خاص
خاصمدينة الرياض - السعودية رويترز

قمم الرياض.. السعودية تعزز شراكاتها عبر 3 قارات

ثلاث قمم إقليمية متتالية، نظمتها المملكة العربية السعودية خلال الأيام الأخيرة، استقطبت خلالها معظم القوى الاقتصادية الفاعلة في العالم، شرقا وغربا وجنوبا، ما يعكس رغبة المملكة في توسيع خياراتها الاقتصادية، ونسج شراكات واسعة تضخ دماء جديدة لشرايين اقتصادها، الذي يشهد نموا وتوسعا استثنائيا، بعدما انحصر لعقود طويلة في مسار واحد.

وأكد خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن المملكة عبر هذه القمم تعزز جهودها وخططها الاستراتيجية التي بدأت منذ سنوات، بهدف دخول نادي العشرة الكبار اقتصاديا في العالم، من خلال جذب الاستثمارات وإقامة شراكات اقتصادية وتجارية مع عدد من التكتلات الاقتصادية الكبرى.

واستضافت الرياض، الخميس، أول قمة سعودية من نوعها مع دول رابطة الكاريبي بحضور 7 من قادتها، لتعزيز الشراكة وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الجانبين، خاصة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة والسياحة وغيرها.

ويقول الدكتور مؤنس شجاع، الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية" إن انعقاد القمة يعزز فرص تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين المملكة وتكتل الكاريبي، من خلال القطاعين العام والخاص، وإيجاد فرص متبادلة للتعاون المشترك، فضلا عن بحث الفرص الاستثمارية في مجال الصناعات الغذائية والزراعية، وتشجيع تبادل الخبرات في ضوء رؤية المملكة 2030، الرامية لتنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة.

وأضاف أن قمة الكاريبي تأتي أيضًا امتداداً لما بذلته السعودية من تحركات ومباحثات مع دول الرابطة على مدار السنوات الماضية، حيث أقيم في يوليو 2022م، منتدى للاستثمار "السعودي- الكاريبي" في بونتا كانا بجمهورية الدومينيكان، بمشاركة قادة الاستثمار من القطاعين العام والخاص في المملكة ودول منطقة الكاريبي، بهدف مناقشة فرص الاستثمار والتطورات في القطاعات الاستثمارية ذات الأولوية.

وتضم مجموعة دول الكاريبي أو ما تعرف أيضا بـ "كاريكوم"، 15 دولة هي: أنتيغوا وباربودا، الباهاما، باربادوس، بليز، دومينيكا، غرينادا، غيانا، هايتي، جامايكا، مونتسرات، سانت كيتس ونيفيس، سانت لوسيا، سانت فنسنت والغرينادين، سورينام، وترينيداد وتوباغو.

انعقاد القمة يعزز فرص تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين المملكة وتكتل الكاريبي
مؤنس شجاع - خبير اقتصادي
تسهيل التجارة والاستثمار

وأشار الدكتور مؤنس شجاع، إلى أن هذه القمة تأتي بعد شهرين، من إقرار خطة العمل المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة الكاريبي (2023-2027)، خلال اجتماع مشترك لوزراء الخارجية عقد في 18 سبتمبر الماضي بنيويورك، حيث تحدد الخطة مجموعة من الأهداف والآليات، لتسهيل التجارة وترويج الاستثمار والتعاون السياحي، والعمل على زيادة التدفقات التجارية والاستثمارية بين المنطقتين.

وأوضح أنه استمرارا للعمل الاقتصادي المشترك، بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة ودول الكاريبي في العام الجاري 2023، نحو 203 ملايين ريال، حيث سجلت الصادرات السلعية 102 مليون ريال، فيما سجلت الواردات السلعية 100.8 مليون ريال.

