وتباينت آراء الخبراء حول سيناريوهات القرار المنتظر، مشيرين حالة عدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي جنبًا إلى جنب وتباطؤ نمو بعض الدول الرئيسية كالصين والهند، فضلا عن إمكانية عودة معدلات التضخم للارتفاع مرة أخرى.
وتراجعت أسعار النفط، يوم الاثنين، للجلسة الرابعة على التوالي، تزامناً مع تركيز المتداولين على الاجتماع المرتقب لتحالف أوبك+، إلى جانب عزوف المستثمرين عن المخاطرة في الأسواق المالية الأوسع نطاقاً.
وتراجع سعر خام برنت إلى أقل من 80 دولارا للبرميل، بعد أن سجل أعلى مستوياته هذا العام في سبتمبر الماضي قرب 98 دولارا.
وانخفض سعر خام برنت بنسبة 2.3% خلال الجلسات الثلاث الماضية، فيما بلغ خام غرب تكساس الوسيط حوالي 75 دولاراً للبرميل. وتراجع سعر النفط الخام جنباً إلى جنب مع الأسهم في مستهل تداولات الأسبوع.
كما أظهرت البيانات تباطؤاً كبيراً في صعود أرباح الشركات الصناعية الصينية خلال أكتوبر، ما يسلط الضوء على المخاطر التي تهدد النمو في أكبر دولة مستوردة للنفط الخام في العالم.
وتوقع الرئيس التنفيذي لمركز كولوم للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، ألا تتخذ أوبك قرارا بتخفيض الإنتاج في اجتماعها المنتظر، وإنما سيكون التثبيت هو الخيار الأكثر احتمالية وفقا لتخفيضات أبريل الماضي.
وأضاف الرفاعي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أنه حتى منتصف هذا العام كان الطلب على النفط أضعف من المتوقع، ما أدى إلى بعض التقلبات في أسعاره، كما أن التوقعات الآن تشير إلى أن العام القادم سيكون الطلب على النفط أعلى وأقوى من العام الحالي، ولذلك لن يتم رفع الإنتاج، ولكن إذا اتخذ قرار التخفيض فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاعات في سعر النفط.
وتابع: "الأهم من ذلك أنه بغض النظر عن التوترات الجيوسياسية سواء حرب غزة أو الحرب الروسية الأوكرانية، فإنه سيتم التأكيد على أن أوبك+ مستعدة لتهدئة سوق النفط والوصول إلى الإنتاج المتفق عليه".
وأشار الرئيس التنفيذي لمركز كولوم للدراسات الاستراتيجية، إلى أنه إذا تم تخفيض الإنتاج فإن سعر النفط قد يتجاوز 90 دولارا، كما سيتأثر الاقتصاد العالمي بذلك، لأنه في موقف ضعيف حاليا.
من جانبه، يقول الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأميركية في القاهرة، إن الاجتماع سوف يغلب عليه مجموعة من التخوفات بسبب انخفاض أسعار النفط غير المتوقع لأقل من 80 دولار للبرميل ووصوله إلى 79 دولارا، بعدما كان من المتوقع ارتفاع سعره بعد حرب غزة إلى 95 دولار، لكن ذلك لم يحدث.
وأضاف القليوبي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن هناك تباينا في الآراء حاليا حول تثبيت الإنتاج أو التخفيض، ولذلك فإن أوبك ستعاني في الاجتماع القادم من أجل اتخاذ القرار النهائي.
وأوضح أنه رغم ذلك إلا أن السوق حاليا متعطش إلى نحو 1.5 مليون برميل، بسبب التأثير السلبي لحركة ناقلات النفط والغاز بعد حوادث الاحتجاز في البحر الأحمر وبطء حركة الناقلات، مع ارتفاع تكلفة التأمين البحري، ولذلك لو التزمت أوبك بسقف الإنتاج الحالي قد يقفز سعر البرميل إلى 85 دولارا بحلول الأسبوع القادم في ظل هذه الأجواء.
وفيما يتعلق بتأثير ارتفاع النفط على الأسواق والاقتصاد العالمي، قال أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأميركية في القاهرة، إن الارتفاع سيؤثر على كثير من الاقتصاديات بالتباطؤ، وخاصة الصين والهند اللذين يستوردان كميات ضخمة من النفط يوميا، لأن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى ضعف الطلب ومن ثم انخفاض إنتاج المصانع في هذه البلدان، وتباطؤ الاقتصاد.
وضغطت المخاوف بشأن الطلب والفائض المحتمل العام المقبل على الأسعار، على الرغم من الدعم من تخفيضات أوبك+ والصراع في الشرق الأوسط.
وتعهدت السعودية وروسيا وأعضاء آخرون في أوبك+ بالفعل بخفض إجمالي إنتاج النفط بمقدار 5.16 مليون برميل يوميا، أو حوالي 5% من الطلب العالمي اليومي، في سلسلة خطوات بدأت في أواخر عام 2022.
وتشمل التخفيضات 3.66 مليون برميل يوميا من قبل أوبك+ وتخفيضات طوعية إضافية من قبل السعودية وروسيا.
وفي اجتماعها الأخير بشأن سياسة الإنتاج في يونيو، وافقت أوبك+ على اتفاق واسع النطاق للحد من الإمدادات وصولا لعام 2024، وتعهدت الرياض بخفض الإنتاج الطوعي لشهر يوليو بمقدار مليون برميل يوميًا، وتم تمديده منذ ذلك الحين حتى نهاية عام 2023.
يأتي ذلك في الوقت الذي قالت 3 مصادر في أوبك+ لوكالة رويترز، إن التحالف اقترب من التوصل إلى تسوية مع دول إفريقية منتجة للنفط بشأن مستويات الإنتاج في 2024.
وقال مسؤولون لرويترز إن أنغولا ونيجيريا، وهما عضوان في منظمة الدول المنتجة للبترول، أوبك، تهدفان إلى زيادة حصتيهما من إنتاج النفط.
وأشار أحد المصادر شريطة عدم نشر اسمه، إلى أنه واثق بنسبة 99% أن أوبك+ ربما يتوصل إلى اتفاق في 30 نوفمبر.
وتقول توريل بوسوني، رئيس قسم أسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية، إن سوق النفط العالمية ستسجل فائضا طفيفا في المعروض في 2024 حتى إذا مددت دول أوبك+ تخفيضاتها إلى العام المقبل.
وأوضحت بوسوني، على هامش مؤتمر في أوسلو عقد مؤخرا، أن سوق النفط تعاني حاليا من عجز وأن المخزونات تتراجع بمعدل سريع، مشيرة إلى أنها عند مستويات منخفضة، ما يعني أننا نواجه خطر التقلبات المتزايدة إذا حدثت مفاجآت تتعلق بالطلب أو المعروض.