جسيمة

وعن الأضرار المباشرة لفتت وكالات التصنيف والبنوك العالمية إلى التأثير الاقتصادي السلبي المباشر الناجم عن استمرار الهجمات الصاروخية وما ينتج عنها من اضطرابات لوجستية وانخفاض النشاط التجاري.

إضافة إلى انخفاض القوى العاملة والتكاليف الإضافية التي تتحملها الحكومة بعد استدعاء أكثر من 360000 جندي احتياطي من جيش الدفاع الإسرائيلي (يمثلون 3% من سكان إسرائيل) إلى الخدمة الفعلية.

وكذلك تمديد تعليق إنتاج الغاز في حقل تمر للغاز بسبب قربه من غزة، جنبًا إلى جنب والتأثير السلبي على قطاع السياحة الإسرائيلي بسبب الوضع الأمني وتعليق الرحلات الجوية.

وعن الآثار غير المباشرة لفتت الوكالة إلى الانخفاض المتوقع في الاستثمار المحلي وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الداخل.

وفي حين أنه من الصعب قياس حجم الانكماش، توقعت وكالات التصنيف أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي الفصلي لإسرائيل بنسبة تحوم حول 5% في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بالربع الثالث من عام 2023".

يمكن خفض التصنيفات خلال الـ 12 إلى 24 شهرًا القادمة إذا ثبت أن تأثير الصراع على النمو الاقتصادي لإسرائيل
وكالات التصنيف
اتساع العجز

وتتوقع وكالات التصنيف أن يتسع العجز في ميزانية إسرائيل في الفترة 2023-2024 بسبب مخصصات الدعم الحكومي الإضافية المحتملة للأسر والشركات.

إضافة إلى الإنفاق الإضافي على الدفاع، وتتوقع وكالات التصنيف أن يبلغ متوسط العجز 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 2023-2024، مقارنة بـ 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في توقعات سابقة.

اقرأ أيضًا- المصريون يكنزون الذهب خوفاً من تدهور الجنيه
مخاطر الديون

ومع إعلان مؤسسات التصنيف الدولية بوضع شركات كبرى حكومية في إسرائيل قفزة تكلفة المخاطر على إصدارات الديون الإسرائيلية.

ودخلت سندات إسرائيل المستحقة في 2043 في سلسلة من التراجعات الكبيرة في إشارة إلى ارتفاع تكلفة الديون وغياب اليقين الذي يسيطر على المتداولين.

و ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية الإسرائيلية إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من 11 عامًا لتتجاوز مستويات الـ 126 نقطة.

ومنذ بداية الحرب ارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية الإسرائيلية من مستويات قرب 65 نقطة إلى المستويات الحالية بحوالي 99%.

ضعف العملة

وخلال تعاملات اليوم ورغم التماسك المؤقت يحوم الشيكل الإسرائيلي بالقرب من أدنى مستوى في 14 عام بعدما تم مشاهدته قريبًا من مستويات 2009.

وفي عام 2009، وتحديدًا في منتصف مايو من العام كانت أخر مرة يتم مشاهدة الدولار اعلى من مستويات الـ 4 شيكل.

يأتي ذلك باستثناء التداول لفترة لا تتجاوز الأسبوع لمستويات دون الـ 4 شيكل للدولار والتي تم مشاهدتها في سبتمبر 2012.

ومنذ اندلاع التوترات انخفض الشيكل الإسرائيلي بقوة ليفقد اكثر من 6% من قيمته مقابل الدولار الأميركي.

سيتسع العجز في ميزانية إسرائيل في الفترة 2023-2024 بسبب مخصصات الدعم الحكومي الإضافية المحتملة
بنوك ومؤسسات دولية
تأثير اوسع

وخلص تقرير جديد للمؤسسة البريطانية كابيتال ايكونومكس إلى أن الخسائر المالية والتداعيات الاقتصادية للحرب الحاصلة في قطاع غزة ستتجاوز تلك التي تكبدتها إسرائيل خلال حربي عام 67 و 73 من القرن الماضي.

وارتكنت المؤسسة في توقعاتها إلى ترجيح بطول أمد الصراع مع حركة حماس وسط توقعات بان يستمر الاجتياح البري حوالي 3 أشهر متجاوزًا تلك الفترة التي استمرت فيها الحروب الماضية.

ووفقًا لبيانات رسمية تبلغ نفقات القتال في اليوم الواحد نحو مليار شيكل (250 مليون دولار) وسيزداد الإنفاق الإجمالي مع استمرار القتال.

وفي غضون ذلك توقعات وزارة المالية الإسرائيلية أن النمو في إسرائيل سوف يتباطأ بشكل ملحوظ فيما تبقى من العام.