ولفت إلى أن العلاقات بين الجانبين لم تقتصر على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل شملت أيضًا المساعدات الإنسانية والإغاثية، التي قدمتها المملكة، لدول الكاريبي، حيث قدم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مساعدات بأكثر من 1.3 مليار دولار، بينما يعمل الصندوق السعودي للتنمية على مشروعات داخل دول الكاريبي، تصل قيمتها إلى 242.6 مليون دولار، وتغطي قطاعات عدة.

القمة "السعودية الإفريقية"

وقبل نحو أسبوع من قمة الكاريبي، وتحديداً في العاشر من شهر نوفمبر الجاري، استضافت المملكة قمة "سعودية إفريقية" بحضور عدد كبير من رؤساء وزعماء القارة السمراء، في تأكيد على الدور المحوري الذي تقوم به السعودية في دفع عجلة التنمية والاقتصاد في إفريقيا.

وبرز اهتمام المملكة البالغ بمستقبل القارة الإفريقية ودولها وشعوبها، من خلال مشاركة ولي العهد السعودي في قمة مواجهة تحدي نقص تمويل في إفريقيا، والتي اُقيمت في باريس عام 2021م.

ويقول الدكتور محمد مكني أستاذ المالية والاستثمار بجامعة الإمام في السعودية، إن "القمة السعودية الإفريقية" سعت إلى تكريس التعاون الاقتصادي بين الرياض وإفريقيا، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بينهما خلال العام الجاري، بلغ نحو 74.735 مليار ريال سعودي، مثلت الصادرات منها 53.071 مليار ريال، فيما سجلت الواردات 21.664 مليار ريال.

"القمة السعودية الإفريقية" سعت إلى تكريس التعاون الاقتصادي بين الرياض وإفريقيا
محمد مكني - أستاذ المالية والاستثمار بجامعة الإمام في السعودية
اهتمام خاص بالقارة السمراء

وأضاف أستاذ المالية والاستثمار السعودي في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن القمة تعكس أيضا اهتمام المملكة الخاص بالقارة الإفريقية، وهو ما ظهر في حجم الاستثمارات السعودية بها، حيث بلغ إجمالي استثماراتها خلال الأعوام العشرة الأخيرة 49.5 مليار ريال، بينما وصل عدد الشركات السعودية العاملة هناك 47 شركة، تنشط في مجالات الطاقة والغذاء والخدمات المالية.

وانطلاقًا من دور المملكة الفاعل والريادي في تعزيز جهود الاستدامة التنموية الشاملة، فقد خصص الصندوق السعودي للتنمية، لقارة إفريقيا حوالي 57.06% من إجمالي نشاطه الإنمائي حول العالم، حيث قدّم منذ بدء مزاولة نشاطه الإنمائي دعما إلى 46 دولة إفريقية، من خلال تمويل 413 مشروعًا وبرنامجًا تنمويًا، لدعم القطاعات الإنمائية عبر القروض التنموية الميسّرة بقيمة إجمالية تقدّر بحوالي 4 مليارات ريال.

50 عاماً من الدعم التنموي

وفي البيان الختامي للقمة الإفريقية السعودية، أكد القادة الأفارقة على عمق العلاقات التاريخية بين السعودية ودول القارة السمراء، حيث قدمت المملكة خلال 50 عاماً دعماً تنموياً بأكثر من 45 مليار دولار في العديد من القطاعات الحيوية استفادت منه 46 دولة إفريقية.

وأشاد قادة الدول الإفريقية بمستوى العلاقات التجارية بين المملكة ودول القارة الإفريقية، حيث بلغ حجم التجارة بينها 45 مليار دولار أميركي خلال عام 2022م.

وأكدوا أهمية مواصلة بذل الجهود لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وتشجيع الاستثمارات المشتركة من خلال تنويع التجارة البينية، وتعزيز العلاقات بين المؤسسات الاقتصادية في الجانبين.

ورحبوا بالنمو الملحوظ للتبادل التجاري بينهما خلال السنوات الخمس الماضية، كما نوه الجانبان بارتفاع الصادرات السعودية غير النفطية إلى إفريقيا بمعدل نمو سنوي بلغ 5.96% خلال الفترة من 2018 إلى 2022م، لتبلغ بنهاية العام الماضي (31.94) مليار ريال.

