ولا شك أن منتجي النفط والغاز والفحم هم الذين يتمكنون بسهولة، وفي ظل ظروف اقتصادية مواتية للغاية، اتخاذ تدابير فعالة للتخلص من هذا الغاز، وهذه التدابير ضرورية نظرا للآثار الكارثية لغاز الميثان على المناخ، كآثار ثاني أكسيد الكربون، أحد غازات الدفيئة وفقاً لما نقلت صحيفة لو فغيارو.
والأسوأ من ذلك أن قوة الميثان المسببة للاحتباس الحراري أعظم بنحو 28 مرة من قوة ثاني أكسيد الكربون على مدى 100 عام، و84 مرة على مدى عشرين عاماً.
وفي العام الماضي، أطلق قطاع الطاقة 135 مليون طن من غاز الميثان في الغلاف الجوي. وأثبتت دراسة أجراها مختبر علوم المناخ والبيئة، ونشرت في عام 2022، أنه من بين 1800 عمود ميثان تم رسمها بواسطة القمر الصناعي، يأتي 1200 منها من استغلال الهيدروكربونات، وتأثيرها المناخي مماثل لتداول 20 مليون مركبة لمدة عام.
ورغم ذلك، لا تزال مكافحة انبعاثات الميثان في بدايتها. وقد تم اتخاذ الخطوة الأولى خلال مؤتمر الأمم المتحدة (كوب 26) المعني بتغير المناخ في غلاسكو، مع التعهد العالمي لمكافحة غاز الميثان، وهو تعهد أطلقته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتريد الدول الموقعة، التي يبلغ عددها الآن 155 دولة، خفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% في عام 2030، مقارنة بعام 2020.
وفي دبي، خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (كوب 28)، إتخذت خطوة إضافية. فقد التزمت نحو خمسين شركة نفط وغاز بمكافحة تسرب غاز الميثان من منشآتها، لتكون "قريبة من الصفر" بحلول عام 2030. وأكبر منتجي النفط في العالم، مثل إكسون موبيل الأميركية، وأرامكو السعودية، وأدنوك الإماراتية، كانوا من الموقعين على القرار الجديد.
وأكد باتريك بوياني، الرئيس التنفيذي لشركة "توتال اينرجي" الالتزام بهذا التعهد والذي يهدف إلى تحقيق صفر انبعاثات غاز الميثان في قطاع المنبع بالإضافة إلى وضع حد لحرق الغاز بحلول عام 2030، مع الاستمرار في العمل على أفضل الممارسات للحد من الانبعاثات.
وذكّر بأن مجموعته قد خفّضت بالفعل انبعاثات غاز الميثان بنسبة 50% في عشر سنوات. وهناك شركات أخرى لا تزال تمارس ما يسمى بـ"التنفيس"، الذي يتمثل في إطلاق غاز الميثان في الغلاف الجوي. ويضاف إلى هذه الممارسات التسريبات أثناء التشغيل. وبما أن الميثان عديم الرائحة وعديم اللون، فإن هناك حاجة للمعدات لتعقّبه.
وقامت شركة "توتال إينرجي" بتطوير نظام يسمى "أوسي" يعتمد على التحكم بالبنية التحتية بواسطة الطائرات بدون طيار. فتكتشف الطائرة المجهزة بمستشعر، انبعاثات غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى مصدرهما.
وأعلنت شركة الطاقة الفرنسية عن اتفاقيات تعاون في بداية ديسمبر، مع بتروبراس (البرازيل)، وسوكار (أذربيجان)، وسونانجول (أنجولا)، لكشف وقياس انبعاثات غاز الميثان في منشآت النفط والغاز التابعة لها.
وليست طريقتا الحرق والتنفيس من الأمور التي لا مفر منها. ووفقاً للأمم المتحدة، يمتلك منتجو المواد الهيدروكربونية الأدوات الأكثر أهمية والأقل تكلفة للحد من انبعاثات غاز الميثان.
ويمكن إعادة حقن الغاز في حقول النفط. وتدعو وكالة الطاقة الدولية إلى تثمين غاز الميثان (المكون الرئيسي للغاز الطبيعي) ليحل محل النفط في بعض الاستخدامات، مثل توليد الحرارة، وتشغيل توربينات الغاز.
ومن الممكن استخدامه أيضاً لإنتاج الهيدروجين، ولكن لكي لا يكون العلاج أسوأ من المرض، فلا بدّ من أن يكون مرتبطاً باحتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون.