وتسيطر أربع شركات قوية على تجارة الحبوب في العالم، وحققت أرباحاً قياسية منذ عام 2021، بفضل ارتفاع الأسعار في أسواق البيع بالجملة، وهي متهمة بالافتقار إلى الشفافية.
ووصلت أسعار القمح والذرة والزيوت النباتية إلى ذروتها في مايو 2022، بالأسواق التي اضطربت بسبب الوباء، ثم بسبب الحرب في أوكرانيا، وبعد ذلك عادت للانخفاض ولكنها ظلّت مرتفعة.
وقال برونو بارمنتيه، وهو مهندس وخبير اقتصادي متخصص في قضايا الغذاء: "إن قوة تلك الشركات، غالباً ما تكون خفيّة، ولا يساويها سوى تحفظها عن الأخبار."
ومع ذلك، تتحكم المجموعات الأربع وهي "أرشيه دانيلز ميدلاند" و"بانج، و"كارغيل" ، و"لويس دريفوس" بـ70% إلى 90% من تجارة الحبوب العالمية، وفقاً لجينيفر كلاب، الخبيرة الاقتصادية المتخصصة في الأمن الغذائي في جامعة واترلو في كندا.
ومن الصعب معرفة الحصص السوقية التي يتقاسمها هؤلاء العمالقة الأربعة، لأن شركتين منها غير مدرجتين في البورصة، ولا تعلنان تفاصيل الأرباح، ناهيك عن أن لاعبين جدداً أتوا من آسيا ، وبينهم الصيني "كونكو" .
وأكدت كلاب: "إذا اشتروا القمح في يناير عام 2022، لتسليمه بعد ثلاثة أشهر وقبل أن ترتفع الأسعار بشكل كبير بسبب الحرب ، فقد تمكنوا من بيعه بعد ذلك بأسعار أعلى بكثير". مع الإشارة إلى أنه لم يضعف الطلب على الحبوب منذ ذلك الحين.
وقال غريغ هيكمان، الرئيس التنفيذي لشركة بانج في فبراير :" ما زلنا في وضع جيد للاستفادة من الفرص الصاعدة التي تنتظرنا".
وفي إشارة إلى أن الشركة لا تحدد أسعار المواد الغذائية، نفت شركة "كارغيل" أنها "استفادت من الأزمة". وتزعم المجموعة أنها ساهمت في استقرار النظام الغذائي العالمي، بصرفها ما يقرب من 162 مليون دولار، كمساعدات للمنظمات الإنسانية، كما تسلّط الشركات الأربع الضوء، على ارتفاع تكاليفها للأسمدة والنقل البحري والوقود.
وبحسب ما تقول شركة "أي دي إم" :"من دالاس إلى دلهي، إن هؤلاء الكبار الذين يجهلهم عامة الناس، لا يعتبرون فقط كوسطاء في الأسواق المالية، بل ولديهم أراض ويزوّدون المزارعين بالبذور، والأسمدة، ثم يشترون حبوبهم، وينقلونها بالبواخر ويخزنوها ثم يبيعونها.
وفي فرنسا ، تحذر شركات التوزيع الكبيرة منذ أسابيع، من حدوث ارتفاع في الأسعار في متاجرها، نسبته حوالي 10%، وذلك ابتداء من شهر مارس الجاري.
وسيكون هذا الارتفاع المفاجئ في الأسعار نتيجة للمفاوضات التجارية، بين الموزعين ومورديهم، حول سعر الجملة للبضائع المبيعة على الرفوف. وتعتبر صناعة الأغذية الزراعية أنها مضطرة إلى زيادة الأسعار المعروضة على الموزعين، بسبب السياق التضخمي الذي كان عليها مواجهته لأكثر من عام.
ووصلت شركة كارغيل الأميركية العملاقة، وهي أكبر متداول زراعي في العالم، إلى أفضل نتائجها خلال 157 عاماً بحسب بلومبرغ ، إذ بلغ صافي ربحها 6.68 مليار دولار في نهاية السنة المالية 2021/22، المنتهية في 31 مايو. وهو رقم زاد بنسبة 35% خلال عام واحد.
وهذه النتائج المثيرة للإعجاب تضع شركة "كارغيل" مرة أخرى هذا العام، في صدارة أكبر الشركات غير المدرجة في الولايات المتحدة ، وذلك وفقًا لتصنيف مرجعي أجرته "فوربس" .
وفي عام 2022، وهو يعتبر عاماً استثنائياً، سجلت الشركة الأميركية "آي دي أم " أرباحاً صافية قياسية بلغت 4.34 مليار دولار، بزيادة 60%.
وقالت المنظمة غير الحكومية السويسرية "بابليك آي"، في منتصف شهر يناير الماضي، "في حين يهدّد الأمن الغذائي وأمن الطاقة، ملايين الأشخاص بسبب الزيادة في أسعار المواد الغذائية والسلع، فإن التجار يسجلون أرباحاً قياسية."