التوسع في حجم الاستثمارات

وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات المتوقعة من القمة الإفريقية، أشار الدكتور محمد مكني، إلى أن نتائج القمة أظهرت حجم التوسع المرتقب في الاستثمارات السعودية خلال الفترة القادمة، حيث جرى على هامش القمة توقيع أكثر من 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم في العديد من المجالات، باستثمارات تتجاوز 40 مليار دولار.

ومن المقرر أن يصل حجم الاستثمارات السعودية في القارة الإفريقية إلى نحو أكثر من 25 مليار دولار أميركي، حيث سيقوم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل مشاريع تنموية في القارة الإفريقية حتى عام 2030م بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار، كما سيتم تمويل وتأمين للصادرات من السعودية إلى القارة الإفريقية حتى عام 2030م، بنحو 10 مليارات دولار.

نتائج القمة الإفريقية أظهرت حجم التوسع المرتقب في الاستثمارات السعودية خلال الفترة القادمة
محمد مكني - أستاذ المالية والاستثمار بجامعة الإمام في السعودية
قمة رابطة دول الآسيان

وامتدادا لسلسلة القمم التي نظمتها المملكة مؤخرا، استضافت الرياض كذلك في الـ 20 من شهر أكتوبر الماضي، القمة الأولى من نوعها بين دول مجلس التعاون الخليجي، ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، بحضور كامل لزعماء دول شرق وجنوب آسيا.

وجاء انعقاد القمة في ظل ازدياد الاهتمام والتنافس الإقليميَين والدوليَين، من قبل القوى العظمى على منطقة جنوب شرقي آسيا، نظراً لموقعها وأهميتها الجيوستراتيجية. وأثمرت القمة عن رفع مستوى التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات بين الجانبين إلى المستوى الاستراتيجي، واستكشاف الفرص الجديدة على الأصعدة كافة.

ووفق البيان الرسمي المشترك لقمة الآسيان، فقد شدد القادة على تعزيز تدفقات التجارة والاستثمار، مع التركيز بشكل خاص على البنية التحتية المستدامة، ومصادر الطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، كما أعربوا عن اهتمامهم بالعمل المشترك لتحقيق التحول إلى طاقة مستدامة وبأسعار معقولة.

توسيع الشراكات

ويقول الدكتور محمد مكني، إن العلاقات بين المملكة ودول رابطة الآسيان، تشهد تطوراً منذ عدة سنوات، وقمة الآسيان، جاءت استكمالا لما تسعى له المملكة من توسيع شراكاتها الاقتصادية مع التكتلات الاقتصادية الكبرى، وإقامة تحالفات تعزز من ثقلها إقليمياً ودوليا، لا سيما وأنها تسعى أن تكون ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم، مشيراً إلى أنها حالياً في المركز السادس عشر بين دول مجموعة العشرين.

وأوضح أن قمة الآسيان، ستعمل على تعزيز تدفقات التجارة والاستثمار، من خلال خلق فرص متبادلة المنفعة للاستثمارات المشتركة، بما يتوافق مع إطار التعاون بين مجلس التعاون ورابطة الآسيان، مع التركيز بشكل خاص على البنية التحتية المستدامة، ومصادر الطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، والزراعة، والتصنيع، والرعاية الصحية، والسياحة، والخدمات اللوجستية، والمدن والاتصال والرقمنة.

وأكد أن المملكة تهدف من خلال استضافة هذه القمم إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع أطرافها الآخرين، واستكشاف سبل التعاون فيما يتعلق بأولويات الشراكة الاقتصادية الرئيسية، وهي تعزيز تكامل الأسواق الإقليمية، وتعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف، على النحو الذي تجسده منظمة التجارة العالمية، في ظل اضطراب أسواق التجارة العالمية، وسلاسل الإمداد.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com