logo
اقتصاد

ضربة غير مباشرة.. كيف تتأثر اقتصادات الخليج بحرب التجارة؟

ضربة غير مباشرة.. كيف تتأثر اقتصادات الخليج بحرب التجارة؟
ناطحات سحاب تطل على ساحل الخليج العربي من العاصمة القطرية الدوحة يوم 8 فبراير 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:30 أبريل 2025, 04:00 ص

تهدد الحرب التجارية التي أشعلتها الولايات المتحدة أوائل أبريل الجاري، بعواقب وخيمة ذات تأثير عابر للقارات يطال النشاط الصناعي والتجارة العالمية وآفاق النمو الاقتصادي الكلّي.

للوهلة الأولى، تبدو اقتصادات الخليج بمنأى عن التأثير المباشر، فصادراتها إلى الولايات المتحدة تهيمن عليها الطاقة - وهي معفاة من الرسوم - فيما تشكل الصادرات غير النفطية، التي باتت تخضع لتعريفات بنسبة 10% (أو 25% للألمنيوم والصلب)، جزءاً صغيراً من التجارة البينية مع أميركا؛ بيد أن ذلك لا يحميها من صدمات غير مباشرة، قد يكون لها وقعها الذي يمتد من الميزانيات والإنفاق إلى القطاع المصرفي.

وفق منصة «بلاتس» (Platts)، خسر خام برنت ما يقرب من 15 دولاراً للبرميل في الأيام التسعة الأولى من أبريل، ليصل إلى أدنى مستوى له عند 62.68 دولار. هذا الواقع يحصر التهديد الحقيقي في انخفاض أسعار النفط نتيجة تراجع الطلب العالمي، هذه السلعة الحيوية لاقتصادات المنطقة.

أخبار ذات صلة

دول تستعين بـ«غولدمان ساكس» لكبح حدة تعريفات ترامب الجمركية

دول تستعين بـ«غولدمان ساكس» لكبح حدة تعريفات ترامب الجمركية

تدهور التجارة العالمية

لقد أحدثت رسوم ترامب الجمركية اضطراباً حاداً في الأسواق العالمية، دفع صندوق النقد الدولي إلى القول إنه في حين لا تزال توقعات النمو العالمي «أعلى بكثير من مستويات الركود»، فإن التوترات التجارية الناجمة عن الرسوم الجمركية «ستؤثر بشكل كبير في التجارة العالمية».

وعليه، خفّض الصندوق توقعاته لنمو النشاط التجاري عالمياً إلى النصف، متوقعاً زيادة بنسبة 1.7%، مقابل توقعات سابقة عند 3.8%، بينما رفع خطر الركود العالمي إلى 30%، مقارنة بـ17% في عام 2024.

شدّد أيضاً على أن ضعف نمو التجارة العالمية سيُلقي بظلاله على مُصدّري النفط مع ركود الطلب، إذ سيواجهون انخفاضاً في الإيرادات نتيجة لهبوط الأسعار؛ ما سيُلقي بظلاله على توقعات النمو الاقتصادي.

من المتوقع أن تنخفض أسعار النفط بنسبة 15.5% في عام 2025، لتحوم حول 66.9 دولار للبرميل، وأن يتجاوز نمو العرض «النموّ الضعيف» في الطلب حتى عام 2026، حيث يُتوقع أن تواصل الأسعار انخفاضها لتستقرّ حول 62.4 دولار للبرميل، وفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في وقت سابق من هذا الشهر.

طلب ضعيف

في تقريرها الشهري عن سوق النفط الصادر في الـ15 من أبريل، ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن آفاق نمو الطلب العالمي على النفط تتقلص بسرعة، في ظل تهديد الرسوم الجمركية الصارمة بالتأثير في الاستهلاك في الولايات المتحدة والصين.

وتماشياً مع التحول الجذري في الاقتصاد العالمي، تتوقع الوكالة الآن نمو الطلب على النفط بمقدار 730 ألف برميل يومياً هذا العام، أي ما يقرب من ثلثي حجم توقعاتها السابقة فقط، ليصل إلى 103.5 مليون برميل يومياً.

بناءً على أحدث أرقامها، تتوقع وكالة الطاقة الدولية فائضاً عالمياً في المعروض النفطي هذا العام يبلغ نحو 700 ألف برميل يومياً، ليرتفع إلى نحو مليون برميل في عام 2026.

وقد حذرت من أن أسواق النمو الرئيسة، مثل: الصين والهند وجنوب شرق آسيا، قد تعاني من آثار تدهور بيئة التجارة.

من جهته، أكد تحالف «أوبك بلس» في أحدث تقرير شهري له، والذي صدر في الـ14 من أبريل، أن الرسوم الجمركية من شأنها أن تحد من توقعات نمو الطلب العالمي على النفط، لكنه لا يزال يتوقع ارتفاع الاستهلاك بمقدار 1.3 مليون برميل يومياً هذا العام.

