تواجه شركة «كول إنديا» الحكومية، أكبر منتج للفحم في العالم، تحديات متزايدة تهدد هيمنتها التاريخية على سوق الطاقة في الهند، بعد عقود من السيطرة منذ تأميمها في سبعينيات القرن الماضي.
وذكرت وكالة «بلومبرغ» أن الصيف المعتدل هذا العام، المصحوب بأمطار مبكرة وانخفاض درجات الحرارة، خفّض من استهلاك الكهرباء، وأدّى إلى تراجع نادر في الطلب خلال الربع المنتهي في يونيو، ما أثّر بشكل مباشر على مبيعات الشركة.
وأضافت الوكالة أن محطات الطاقة في البلاد باتت تمتلك مخزونات فحم شبه قياسية، ما أسهم في تراجع مبيعات «كول إنديا» بنسبة 4.9% خلال تلك الفترة، ودفعها لتقليص الإنتاج خلال 5 من الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.
ويُعاني سوق الفحم عالمياً من فائض في المعروض، حيث أدت سياسات التوسّع في الإنتاج، خاصة في الصين، إلى تخمة في السوق، ما دفع بأسعار الفحم القياسي في ميناء نيوكاسل الأسترالي - المعروف بأنه أكبر ميناء لتصدير الفحم في العالم - إلى الاقتراب من أدنى مستوياتها خلال 4 سنوات.
لكن التحديات التي تواجهها «كول إنديا» لا تقتصر على تقلبات السوق، حيث بدأت الحكومة الهندية تنفيذ إصلاحات فتحت المجال أمام منافسة أكبر، أبرزها السماح للمستخدمين الصناعيين الكبار، مثل «إن تي بي سي»، بإنتاج الفحم من مناجمهم الخاصة، ما يقلل من اعتمادهم على «كول إنديا» في المستقبل.
في الوقت ذاته، تشهد مصادر الطاقة المتجددة في الهند نمواً متسارعاً، وسط توجه حكومي نحو تنويع مصادر الطاقة، دون إعلان صريح عن التخلي التام عن الفحم.
وتشير البيانات إلى أن إنتاج الكهرباء من الفحم انخفض بنسبة 6% خلال شهري أبريل ومايو، بينما ارتفع توليد الطاقة من المصادر المتجددة بنسبة 23% في الفترة نفسها.
وفي مواجهة هذه التحولات، تتحرك «كول إنديا» نحو تنويع أنشطتها، حيث أعلنت عن خطط لطرح عدد من الشركات التابعة للاكتتاب بهدف جمع السيولة اللازمة للاستثمار في مجالات جديدة، من بينها تعدين المعادن الإستراتيجية، والطاقة النظيفة.
وكان رئيس مجلس إدارة الشركة السابق، برامود أغروال، قد صرّح، في العام 2021، بأن «كول إنديا» لن تتمكن من الاستمرار طويلاً كشركة تعدين فحم فقط، وهي رؤية باتت اليوم أكثر واقعية من أي وقت مضى، في ظل التحديات العالمية المتزايدة أمام الوقود الأحفوري.
وتشير تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب العالمي على الفحم بلغ ذروته، خلال العام 2024، مع استهلاك بلغ نحو 8.77 مليار طن، لكن من المتوقع أن يستقر عبر 2025–2027 بفعل توسع مصادر الطاقة المتجددة.
وعلى الصعيد المالي، أظهرت دراسة حديثة أن التمويل العالمي لمشاريع الفحم عبر 650 مصرفاً بقي مرتفعاً، مسجلاً 130 مليار دولار في العام 2024، رغم التعهدات بالتخلّي عن الفحم منذ مؤتمر غلاسكو 2021.