اقرأ أيضًا- سندات الحرب.. داعمو إسرائيل فتحوا خزائنهم
تأثير حاد

ورجحت كابيتال ايكونومكيس أن يكون للحرب الدائرة في غزة تأثير حاد في الأمد القريب على الاقتصاد الإسرائيلي الذي سيتعرض لضغوط تضخمية.

ولفت محللو مؤسسة كابيتال ايكونومكيس إلى أن التجارب السابقة تشير إلى أن ذلك التأثير سيكون مؤقتاً، في إشارة إلى تجاوز تلك التداعيات بفضل الدعم الغربي.

ووفقًا لبيانات وزارة المالية الإسرائيلية، فإن الحرب بأول 3 أسابيع كلفت الميزانية العامة 30 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار).

ولا تشمل تلك الخسائر المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة، والأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تكبدها النشاط الاقتصادي.

الحرب بأول 3 أسابيع كلفت الميزانية العامة 30 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار)
وزارة المالية الإسرائيلية
تكاليف الحرب

ولفت محللو مؤسسة كابيتال ايكونومكيس إلى أن الحروب التي خاضتها إسرائيل على غرار 1967 و1973، 2006 وغيرها من الحروب كان لها تأثير أولي حاد على الاقتصاد.

ورجح التقرير أن تؤدي الحرب الحالية إلى تراجع الناتج الصناعي للبلاد المعدل في ضوء العوامل الموسمية بنسبة تتراوح بين 20 إلى 25% خلال الشهر الذي وقعت فيه الحرب.

ومع توقعات بطول أمد الحرب الحالية، لفترة في حدود ثلاثة أشهر، وهو ما يتجاوز حربي 1973 و1976، رجح خبراء كابيتال ايكونومكيس أن يكون الضرر على اقتصاد إسرائيلي أكثر عمقًا.

وقدرت وزراة المالية الإسرائيلية أن الأضرار التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد تصل إلى نحو 10 مليارات شيكل شهريا من القتال (2.5 مليارات دولار) .

اقرأ أيضًا- الغاز المصاحب.. ثروة إضافية لقطاع النفط الأميركي
خسائر ضخمة

وأوضح رئيس شعبة الموازنة بالمالية يوغيف غيردوس أنه في الأسابيع الثلاثة للحرب بلغت الأضرار التي لحقت بالموازنة 30 مليار بلغت كلفت السلاح من هذا الرقم 20 مليار شيكل (5 مليارات دولار).

إضافة إلى 10 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار) لتمويل إخلاء السكان ودعم السلطات المحلية وفقًا ليوغيف غيردوس.

وأشار رئيس شعبة الموازنة في المالية الإسرائيلية إلى أن هذه التكلفة لا تشمل الأضرار المباشرة التي يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى.

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش: "نحن نبني ميزانية جديدة لعام 2024 وسنقدم سلسلة من الإصلاحات الهيكلية التي تدعم النمو، بهدف تعزيز الاقتصاد أثناء القتال ".

نبني ميزانية جديدة لعام 2024 وسنقدم سلسلة من الإصلاحات الهيكلية التي تدعم النمو، بهدف تعزيز الاقتصاد أثناء القتال
بتسلئيل سموتريتش
خسائر متفاقمة

وعلى صعيد الخسائر التي تكبدتها المصالح التجارية المتوسطة والصغيرة خلال 3 أسابيع من الحرب، فأظهر استطلاع دائرة الإحصاء المركزية أن تقديرات 51% من المصالح التجارية خسرت أكثر من نصف الإيرادات في أكتوبر الأول الماضي مقارنة بإيرادها الشهري خلال العام المالي الحالي.

وتعكس تقارير المديرين بالمصالح التجارية حالة التوظيف والأضرار التي لحقت بشركاتهم ومصالحهم التجارية خلال الحرب، موضحين أن 37% من إجمالي الشركات والمصالح بإسرائيل أبلغت عن الحد الأدنى من التوظيف والتشغيل.

وقد سجلت الخسائر بخصوص تأثير الحرب على سوق العمالة والضرر الأكبر في المنطقة الجنوبية، حيث أبلغ حوالي 59% من الشركات والمصالح عن الحد الأدنى من التوظيف، علما بأن 62% من الشركات التي تعمل بالعقارات والبناء تنشط مع الحد الأدنى من نطاق التوظيف.

ووفقًا لبيانات وزارة المالية الإسرائيلية، فإن الحرب بأول 3 أسابيع كلفت الميزانية العامة 30 مليار شيكل (7.5 مليارات دولار).

ولا تشمل تلك الخسائر المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة، والأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تكبدها النشاط الاقتصادي.

اقرأ أيضًا- الحرب تبدد آمال أوروبا في غاز مصر

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com