موازنة المغرب 2024.. طموحات الحكومة تتحدى الجفاف والتضخم

خاص
خاص
قال خبراء اقتصاديون إن موازنة المغرب 2024 تتسم بالطابع الاجتماعي ويغلب عليها زيادة الدعم للطبقات الفقيرة، بالإضافة إلى مساعدة المتضررين من الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد في سبتمبر الماضي، وإعادة تأهيل المناطق التي تضررت بشدة منه.

وأشار الخبراء إلى أن هناك مجموعة من التحديات التي ستواجه توقعات الحكومة الخاصة بمعدل النمو وعجز الموازنة والتضخم، أهمها الجفاف الشديد الذي يضرب المغرب منذ سنوات ويتوقع استمراره خلال العام القادم، فضلا عن التوترات الجيوسياسية التي تساهم في ارتفاع التضخم العالمي، ما يؤثر في النهاية على الاقتصاد المغربي المستورد للمواد الخام والحبوب.

وصادق مجلس النواب المغربي على مشروع قانون المالية للعام المقبل 2024، بقيمة 638 مليار درهم (62 مليار دولار)، بزيادة 6.3% عن العام الماضي، وتعطي الميزانية الأولوية لإعادة إعمار المناطق التي ضربها الزلزال، وتعميم شبكات الحماية الاجتماعية، وإصلاح قطاعي الصحة والتعليم، وتشجيع الاستثمار.

دعم ومزايا اجتماعية

وأبقت الحكومة على توقعات النمو للبلاد دون تغيير عند 3.7 % في 2024 مقابل 3.4% متوقعة هذا العام، مع توقعات بتقلص العجز المالي إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 من 4.5% متوقعة هذا العام، على الرغم من زيادة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية وجهود إعادة الإعمار.

وستستثمر المغرب 12 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لإعادة بناء المنازل وتحديث البنية التحتية في المناطق التي ضربها الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة وأودى بحياة ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص.

كما تخطط الحكومة لتعميم التأمين الصحي الشامل، ما يتطلب الارتقاء بالقطاع الصحي الذي خصصت له الموازنة 3.1 مليار دولار في العام المقبل، فضلا عن تخصيص دعم مالي لمساعدة ذوي الدخل المنخفض والمتوسط في الحصول على السكن.

وخصصت الموازنة 1.8 مليار دولار للاستثمار في الممرات المائية والسدود ومحطات تحلية المياه بسبب معاناة المغرب من الجفاف، فضلا عن تخصيص 335 مليار درهم (32.5 مليار دولار) للاستثمارات العامة، بزيادة 11.6% عن العام الحالي، فيما تتوقع الحكومة أن يتباطأ التضخم إلى 2.4% من 6% متوقعة هذا العام.

تحديات عديدة

في هذا الصدد، يقول رئيس المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، رشيد الساري، إن الميزانية ارتفعت بنسبة 6.3% ووصلت إلى 638 مليار درهم أي نحو 62 مليار دولار، وهذا الارتفاع يعود إلى زيادة المخصصات الاجتماعية، وأبرزها الدعم الاجتماعي الذي سيصل إلى 25 مليار درهم في 2024.

وأوضح الساري، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن الوصول لمعدل نمو 3.7% صعب التحقق، إلا إذا توفرت مجموعة من العوامل أهمها أن يكون هناك موسما زراعيا متوسطا على الأقل، وأن يصل معدل إنتاج الحبوب إلى 70 مليون قنطار، لكن مع التغير المناخي وشح الأمطار لا أظن أن المغرب سيعيش موسما زراعيا متميزا، وربما ستكون 2024 سنة جافة، لأنه حتى الآن ننتظر سقوط الأمطار، بالإضافة إلى ضرورة زيادة نشاط القطاع الصناعي والموارد السياحية وتجاوز المعدلات الحالية.

وأشار إلى أن الاقتصاد المغربي يتأثر كثيرا بالتوترات الجيوسياسية على المستوى العالمي وهذه مشكلة كبيرة، لأن المغرب يستورد المواد الخام والحبوب بشكل كبير من الخارج، ولذلك فالتضخم العالمي يؤثر على الاقتصاد، خاصة مع توقعات ارتفاع أسعار البترول خلال الفترة القادمة بسبب هذه التوترات، ما سيؤثر على عجز الميزانية.

أولويات الموازنة

وفيما يتعلق بتوقعات تحقيق نسبة تضخم 2.5%، أكد رئيس المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية أن هذا المعدل يعتبر معدلا ورديا والحكومة تحلم بذلك، ولا يمكنها تحقيقه على أرض الواقع، بل من الممكن أن يرتفع إلى 3.5 أو 4%.

