خاص
خاصتمثال الحرية- shutterstock

سيناريو كارثي.. إفلاس مصارف أميركية يُهدد أوروبا بموجة من الأزمات

تضيق الآفاق الاقتصادية يوماً بعد يوم في الولايات المتحدة وتزداد سوءًا بعد انهيار العديد من البنوك الكبرى خلال الأشهر الماضية، فبينما يعاني أكبر اقتصادات العالم ويلات التضخم غير المسبوق على جميع الأصعدة، اتخذ البنك الفيدرالي قرارًا وصفه الخبراء بـ"القرار الدراماتيكي"، بالإبقاء على سعر الفائدة الرئيس دون تغيير، ما ينذر بانهيار مزيد من البنوك الأميركية والأوروبية خلال الفترة المُقبلة.

ومع تزايد المخاوف الأميركية من انهيار النظام المصرفي خصوصا والاقتصاد الأميركي عموما، عقد البنك المركزي قبل ساعات اجتماعًا رسم خلاله تفاصيل القرار المُرتقب بخفض سعر الفائدة، معلنًا: "خفض معدل الفائدة، لكن ليس قريبًا كما كان يريد المستثمرون".

مخاوف مصرفية

بيان المركزي الأميركي أثار مخاوف العديد من خبراء الاقتصاد من تفشي التضخم وانهيار المزيد من بنوك الولايات المتحدة، بعد تحرك العديد من المستثمرين لسحب أصولهم من البنك، على خلفية الاضطرابات التي يعانيها الاقتصاد المحلي.

وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور نهاد إسماعيل، إن "أزمة انهيار المؤسسات المالية ظهرت بوادرها عام 2006، لعدم وجود قوانين صارمة تحكم مسألة القروض المالية، ما تسبب في ضخ قروض سكانية للعديد من الأشخاص غير القادرين على الالتزام بالأقساط، وفي عام 2008 ومع ارتفاع الفائدة انفجرت فقاعة الأزمة".

وأشار إسماعيل، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إلى أنه "خلال عامي 2008 و2009 أعلن نحو 25 بنكًا ومؤسسة مالية -يبلغ إجمالي أصولها نحو 532 مليار دولار- حالة الإفلاس"، وأوضح أن "هذا السيناريو يتكرر الآن بعد إعلان أكثر من 3 بنوك خلال العام الماضي الإفلاس، منها أكبر البنوك الأمريكية ( وادي السيليكون)".

وكلفت الأزمة الأخيرة التي عصفت بالبنوك الأمريكية وبالاقتصاد العالمي نحو 465 مليار دولار، بعد أن سحب المودعون جميع أموالهم من العديد من البنوك المحلية في أنحاء الولايات المتحدة كافة، بسبب ضعف القوانين التي تحكم عملية السحب والإقراض، وفق الخبير الاقتصادي.

ارتفاع معدلات التضخم

ومن جانبه، قال أستاذ الاقتصاد السياسي، الدكتور أحمد ياسين إن "أزمة انهيار المصارف لها عدة أسباب، فهي لا تقتصر فقط على الثقة التي فقدت بين البنوك في الولايات المتحدة، والمودعين الذين سحبوا ودائعهم بل أيضاً تعود إلى ارتفاع معدلات التضخم وثبات أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، مما ولد حالة من عدم الثقة بين المستهلكين والمودعين، ودفع الجميع إلى سحب أموالهم، خوفًا من إفلاس البنوك".

وأضاف ياسين، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "هناك قوانين اقتصادية صارمة يجري الانتهاء منها حاليًا في الكونجرس، وتستهدف حماية النظام المصرفي الأميركي من الانهيار، وذلك لعودة الثقة بالبنوك والمؤسسات المالية، وعدم الضغط على هيئة تأمين الودائع خاصة أن القوانين الحالية تُجبر المؤسسات الفيدرالية والحكومة على سداد حقوق عملاء البنوك التي تعرضت للإفلاس وهذا يؤثر سلباً على الاقتصاد المحلي".

خسائر فادحة

وترتبط مشكلة انهيار البنوك الأمريكية بأزمة التضخم والركود التي تعانيها دول العالم وليست الولايات المتحدة فقط، مما يهدد البنوك بالإفلاس ويكبد الخزينة الأمريكية خسائر فادحة، بحسب الخبير الاقتصادي، محمد العالم.

وحذّر الخبير الاقتصادي من كارثة مالية كبرى تنتظر أوروبا بعد موجة إعلان إفلاس 5 بنوك كبرى في أمريكا، أبرزها بنكا "سيليكون فالي" و"سيجنيتشر".

وأوضح الخبير، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "أسباب إفلاس هذه البنوك لا تزال قائمة، بل تتفاقم يومًا بعد يوم، مع ازدياد نزوح ودائع العملاء خوفًا على أموالهم".

وأشار إلى أن "سيناريو الأزمة المالية العالمية عام 2008 يتكرر اليوم، مع وجود سياسة جديدة سمحت بها الولايات المتحدة منذ تلك الفترة، وتتمثل في اندماج البنوك مع بعضها، وخلق كيانات مصرفية ضخمة تُهدد النظام المصرفي بأكمله".

وشهد الاقتصاد الأميركي في القرن الماضي ضربات موجعة تسببت في موجة من انهيارات البنوك، وكان أبرزها عام 1982 مع إنهيار بنك وصندوق «إلينوي» الوطني، ويعد سابع أكبر بنك في الولايات المتحدة والأكبر في الغرب الأوسط، بأصول تقارب 40 مليار دولار.

وفي 1984، شهد القطاع المصرفي أكبر صدمة في تاريخ الولايات المتحدة، بعد تعرض بنك «بن سكوير» للانهيار بعد أن سحب المودعون 10.8 مليارات دولار.

وتعرض بنك الجمهورية الأول للإفلاس، عام 1988 -أكبر بنك في الجنوب الغربي للولايات المتحدة- وكانت أصوله تبلغ 32.5 مليار دولار في هذا التوقيت.

وعام 2008 تعرض الكثير من البنوك للإفلاس، أبرزها إفلاس بنك «واشنطن ميوتشوال»، وكانت أصوله تبلغ 307 مليارات دولار، وأعلن بنك «إندي ماك» إفلاسه مع انهيار سوق الرهن العقاري.

وفي عام 2009، تعرض بنك «كولونيال» لعملية نصب ضخمة بقيمة 3 مليارات دولار، تسببت في إفلاسه.

وفي عام 2023، أعلن أكبر بنوك الولايات المتحدة «وادي السيليكون» إفلاسه، بعد أن نما بوتيرة سريعة من 2018 إلى 2021، وتضاعفت أصوله حتى وصلت إلى 209 مليارات دولار.

وبعد يومين من إفلاس بنك «وادي السيليكون»، تعرض بنك «سجنتشر» الذي يمتلك 40 فرعًا بالولايات المتحدة للإفلاس وإغلاقه من الحكومة، بهدف حماية المودعين واستقرار النظام المالي.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com