logo
اقتصاد

سلاح التأمين.. كيف استعدت بكين لأحدث آليات عقوبات الغرب؟

سلاح التأمين.. كيف استعدت بكين لأحدث آليات عقوبات الغرب؟
تاريخ النشر:1 يناير 2023, 09:49 ص

رغم أن تحديد سقف سعر النفط سوف يساعد بكين على تأمين حصولها على النفط الروسي بأسعار مقبولة في المدى القصير، إلا أنه من المتوقع أن يؤدي أي احتمال فرض حظر تأميني من الغرب، موجه ضد الصين وليس موسكو في أي مواجهة مستقبلية بسبب تايوان، إلى التسبب في متاعب للصين.

ووفق تحليل نشرته مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية فإن الصين اتخذت في 2022 بعض الخطوات تعد اسميا في مواجهة الاضطراب الذي يحيط بحرب أوكرانيا إلا أنها  تهدف بفعالية للحد من تعرض الصين لاجراءات شركات التأمين الغربية ما يعكس حالة من القلق.

ووفق الباحث الأميركي كريستوفر فاسالو بمعهد سياسة مجتمع آسيا ومركز بيلفر بجامعة هارفارد، فإن حظر التأمين الذي يمنع الشركات داخل التكتل الأوروبي ومجموعة السبع من توفير عمليات التأمين وإعادة التأمين داخل أوروبا ومجموعة السبع لموردي نفط روسيا الذي يباع فوق سقف السعر المحدد، يعتبر الآلية التي تفرض سقف الـ60 دولارا، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وبالفعل أثبت حظر التأمين أهميته وكونه وسيلة فعالة لفرض الانصياع لسقف الأسعار حيث تتحكم الشركات داخل مجموعة السبع في 90% من التأمين وإعادة التأمين البحري.

ولا تزال الشركات الصينية المالكة للسفن، والتي تستورد حصة كبيرة من الخام الروسي منذ اندلاع حرب أوكرانيا تعتمد على شركات التأمين الغربية لحماية سفنها.

تجارب سابقة

وأشار الباحث الأميركي إلى أن فرض الحظر على تقديم خدمات التأمين له تاريخ طويل، حيث إنه خلال حرب الخلافة الإسبانية في القرن الـ 18، كانت بريطانيا قوة بحرية مهيمنة وبها أكبر شركات تأمين بحري بالعالم.

إلا أن وضع المملكة المتحدة بهذا الشكل كان يؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج ضارة، حيث وجدت شركات التأمين أنها تغطي تكلفة الأضرار التي كانت تلحقها الفرقاطات والسفن المسلحة البريطانية بسفن العدو.

وبعد الحرب، بدأ صانعو السياسات في بريطانيا يتساءلون حول ما إذا كان باستطاعتهم منع الشركات في بلادهم من تأمين شحنات العدو التجارية وبذلك يضمنون قوتهم البحرية وقطاع التأمين البريطاني القوي.

ورغم أن المعارضة حذرت من أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعرض للخطر وضع بريطانيا كأكبر قطاع تأمين بالعالم، سرعان ما بات واضحا أنه لا تستطيع أي شركة تأمين أجنبية أن تنافس السمعة النزيهة والمصداقية  والأسعار المنخفضة التي تتمتع بها الشركات البريطانية .

وفي ضوء تأكيد ثقتهم، وضع صانعو السياسات البريطانية قيودا تأمينية استهدفت تجارة فرنسا وأميركا أثناء الحروب المستقبلية.

وعلى سبيل المثال، في حرب 1812 كان الحظر فعالا للغاية لدرجة أن تكاليف التأمين زادت على 80% من قيمة الحمولة نفسها. وأدركت البحرية البريطانية أنه لعرقلة صناعة العدو، احتاجت لندن فقط لمنع التمويل المطلوب لشحن السلع الاستراتيجية.

سلاح لتقييد خطوط إمداد العدو

ويبدو أن المسؤولين بأميركا استقروا على منطق مماثل في الوقت الحالي، وهو استخدام وضع الغرب المهيمن في قطاع التأمين العالمي كسلاح لتقييد خطوط إمداد العدو.