كانت 8 دول من «أوبك بلس»، تُنفّذ تخفيضات طوعية قدرها 2.2 مليون برميل يومياً، أعلنت عزمها زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً في مايو، أي ثلاثة أضعاف الكمية التي حددتها سابقاً؛ الأمر الذي غذّى موجة الهبوط في أسواق الطاقة، التي بدأت بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الرسوم الجمركية أوائل الشهر الجاري.

أخبار ذات صلة

هل تتأثر بنوك الخليج بالتعريفات؟.. «فيتش» و«إس آند بي» تُجيبان

هل تتأثر بنوك الخليج بالتعريفات؟.. «فيتش» و«إس آند بي» تُجيبان

النفط واقتصادات الخليج

تعتمد دول الخليج اعتماداً كبيراً على صادرات الطاقة، التي تُمثل ما بين 60% و 80% من الإيرادات المالية في المنطقة، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.

وقد يُؤدي انخفاض أسعار النفط إلى كبح الاستثمار والإنفاق العامّين؛ ما يُضعف النمو في كلٍّ من القطاعين النفطي وغير النفطي، ويضغط على جودة أصول البنوك.

ترى وكالة «فيتش» أن انخفاض أسعار النفط بمقدار 10 دولارات قد يقلص الإيرادات المالية لدول الخليج بشكل كبير، وتُعدّ البحرين الأكثر تأثراً، نظراً لارتفاع سعر النفط في نقطة التعادل المالي. في المقابل، تتمتع السعودية وعُمان بمرونة أكبر، وتحظى قطر والإمارات والكويت باحتياطيات ضخمة.

نقطة التعادل

في حين لم تفصح السعودية عن تقديراتها لإيرادات النفط في ميزانية 2025، تقدر «جدوى للاستثمار» افتراض الحكومة سعراً عند 75 دولاراً لبرميل النفط، فيما ترى «بلومبرغ إيكونوميكس» سعر تعادل بين 80 و 85 دولاراً للبرميل. أما صندوق النقد، فيرى سعراً أعلى بكثير عند 90.9 دولار، ما يشير إلى ضغوط محتملة على مالية المملكة في حال استمرار انخفاض أسعار النفط.

ورغم سعي الإمارات إلى ميزانية متوازنة، يشير صندوق النقد إلى أن بقاء سعر النفط عند نحو 50 دولاراً للبرميل كحد أدنى أمر بالغ الأهمية للحفاظ على هذا التوازن.

من ناحيتها، تستمر قطر في اتباع نهج متحفظ من خلال وضع ميزانيتها على أساس متوسط ​​سعر عند 60 دولاراً للبرميل، للحفاظ على المرونة المالية ودعم الإنفاق المستدام.

في الكويت، تم تقدير عائدات النفط على أساس سعر برميل يبلغ 68 دولاراً. وفي حين لم تكشف الحكومة البحرينية عن افتراض سعر النفط في الميزانية، فإن صندوق النقد يقدر حاجة البلاد إلى سعر برميل عند 124.9 دولار لموازنة دفاترها.

هذا، فيما تقدر عُمان سعر التعادل لموازنة 2025 بنحو 65 دولاراً للبرميل.

كيف سيتأثر القطاع المصرفي؟

تُلقي التوترات التجارية المتصاعدة بثقلها على أوضاع الائتمان عالمياً، ومن المُرجّح أن يقوض عدم اليقين السائد ثقة الشركات والمستهلكين؛ ما يزيد المخاوف بشأن الاستثمارات، والتوظيف، والإنفاق الاستهلاكي.

ونظراً لتقلبات السوق الحالية، وتأثير تراجع إيرادات النفط، من المرجح أن تشهد بنوك الخليج انخفاضاً في تدفقات رأس المال الداخل، وقد يشهد بعضها تدفقات خارجة. لكن بنوك المنطقة تبدو في وضع جيد لمواجهة هذه التحديات، إذ تُمثل محافظها الاستثمارية عادةً ما بين 20% و25% من إجمالي أصولها، كما تميل أدوات الدخل الثابت عالية الجودة إلى الهيمنة، مع مساهمة محدودة من الاستثمارات عالية المخاطر.

لذلك، تتوقع «إس آند بي غلوبال»، أن يظل تأثير تقلبات سوق رأس المال على بنوك المنطقة في حدود معقولة.

من ناحية أخرى، أظهرت بنوك الخليج مؤشرات قوية لجودة الأصول قبل بدء الاضطرابات الأخيرة، حيث بلغ متوسط ​​نسبة القروض المتعثرة 2.9% لأكبر 45 بنكاً في المنطقة بنهاية عام 2024. كما وضعت البنوك مخصصات تجاوزت 150% من القروض المتعثرة، بحسب ما توضحه بيانات «إس أند بي غلوبال»؛ ما يوفر لها بعض الحماية لامتصاص الصدمات الإضافية. 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC