ولمواجهة هذه الأزمة، يشير خبراء البيئة إلى العديد من الحلول الممكنة، للتغلب على هذا التحدي وخلق مستقبل أكثر استدامة، منها تقليل انبعاثات غازات الدفيئة من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى التكيف مع آثار تغير المناخ.
عضو البرلمان العالمي للبيئة، الدكتور وفيق نصير، يقول إن "التغيرات المناخية تُهدِد مستقبل الدول النامية، إذ إنها تؤثر في الزراعة والثروة السمكية، وتتسبب في الكوارث الطبيعية، ما يعرقل الأمن الغذائي والاقتصادي لهذه الدول".
ونتيجة لذلك، تعاني الدول النامية تهديدًا اقتصاديًّا خطيرًا بسبب تغير المناخ، حيث تؤدي هذه الظاهرة إلى انخفاض الإنتاجية، وزيادة التكاليف، وانخفاض مستوى المعيشة، وزيادة الفقر.
ووفق تصريحات نصير لـ"إرم نيوز"، يُشكّل تغير المناخ تهديدًا خطيرًا للاقتصاد العالمي، حيث يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وزيادة الديون العامة في العديد من الدول.
ويشير تقرير لصندوق النقد الدولي، إلى أن "تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة الديون العامة في العديد من الدول".
وتختلف درجات تأثير التغير المناخي في الدول الكبرى، مقارنة بالدول النامية، فالدول الكبرى تمتلك موارد أكبر لمواجهة التحديات الناجمة عن تغير المناخ، إلا أنها ليست بمأمن من تأثيراته الخطيرة، وفق الدكتور وفيق نصير.
ولمواجهة هذا التهديد، تحتاج البشرية، وفق عضو البرلمان العالمي للبيئة، إلى حلول جذرية، تتمثل في التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، والاعتماد على الطاقة المتجددة، وتطوير التكنولوجيا البيئية، والتكيف مع تأثيرات التغير المناخي.
يُشكّل تغير المناخ تهديدًا وجوديًّا للموارد الطبيعية، التي ترتبط بحياة البشر في كل الدول، حيث تؤدي الظاهرة إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الطقس، وزيادة الكوارث الطبيعية، وفق مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، الدكتور مجدي علام.
ويوضح أن "ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى ذوبان الأنهار الجليدية، وزيادة معدلات التبخر، وانخفاض هطول الأمطار، ما يؤدي إلى ندرة المياه ونقص الغذاء".
وتشير التوقعات إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الكرة الأرضية بمقدار 1.5 درجة بحلول عام 2050، ما يؤدي إلى المزيد من الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والجفاف، التي ستكون لها عواقب وخيمة.
ويشكّل تغير المناخ تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي العالمي، فارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الطقس، وزيادة الجفاف، يؤدي إلى تحول الأراضي المنتجة غذائيًّا إلى أخرى قاحلة، ما يؤثر في قدرة الموارد الأيكولوجية لتوفير الغذاء اللازم للبشر، وفق تصريحات علام لـ"إرم نيوز".
ولفت علام إلى أن "الصوماليين تعرضوا للنزوح من أماكنهم بسبب ضياع الغطاء النباتي، واختفاء الموارد المالية، فقد تسبب تغير المناخ في تغير أنماط هطول الأمطار في البلاد، ما أدى إلى جفاف الأراضي الزراعية، ونقص الغذاء، وهجرة السكان".
ولجأ الأمريكيون إلى الاستمطار الصناعي، وهي تقنية تعتمد على رش غاز الكيمتريل في الهواء لتحفيز هطول الأمطار، وذلك لمواجهة آثار تغير المناخ، ورغم أنهم نجحوا في هذه التجربة، فشلوا في تحديد الأماكن التي ستهطل فيها الأمطار.
ومن جانبه، يقول أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق المصرية، الدكتور علي قطب، إن "ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى تفاقم الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والجفاف، بالإضافة إلى زيادة انتشار الأمراض، مثل ضربات الشمس والإجهاد الحراري، ما يؤدي إلى وفاة العديد من المواطنين، خصوصًا في الدول النامية وأوروبا".
وتتحمل الدول الصناعية الكبرى، التي تسببت في تغير المناخ، مسؤولية مساعدة الدول النامية على التكيف مع آثاره، ومع ذلك، لم تفِ هذه الدول بتعهداتها المالية، ولم تدفع حتى الآن أي مبالغ مالية للدول النامية للتكيف مع التغيرات المناخية، وفق الدكتور علي قطب.
وأضاف قطف، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "الدول النامية تحتاج إلى أنظمة تكيف لمواجهة آثار تغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الطقس، وزيادة الجفاف، التي تؤدي إلى أضرار جسيمة بالبنية التحتية، والزراعة، والصحة، والاقتصاد".
وبشأن الحلول المطروحة، دعا الدكتور علي قطب إلى "ضرورة تخفيض الانبعاثات الكربونية، وتطبيق اتفاقيات اللجنة الدولية المعنية بالتغيرات المناخية في توصيات مؤتمراتها التي تعقد في نوفمبر من كل عام، والمتابعة المستمرة لتنفيذ التوصيات".
ومن وجهة نظر قطب، يتطلب هذا الحل استثمارات كبيرة، وجهودًا دولية مشتركة، لذا يبقى الحل الآخر هو الأفضل للتكيف مع تغير المناخ، وهو إنشاء مشروعات واستصلاح وزراعة مناطق خضراء، واستحداث نظم علمية لزراعة محاصيل تتكيف مع التغيرات المناخية.
لفت العديد من الكوارث في دول عدة، مثل التصحر والجفاف، التي أدَّت إلى تدمير الأراضي الزراعية، وانخفاض الإنتاجية، وزيادة الفقر، انتباه العالم بأكمله إلى خطورة تغير المناخ، حسبما ذكر الباحث المصري في شؤون البيئة، الدكتور عاصم خشبة.
ولفت خشبة، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى "توقف الإنتاج الزراعي تمامًا في بعض الدول بسبب تغير المناخ، ففي ليبيا، تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار سد درنة، ما أدى إلى تدمير نصف المدينة، وشلل كامل للحياة الاقتصادية والطبيعية".
وفي الولايات المتحدة والصين، تسببت الأعاصير في أضرار جسيمة للبنية التحتية، وتوقف الإنتاج الزراعي في بعض المناطق، ما أدى إلى شلل اقتصادي كامل.
إجمالًا، تتطلب الأزمة المناخية مواجهة عاجلة وحقيقية، من خلال اتخاذ إجراءات فورية لخفض الانبعاثات الكربونية، ومواجهة آثار تغير المناخ، والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، وترشيد استهلاك الطاقة، وتطوير تقنيات الإنتاج النظيفة، وتنفيذ وعود التمويل الدولية، لمساعدة الدول النامية على تنفيذ مشاريع الطاقة النظيفة.
ويأمل قادة العالم الذين سيجتمعون في الإمارات، الدولة المضيفة للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف، أو ما يعرف بـ"كوب 28" الذي سينعقد في 30 نوفمبر الحالي، أن يكون هذا الحدث العالمي فرصة لمساعدة البلدان الأكثر فقرًا التي تعاني بسبب تغيّر المناخ.