هؤلاء المسؤولون قد يكتشفون، في القريب العاجل، استخدامات متعددة للحظر التأميني، ربما أكثر فائدة من مجرد فرض سقف للأسعار. فأي حظر تأميني قد يساعد بشكل كبير في فرض حصار شبه كامل على السلع الاستراتيجية خلال أوقات الأزمات.

"سلاح التأمين" سينضم قريبا إلى مجموعة من العقوبات الاقتصادية الأميركية التي يتعين أن تستعد الصين لتفاديها في أي مواجهة بشأن تايوان.

ولطالما أعربت الصين عن قلقها إزاء قدرة البحرية الأميركية على فرض حصار على الواردات البحرية في مضيق ملقا بما في ذلك نحو 80% من النفط الذي تستورده بكين. ولا بد أن يفترض التنين الصيني الآن استعداد مجموعة السبع لتعزيز أي حصار مستقبلي بفرض قيود مالية مثل حظر التأمين.

خطوتان صينيتان

ورغم ذلك، فإنه مثل كثير من العقوبات الأميركية، بدأت الإجراءات الصينية المضادة في تخفيف قوة أي سلاح تأميني مستقبلي. واتخذت الصين في 2022 خطوتين لتأمين الشحنات البحرية من الطاقة والقمح الروسي، حيث تعمل على البحث عن بديل وشركات تأمين غير تابعة لمجموعة السبع، وامتلاك أسطول ناقلات أكبر.

مثل هذه المناورات قد يكون مفيدا في تجنب الوفاء بالمتطلبات المرتبطة بالعقوبات التي تقودها أميركا ضد روسيا، إلا أنها تستخدم أيضا في دعم دفاعات الصين بقوة ضد سلاح التأمين.

وفي العام المنصرم، زادت الصين من تعاملها مع شركات تأمين غير غربية لتغطية شحنات النفط الروسي بتكلفة أقل، كما تسعى شركاتها التي تستورد النفط الروسي للبحث عن إعادة التأمين في مناطق غير أميركا وأوروبا.

وأيضا سارعت الصين من خطتها المتبعة منذ وقت طويل والمتمثلة في امتلاك أسطول ناقلات محلي يمكن للمخططين الصينيين السيطرة على حركته وحمولته.

وفي أغسطس الماضي، كشفت نشرة ملاحية أن شركة صينية مجهولة أنفقت 376 مليون دولار لشراء ناقلات لا تحمل علامات مميزة، والتي كانت تستخدم لإخفاء المصادر الحقيقية للحمولات التي تخضع للعقوبات عن طريق "نقلها من سفينة لسفينة" في منتصف المحيط الأطلسي.

وبدعمها للحمولات الروسية بهذه الطريقة، استطاعت السفن الصينية الحصول على خدمات التأمين والخدمات البحرية الأخرى بدون التعرض للعقوبات، ووفق شركة "لويدز" للتأمين فأن هذه الطريقة يمكن أن تتوسع لتشمل 400 ناقلة.

خطوات استباقية

وبحسب الباحث الأميركي "فاسالو" فإنه من المحتمل أن تتوقع الصين، في حالة وقوع أزمة، أن تستخدم أميركا سلاح التأمين، مشيرا إلى أنه يتعين على المخططين الاستراتيجيين الأميركيين للسياسات الجغرافية الاقتصادية توقع حشد بكين لأسطول ناقلاتها المحلية الكبير والاعتماد على شركات التأمين غير التابعة لأوروبا أو مجموعة السبع.

وحال اتخاذها هذه الخطوات قبل نشوب أزمة محتملة بشأن شبه جزيرة تايوان، تخفف بكين بالفعل من أي تأثير مستقبلي لسلاح التأمين ويوضح استعداد الصين لاتخاذ هذه الخطوات بصورة استباقية التزامها التفوق على أحد أحدث آليات العقوبات الغربية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC