عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي ومحافظ البنك المركزي اليوناني، يانيس ستورناراس، حذر من أن الحرب في الشرق الأوسط يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم على المدى القصير والركود التضخمي على المدى المتوسط، واصفا الوضع الحالي بـ"الخطير".
وقال ستورناراس إن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، أضعف بكثير مما كان متوقعا في اجتماع البنك المركزي الأوروبي في سبتمبر الماضي، لذلك أدعو إلى وضع حد لزيادات أسعار الفائدة.
وقال ستورناراس في مقابلة مع صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية، إن "عملية تباطؤ التضخم تتوافق حتى الآن مع توقعاتنا. لكن الاقتصاد أضعف بكثير مما كنا نعتقد في سبتمبر. كما أن شروط التمويل أكثر صرامة إلى حد ما مما كان متوقعا".
وحول تأثير الحرب في الشرق الأوسط على الوضع الاقتصادي في أوروبا، قال محافظ البنك المركزي اليوناني: "نحن نعلم أن حدوث أزمة كبرى في الشرق الأوسط، تشمل البلدان المنتجة للنفط، سيكون له تأثير كبير على أسواق الطاقة. وهذا قد يؤدي إلى التضخم على المدى القصير. ولكن في الأمد المتوسط هناك خطر الركود، ناهيك عن تدفق اللاجئين إلى أوروبا. وهذا وضع خطير حقا".
وأضاف: "أصبح للصراع الحالي بالفعل تأثير كبير على حياة الأشخاص المتضررين. ويمكن أن يكون له نفس التأثير على الاقتصاد".
وردا على سؤال حول احتمالية خفض المركزي الأوروبي أسعار الفائدة، قال ستورناراس: "نظراً لحالة عدم اليقين الإضافية في الشرق الأوسط، يصبح من الصعب قول متى يمكن خفض أسعار الفائدة". وتابع "أنا شخصياً سأفكر في خفض أسعار الفائدة إذا انخفض التضخم بشكل دائم ومستدام إلى ما دون عتبة 3 % في منتصف عام 2024".
في خطوة تتماشى مع التوقعات، أبقى البنك المركزي الأوروبي، خلال اجتماعه الأخير في أثينا، على معدلات الفائدة دون تغيير عند مستوى 4.50%، لينهي سلسلة من الزيادات استمرت 15 شهرا.
محافظ البنك المركزي اليوناني لم يكن أول مسؤول أوروبي رفيع يثير مسألة تأثير الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد، حيث قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير للصحفيين في مراكش على هامش الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قبل أسبوعين، "لقد دخل الاقتصاد العالمي أوقاتا عصيبة لأن التوترات الجيوسياسية هي الخطر الاقتصادي الحقيقي".
وتوقعت المفوضية الأوروبية نمو اقتصاد الاتحاد الأوروبي بنسبة 0.8% فقط في عام 2023، و1.4% في عام 2024. وتعتبر تلك التوقعات منخفضة مقارنة بتوقعات سابقة للمفوضية صدرت في مايو الماضي، وبلغت 1% لعام 2023 و1.7% في 2024.
كما رجحت المفوضية انخفاض التضخم إلى 6.5% في عام 2023، مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 6.7%. فيما جاءت التوقعات بنسبة 3.2% في عام 2024، بزيادة 0.1 نقطة مئوية عما كان متوقعًا في السابق.
ولا يزال هناك قلق بشأن المستوى المرتفع للتضخم في منطقة اليورو، إذ لا يزال أعلى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%.
ووفق تحليل لجيان فيريتي في مركز بروكنجز البحثي، فإن تأثير الصراع الحالي في الشرق الأوسط، سيتركز أولا على أسعار الطاقة، مع وجود احتمالية لزيادة كبيرة في أسعار النفط والغاز.
وأوضحت "بالإضافة إلى التأثير السلبي لصدمات أسعار الطاقة على النشاط الاقتصادي، فإن ارتفاع أسعار الطاقة من شأنه أن يزيد من تعقيد مهمة البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم التي تحاول السيطرة على التضخم".
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن زيادة بنسبة 10% في أسعار النفط العالمية يمكن أن تؤدي إلى زيادة التضخم على مستوى العالم بمقدار 0.4 نقطة مئوية.
وقبل يومين، حذر البنك الدولي من أن أسعار النفط قد ترتفع إلى مستوى قياسي يتجاوز 150 دولارا للبرميل إذا أدت الحرب بين إسرائيل وحماس إلى تكرار الصراع الشامل الذي شهده الشرق الأوسط قبل 50 عاما.
وفي حديث لـ"إرم الاقتصادية"، اعتبر المحلل الاقتصادي الإيطالي، دانيلي روفينيتي، أن الحرب في الشرق الأوسط تتمتع بكل المتطلبات الأساسية اللازمة لتغيير التوازنات الاقتصادية والمالية الدقيقة في أوروبا.
وأضاف: "مع سهولة تقلب أسعار النفط والغاز، فقد يفترض المرء أن أي توسع للصراع، قد يؤدي إلى تغيير الأسعار"، مشيرًا إلى أن حساسية الجبهة اللبنانية والسورية، واحتمالية تورط الحوثيين، يمثل إشكالية كبيرة قد تتسبب بدورها في ارتفاع معدلات التضخم في أوروبا.
ومضى قائلا: إن الصراع في الشرق الأوسط، وفق الوضع الحالي "لن يغير السياسات المالية للاتحاد الأوروبي بشكل عميق"، مضيفا أن "الاتحاد الأوروبي قادر على تطبيق مناورات تكتيكية توافق توقعاته الاستراتيجية".