تعرض دار "كريستيز" للمزادات إحدى أهم الرسائل التي كتبها ألبرت أينشتاين على الإطلاق للبيع.
في شهر سبتمبر المقبل، تخطط الدار لطلب ما لا يقل عن 4 ملايين دولار مقابل هذه الرسالة المكتوبة المكونة من صفحتين، والتي يعود تاريخها إلى 2 أغسطس 1939.
في صيف عام 1939، ومع اقتراب الحرب في أوروبا، ناشد العديد من العلماء الأميركيين أينشتاين لتحذير الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت بشأن التطورات الأخيرة في الأبحاث النووية التي قد تستفيد منها ألمانيا لاختراع قنبلة ذرية.
كان الفيزيائي الشهير متحصناً في مقصورة على الشاطئ الشمالي في لونغ آيلاند مع زميله العالم ليو زيلارد، الذي ساعده في كتابة رسالة يتوسل فيها إلى روزفلت للاستثمار في أبحاث الطاقة الذرية قبل أن يتمكن النازيون من تسخير نفس العلم لصنع "قنابل قوية للغاية"، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".
ورد روزفلت، الذي شعر بالفزع بنفس القدر، بتشكيل لجنة كانت بمثابة مقدمة لـ"مشروع مانهاتن" - المسعى العلمي الذي تم توثيقه في الفيلم الناجح "أوبنهايمر" العام الماضي.
اليوم، رسالة أينشتاين الأصلية إلى روزفلت محفوظة في مكتبة ومتحف الرئيس الذي يحمل الاسم نفسه في هايد بارك، نيويورك. لكن الفيزيائي كتب أيضاً، ووقع على نسخة ثانية أقصر قليلاً احتفظ بها زيلارد، وهذه النسخة معروضة للبيع الآن.
تبدأ الرسالة بالقول: "سيدي: إن العمل الأخير في الفيزياء النووية جعل من المحتمل تحويل اليورانيوم إلى مصدر جديد ومهم للطاقة".
احتفظ زيلارد بنسخته من رسالة أينشتاين لبقية حياته؛ باعها ورثته فيما بعد. في عام 2002، أثار الناشر "مالكولم فوربس" ضجة عندما باع الرسالة بالمزاد العلني مقابل 2.1 مليون دولار، وهو المبلغ الذي أعاد تسجيل رقم قياسي وقتها لأي شيء مرتبط بأينشتاين أو روزفلت وأول وثيقة تاريخية في القرن العشرين تتجاوز قيمتها المليون دولار.
وكان مقدم العرض الفائز بالرسالة هو المؤسس المشارك لشركة "مايكروسوفت"، بول ألين. يأتي هذا المزاد في أعقاب عملية البيع الضخمة التي بلغت 1.6 مليار دولار لمجموعة ألين الفنية قبل عامين.
يقول التجار إن هواة جمع الأعمال الفنية يميلون إلى البحث عن قطع لها روابط تاريخية بأيقونات أميركا. هذه الرسالة، التي كتبها أيقونة وموجهة إلى آخر، قد تقدم عرضاً مقنعاً.
ترى الصحيفة أنه من غير المرجّح أن تحطم الرسالة الرقم القياسي البالغ 13 مليون دولار الذي تم تسجيله في عام 2021 لأحد مقتنيات أينشتاين القليلة الباقية، والتي توضح بالتفصيل نظريته في النسبية العامة. لكن تم تسجيل رقم قياسي لأينشتاين هو 2.8 مليون دولار في عام 2018 لرسالة يتأمل فيها الفيزيائي "الله والدين".
وقال مارك بورتر، رئيس مجلس إدارة دار "كريستيز" للأميركتين، إن جامعي المقتنيات مثل ألين يتتبعون الصلة المباشرة بين رسالة أينشتاين و"مشروع مانهاتن" والإنجازات التكنولوجية اللاحقة التي غذت سباق الفضاء، وفي نهاية المطاف عصر الكمبيوتر، وهي الساحة التي ترك فيها ألين بصمته الخاصة.
وقبل وفاته في عام 2018، عرض ألين الكثير من مجموعة أجهزة الكمبيوتر الخاصة به في متحف سياتل المغلق.
وقال بورتر: "كان يعلم بلا شك أنها إحدى أهم الوثائق في تاريخ القرن العشرين، وهذا ليس من النوع الذي تعلقه في مكتبك". على الأرجح، قال بورتر إن صاحبها احتفظ بالصفحات مخزنة في مكان لا يتضرر من أشعة الشمس.
وقال ويليام هاريس، مدير مكتبة ومتحف فرانكلين دي روزفلت الرئاسي، إن المتحف يعرض أحياناً خطاباً أصلياً خاصاً به، على الرغم من أنه يفضّل عرض نسخة طبق الأصل؛ لأن أينشتاين وقع عليها باستخدام قلم رصاص، ولا يريد القيّمون على المعرض أن يتلاشى أي شيء.
وقال هاريس إن أينشتاين كان "نجماً عالمياً" في الوقت الذي كتب فيه للرئيس، وكان الرجلان يعرفان بعضهما البعض. وقال هاريس إنه قبل خمس سنوات، دعا روزفلت أينشتاين للمبيت في البيت الأبيض، حيث تناولا العشاء.
وأضاف هاريس أن العلماء استنتجوا بذكاء أنه إذا حذر أينشتاين الرئيس من مخاطر ومكافآت الطاقة الذرية، فإن روزفلت سيأخذ الأمر على محمل الجد، وقد فعل ذلك. وقال: "لم يكن روزفلت ليفهم العلم على الفور، لكنه كان سيثق بالعالِم".
تخطط دار "كريستيز" لإدراج رسالتها الخاصة بالقنبلة الذرية لأينشتاين في واحد من ثلاثة عروض تضم مجموعة ألين من القطع العلمية والتكنولوجية. ستشمل العروض الأخرى في السلسلة القادمة جهاز كمبيوتر عام 1971 من السلسلة الأولى التي استخدمها ألين ومؤسس شركة "مايكروسوفت" بيل غيتس؛ ومن المتوقع بيع كمبيوتر من سلسلة (PDP-10) بمبلغ لا يقل عن 30 ألف دولار.
من المتوقع أيضاً أن تباع بدلة فضاء كانت مملوكة لرائد الفضاء "إد وايت" بمبلغ لا يقل عن 80 ألف دولار. ستتضمن أيضاً المجموعة بعض الأعمال الفنية ذات الطابع الفضائي التي جمعها ألين على مر السنين، بما في ذلك مشهد الكواكب الذي رسمه تشيسلي بونستيل عام 1952 بعنوان (Saturn as Seen from Titan)، ومن المتوقع بيعها بمبلغ لا يقل عن 30 ألف دولار.