صفقات ترامب.. فخ أم اتفاقات عادلة؟

فيتنام وبعدها إندونسيا، والآن يدور الحديث عن الهند، بدا واضحاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستهدف تسريع الوصول لاتفاقات تجارية مع دول آسيا، في حين أن مثل تلك الاتفاقات قد لا تكون عادلة أو ثنائية المنفعة بحسب أحدث تحذير أطلقه مركز أبحاث «جي تي آر آي» الهندي.

قبل أقل من أسبوعين على نهاية المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي تنتهي مع نفاد الأيام المتبقية من شهر يوليو الحالي، تتسابق الإدارة الأميركية وعدد من شركائها التجاريين لإتمام صفقات بشأن تسوية التعريفات والرسوم الجمركية.

في غضون ذلك، ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء إلى إمكانية التوصل إلى اتفاقية تجارية جديدة مع الهند قريباً.

وقال ترامب :«في حين أن اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي قد تُبرم، مع اقتراب الموعد النهائي للتعريفات الجمركية، إلا أنه من السابق لأوانه الجزم بإمكانية التوصل إلى اتفاقية مع كندا».

الأول من أغسطس

تأتي تعليقات الرئيس الأميركي في الوقت الذي وصل فيه وفد هندي إلى واشنطن، يوم الاثنين، لمناقشة ووضع اللمسات الأخيرة على الصفقات التجارية، مع اقتراب الموعد النهائي الجديد للرسوم الجمركية المتبادلة.

في حين تُجري إدارة ترامب مفاوضاتٍ بشأن اتفاقياتٍ تجاريةٍ مع شركاء أميركا التجاريين لتحسين العلاقات التجارية وموازنة العجز التجاري الأميركي الضخم قبل حلول الموعد النهائي في الأول من أغسطس، وهو الموعد الذي من المقرر فيه زيادة الرسوم الجمركية على معظم الواردات الأميركية. 

تمكنت الولايات المتحدة من إبرام اتفاقياتٍ مع المملكة المتحدة وفيتنام وإندونيسيا، وهناك خطط في مراحلها النهائية لبعض الدول الصغرى في إفريقيا، ومنطقة البحر الكاريبي، بخلاف مجموعة من الصفقات تم الإعلان عنها مع البحرين أمس.

تلوح في الأفق

خلال مقابلة مع برنامج «صوت أميركا الحقيقي» أمس، سُئل ترامب عن الصفقات التجارية التي تلوح في الأفق، فأجاب قائلاً: «نحن قريبون جدًّا من الهند، ومن الممكن أن نبرم صفقة مع الاتحاد الأوروبي».

جاءت تصريحات الرئيس الأميريكي بالتزامن مع وصول المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، إلى واشنطن أمس، لمناقشة قضايا الرسوم الجمركية.

في حديثه، عن اتفاقية التجارة مع الاتحاد الأوروبي، قال ترامب: «كان الاتحاد الأوروبي قاسياً، والآن أصبحوا في غاية اللطف، إنهم يريدون إبرام اتفاقية، وستكون مختلفة تماماً عن الاتفاقية التي أبرمناها لسنوات».

صفقة أندونسيا

في الوقت الذي ينخرط فيه المفاوضون الهنود مع الولايات المتحدة في محادثات مطولة للتوصل إلى اتفاق مؤقت هذا الأسبوع، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة وقّعت اتفاقية تجارية مع إندونيسيا؛ ما يفتح البلاد للتجارة مع أميركا وأن اتفاقية على  الخطوط ذاتها قيد العمل مع الهند.

وبعد ما وصفه المتحدث باسم الرئيس الإندونيسي، حسن نصبي، بـ«صراع استثنائي» بين مفاوضيهما، أعلنت الولايات المتحدة وإندونيسيا خفض الرسوم الجمركية المتبادلة المفروضة على الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا من 32% إلى 19%. 

وقال ترامب إنه في المقابل، ستتمتع الشركات الأميركية بوصول كامل إلى السوق الإندونيسية، وأضاف ترامب: «لدينا وصول كامل إلى إندونيسيا، إلى كل شيء، كما تعلمون، إندونيسيا قوية جداً في مجال النحاس، أصبح لدينا وصول كامل إلى كل شيء، ولن ندفع أي رسوم جمركية».

كشف ترامب في مؤتمر صحفي عقد في البيت الأبيض أمس أن إندونيسيا وافقت أيضاً على شراء طاقة أميركية بقيمة 15 مليار دولار، ومنتجات زراعية أميركية بقيمة 4.5 مليار دولار، إضافة إلى 50 طائرة بوينغ.

فتح أم فخ

في إشارة إلى تركيز إدارة ترامب على أسواق آسيا، القريبة من الصين، قال ترامب  إن الولايات المتحدة تعمل على التوصل إلى اتفاق يمكن أن يمنحها إمكانية الوصول إلى الأسواق الهندية، كما أعلن عن اتفاق تجاري مع إندونيسيا حيث ستواجه جاكرتا معدل تعريفة جمركية مخفض بنسبة 19%.

إلا أن خبراء مركز أبحاث «جي تي آر آي»( GTRI ) ومقره نيودلهي، حذروا من أن الهند يجب أن تتوخى الحذر الشديد في التفاوض على أي اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، بالنظر إلى النهج الحالي لإدارة ترامب.

علاوة على ذلك، لفت خبراء «جي تي آر آي» إلى أن ادعاء ترامب بأن الولايات المتحدة ستحصل على وصول كامل إلى السوق الإندونيسية دون رسوم جمركية، بينما ستواجه الصادرات الإندونيسية رسوماً جمركية بنسبة 19% في الولايات المتحدة، يثير الشكوك. 

فإذا قبلت الهند مثل هذا الترتيب غير المتوازن، فقد تُعرّض قطاعاتها المحلية وخاصةً قطاعي الألبان والزراعة  للسلع الأميركية المعفاة من الرسوم الجمركية، دون أن تجني سوى القليل من العائدات، وفقاً لمذكرة معهد التجارة العالمية.

اتفاق مكتوب

أكد المركز البحثي «جي تي آر آي» أنه لتجنب تحريف مماثل، يجب على الهند الإصرار على إصدار بيان مكتوب مشترك قبل الإقرار بأي اتفاق.

 كما قال خبراء «جي تي آر آي» أن الضمانات الشفهية أو التفاهمات غير الرسمية، وخاصة تلك المعلنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا تغني عن الالتزامات الرسمية الموثقة.

كتب خبراء «جي تي آر آي»: «إن أي اتفاق سيئ  وخاصةً اتفاق يُلغي التعريفات الجمركية الهندية دون فوائد متبادلة، قد يكون أسوأ من عدم التوصل إلى اتفاق على الإطلاق». 

لذلك، يجب على الهند التفاوض بشفافية، والحذر من نتائج أحادية الجانب، وعدم الرضوخ للضغوط من أجل اتفاقيات سريعة ورمزية تُعرّض مصالحها الاقتصادية طويلة الأجل للخطر، وفقاً لمركز الأبحاث.