تقارير
تقاريرمنصة للتنقيب عن الغاز- رويترز

الصراع يبدد آمال أوروبا في غاز مصر

يبدو أن آمال الأوروبيين في استقبال مزيد من شحنات الغاز من منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط تتبدد رويدًا رويدًا، مع فشل محاولات التهدئة للحرب الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، جنبًا إلى جنب وطول أمد الصراع.

ووفقًا لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، فإن تراجع إمدادات الغاز الإسرائيلي للسوق المصري تزامناً وعودة الأردن لسوق الواردات مع زيادة الطلب المحلي في مصر يجعل من العسير الحفاظ على تلك الكميات التي تم تصديرها في العام الماضي.

خريطة الغاز في الشرق الأوسط
خريطة الغاز في الشرق الأوسطستاندر آند بورز غلوبال
شح الأرصدة

ويرى معهد أكسفورد لدراسات الطاقة أن احتمال تلقي الاتحاد الأوروبي مزيدا من الغاز الطبيعي المسال من مصر على المديين القصير والمتوسط يبدو بعيد المنال بسبب شح أرصدة الغاز وتقلص الواردات من إسرائيل.

ولفت المعهد في تقرير نوفمبر أن أوروبا كانت قد استقبلت من مصر 80% من إجمالي صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال في العام الماضي في ظل سعي القارة إلى بدائل للغاز الروسي بعد غزو موسكو لأوكرانيا.

صادرات مصر
صادرات مصركبلر
اتفاق يونيو

ولفت التقرير إلى أنه في إطر محاولة أوروبا تنويع مصادر الغاز بعيدًا عن روسيا، فقد أبرم الاتحاد الأوروبي في يونيو العام الماضي اتفاقا إطاريا بين التكتل وإسرائيل ومصر سيسمح للقاهرة بمواصلة تسليم كميات كبيرة نسبيا من شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

بيد أن اندلاع الحرب في الشرق الأوسط أدى إلى إعلان شيفرون في مطلع أكتوبر إغلاق حقل تمار الإسرائيلي للغاز الطبيعي وسط تصاعد الصراع العسكري.

وفي الوقت ذاته، ومع محاولة إسرائيل الحفاظ على توازن سوق الغاز المحلي، علقت التصدير من خلال خط أنابيب غاز شرق المتوسط (إي.إم.جي) الممتد من عسقلان في جنوب إسرائيل إلى مصر.

اقرأ أيضًا- سندات الحرب.. داعمو إسرائيل فتحوا خزائنهم
ضرر كبير

ومع توقف حقل تمار والتوقف المؤقت لحل ليفياثان توقع جيرجيلي مولنار، محلل الغاز في وكالة الطاقة الدولية أن يؤثر فقدان واردات الغاز الإسرائيلي من منصة تمار على قدرة مصر على تصدير الغاز الطبيعي المسال.

وقال محلل الغاز في وكالة الطاقة الدولية: "إن حقل تمار مهم للغاية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وتوازن العرض والطلب على الغاز في المنطقة".

وأضاف مولنار: "عندما ننظر إلى قطاع التنقيب والإنتاج في مصر، رأينا بالفعل أنه يكافح من أجل مواكبة الارتفاع السريع في الاستهلاك المحلي وكذلك صادرات الغاز الطبيعي المسال".

وتابع: "إذا أخرجنا واردات غاز الأنابيب الإسرائيلية من تلك المعادلة، فإن ذلك سيضر بقدرة مصر على تصدير الغاز الطبيعي المسال خلال الأشهر المقبلة".

إنتاج إسرائيل
إنتاج إسرائيلأكسفورد
تراجع حاد

ومع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب صدرت مصر شحنة واحدة فقط من الغاز الطبيعي المسال في أغسطس ولم تصدر أي شحنة في سبتمبر بسبب ارتفاع الطلب المحلي على الغاز في الصيف.

وفقًا لبيانات من S&P Global Commodity Insights فإن صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال بلغت حتى الآن هذا العام 3.38 مليون طن فقط، مقارنة بـ 7.1 مليون طن لعام 2022 بأكمله.

وتمتلك مصر منشأتين لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وهما منشأة إدكو التي تديرها شركة شل والتي تبلغ طاقتها 7.2 مليون طن سنوياً، ومصنع دمياط الأصغر حجماً الذي تديره شركة إيني والذي تبلغ طاقته 5 ملايين طن سنوياً.

وفي يونيو 2022، وقعت المفوضية الأوروبية وإسرائيل ومصر مذكرة تفاهم ثلاثية بشأن توريد الغاز الإسرائيلي عبر البنية التحتية لتصدير الغاز الطبيعي المسال المصري إلى الاتحاد الأوروبي.

صادرات إسرائيل
صادرات إسرائيلأكسفورد

غاز إسرائيل

وبحسب بيانات وزارة الطاقة الإسرائيلية، ارتفعت الصادرات إلى مصر والأردن أيضًا بنسبة 29% على أساس سنوي إلى 9.2 مليار متر مكعب في عام 2022.