ولفت الساري، إلى أن موازنة 2024 حددت عددا من الأولويات، أهمها تأهيل وإعادة إعمار المناطق التي ضربها الزلزال، وحُدد لها ميزانية 12 مليار دولار خلال 5 سنوات، ومواصلة مجموعة من إصلاحات مناخ الاستثمار وزيادة الدعم الاجتماعي للأسر الأكثر احتياجا، فضلا عن الإصلاحات الضريبية التي تشمل هذا العام ضريبة القيمة المضافة بعدما شملت موازنة 2023 ضريبة الشركات.

واختتم تصريحاته بالقول: "هناك تساؤلات حول موازنة 2024 وهل أنصفت الطبقات المتوسطة مع الطبقات الفقيرة أم أنها اقتصرت على الأخيرة فقط"، مشيرا إلى أن الحكومة يجب أن تهتم بالطبقة المتوسطة بنفس اهتمامها بالطبقة الفقيرة، لأن الأولى أكبر المتأثرين بما يحدث للاقتصاد.

موازنة اجتماعية

من جانبه، يلفت الخبير الاقتصادي، عبدالعزيز الرماني، إلى أن متغيرات موازنة المغرب 2024 معظمها اجتماعية، لأن الهدف الرئيسي لها حفظ التوازنات الاقتصادية.

وأضاف الرماني، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن توقعات تحقيق عجز لا يتعدى 4%، ومعدل نمو يتجاوز 3%، توقعات صعبة التحقق، لأننا لم نصل العام الماضي إلى 2%، لكن إذا زادت الأمطار هذا العام فإن القيمة المضافة للقطاع الزراعي ستساعد في تحقيق معدل نمو لا بأس به.

وتابع: "هناك توقعات أيضا بانخفاض الواردات مع تحقيق القطاع الزراعي محصول بـ 75 مليون قنطار، إلا أن السنة الماضية حققنا 50 مليون فقط، والمؤشرات هذا العام لا تبشر بخير بسبب الجفاف الحاد".

وفيما يتعلق بالجانب الاجتماعي، أشار الرماني إلى أن هناك اعتمادات مخصصة لإعادة إعمار وتأهيل المناطق التي ضربها الزلزال، وذلك بشكل تضامني عن طريق مساهمة الشعب المغربي، مع الاعتمادات الدولية والمحلية أخرى، لكن الميزانية العامة للدولة تشارك في إعادة الإعمار بشكل أساسي.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن هناك مساعدات في الموازنة تخص مجال السكن اللائق، حيث بادرت الحكومة منذ سنوات لإطلاق برنامج لإزالة السكن غير اللائق في مختلف المناطق، والآن نسير في اتجاه أن يكون لكل مواطن سكنا لائقا، مع تخصيص دعم له في الموازنة، بحيث يخصص لكل مواطن يريد أن يتملك سكنا لائقا مساعدات مالية من الدولة حسب نوع السكن الذي يريد أن يقتنيه، فإذا كانت التكلفة تقل عن 30 ألف دولار فإن المساعدة ستكون نحو 10 آلاف دولار، وإذا كان الثمن يتجاوز 30 ألف دولار ووصل إلى 60 أو 65 ألف دولار، سيكون الدعم المخصص 7 آلاف دولار.

دعم الفقراء

ولفت عبدالعزيز الرماني إلى أن هناك بنودا اجتماعية أخرى مهمة في موازنة 2024، مثل تعميم التغطية الاجتماعية والصحية لكل المواطنين، وهذا المشروع ذو أهمية خاصة لدى الملك والحكومة، بالإضافة إلى تخصيص إعانات بطالة، ودعم للأسر الفقيرة التي لديها أطفال في المدارس أو من ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، موضحا أن كل ذلك تم تخصيص مساعدات شهرية له بداية من ديسمبر المقبل بدلا من يناير 2024.

وبالإضافة إلى ذلك هناك برنامج إصلاح للمنظومة الصحية، يتطلب مبالغ كبيرة تصل إلى 11 مليار درهم، فضلا عن ارتفاع مخصصات التعليم بنسبة 6% عن العام الماضي، أي أن موازنة 2024 تكسوها شحنة اجتماعية كبيرة، مع تخفيض بعض الضرائب على عدد من الصناعات أبرزها الدواء، ورفعها على التدخين والحلويات والمشروبات الغازية التي تضر الصحة، بحسب الخبير الاقتصادي.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com