وقالت وزارة الطاقة الإسرائيلية في أواخر أغسطس ين إجمالي إنتاج الغاز الإسرائيلي بلغ 12.3 مليار متر مكعب في النصف الأول من عام 2023، ويتجه نحو إنتاج قياسي في عام 2023.

وأكدت الوزارة أن حقل ليفياثان أنتج 5.44 مليار متر مكعب في النصف الأول من العام، بينما بلغ إنتاج تمار 4.91 مليار متر مكعب وكاريش 1.97 مليار متر مكعب خلال نفس الفترة.

وبلغ إجمالي إنتاج الغاز الإسرائيلي 21.9 مليار متر مكعب العام الماضي، وهو رقم قياسي جديد للبلاد، وفقًا لبيانات الوزارة، حيث أنتج ليفياثان 11.4 مليار متر مكعب، وتمار 10.2 مليار متر مكعب، وكاريش 0.3 مليار متر مكعب من الغاز.

مستقبل الغاز

ويرى محللو غولدمان ساكس أنه لن يوجد تأثير كبير فوري على مخزونات سوق النفط في المدى القريب من الاشتباكات التي تحصل ما بين فلسطين وإسرائيل.

قال محللو غولدمان ساكس: "إن تقليص إنتاج الغاز في إسرائيل بسبب الصراع الدائر من المرجح أن يؤدي إلى تراجع المعروض العالمي لكن التأثير على أسعار الغاز الأوروبية هامشي في الوقت الحالي".

وأضاف محللو البنك: "أن تقليص المعروض من الغاز الطبيعي المسال عالميا يعد هامشيا بالنسبة لأسعار عقود الغاز الآجلة الهولندية في الوقت الحالي، إذ أن تأثيره النهائي على المعروض في منطقة شمال غرب أوروبا التي تحدد الأسعار أقل من الحجم الإجمالي للتعطل".

إنتاج حقول الغاز ونصيب مصر والأردن
إنتاج حقول الغاز ونصيب مصر والأردنأكسفورد
مخاوف أوروبا

ومع ذلك، يرى البنك أن المخاطر على أسعار الغاز في أوروبا تميل نحو الاتجاه الصعودي نظرا لحالة عدم اليقين حول مدة تعطل إنتاج الغاز وفي ظل تزايد الغموض حول التداعيات الجيوسياسية للصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وانعكست أزمة تدفق إمدادات الغاز جلية على مصر مع تجدد أزمة انقطاع الكهرباء، وهي الأزمة التي كانت تعرضت لها البلاد مع ارتفاع درجات الحرارة القياسي في صيف العام الجاري.

وتستورد مصر الغاز الإسرائيلي من حقلي الغاز تمار وليفياثان الواقعين في البحر الأبيض المتوسط ​​قبالة سواحل إسرائيل، ما يساعدها في تلبية الطلب المحلي وتصدير الغاز الطبيعي المسال من محطتي تسييل الغاز.

طلب محلي

وبينما تنخفض كميات الغاز القادم من إسرائيل صوب مصر، تواجه أرصدة الغاز المصري مزيدًا من الضغط في ظل تراجع إنتاج الغاز هذا العام إلى أدنى مستوياته منذ ثلاثة أعوام.

وفي الوقت ذاته، تواجه مصر التي تعد أكبر بلد عربي من حيث السكان طلبًا متزايدًا على الغاز مع التحول للاعتماد عل الغاز في مناطق متزايدة في البلاد.

وبينما يتزايد الطلب، جاء ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق ليضيف مزيدا من الأعباء والضغوط على الأرصدة المتاحة للتصدير، حيث أدت سخونة الصيف إلى زيادة الأحمال وتجدد أزمة انقطاع الكهرباء.

تراجع إمدادات الغاز الإسرائيلي للسوق المصري يجعل من العسير الحفاظ على الكميات التي يتم تصديرها لأوروبا.
أكسفورد للطاقة
وصلت للصفر

وأوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء سامح الخشن أن الزيادة في استهلاك الكهرباء من الغاز تزامنت مع انخفاض كميات الغاز المستوردة من خارج مصر من 800 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا إلى صفر.

جاء ذلك بالتزامن مع توقف مؤقت في حقل الغاز البحري الإسرائيلي كاريش، والذي أدى إلى ضخ مزيد من الغاز من حقل ليفياثان إلى إسرائيل، ما أدى إلى خفض الصادرات إلى مصر.

وأكد المتحدث الرسمي: "أنه حرصا على استمرار تشغيل شبكة الكهرباء بشكل آمن، تم تخفيض الأحمال لحين عودة الحرارة إلى معدلاتها الطبيعية، وبعدها ستعود الأمور كما كانت".

وفي أغسطس الماضي، أعلنت الحكومة المصرية قطع التيار الكهربائي بشكل منتظم في محاولاتها للحد من الاستهلاك خلال موجة الحر.

اقرأ أيضًا- الغاز الأميركي يتنفس نفطًا

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com