خاص
خاصالكوبالت

"الذهب الأزرق" بإفريقيا.. خيرات يحوطها الفساد

تحول الكوبالت إلى ورقة رابحة للبشرية ولاعب هام في التحول المطرد إلى الطاقة النظيفة والسيطرة على الانبعاثات الكربونية، مع التوسع في استخدامه بصناعة بطاريات الليثيوم التي تعتمد عليها صناعة السيارات الكهربائية، كما أن بطاريات "الليثيوم أيون" المستخدمة في الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة تستهلك أيضًا كمية كبيرة من الكوبالت العالمي.

وإذا كان العالم يستهدف بحلول عام 2035، أن تمثل السيارات الكهربائية نصف مبيعات السيارات على مستوى العالم، فإنه ولكي يحدث ذلك، يجب أن ينمو إنتاج الكوبالت من حوالي 185 ألف طن في عام 2022 إلى 660 ألف طن في عام 2035، وفقا للموقع الرسمي للبنك الدولي.

ومع الحاجة المتزايدة للتحول إلى الطاقة النظيفة، فإن البطاريات التي يدخل فيها الكوبالت ضرورية لتشغيل المركبات الكهربائية، وتخزين الطاقة المتجددة، إذ يدعم الكوبالت استقرارها وأداءها عن طريق منع ارتفاع درجة الحرارة وإطالة عمرها الافتراضي.

ولا يقتصر دور الكوبالت أو "الذهب الأزرق" على تخزين الطاقة المتجددة فحسب، بل يعد عنصرًا حيويًا لطاقة الرياح، إذ يدخل في صناعة أقوى مغناطيس دائم، والمستخدم في هذه العملية. كما يستخدم في صناعة المغناطيسات القوية وأدوات القطع والسبائك عالية القوة في قطاعات الطيران والطاقة والدفاع، وتطبيقات الفضاء الجوي.

الأكثر من ذلك، يدخل الكوبالت في صناعة الكربيدات الأسمنتية، والمحفزات للصناعات البترولية والكيميائية والإطارات وأدوات صناعة الألماس.

الكوبالت في أرقام

يوجد الكوبالت في القشرة الأرضية مع معادن مختلفة في مجموعة من السياقات الجيولوجية، ولكن تركيزه في الصخور نادرًا ما يكون مرتفعًا بما يكفي لجعله قابلاً للاستغلال.

وواقعيا، يتم استخراجه في معظم الأحيان بالاشتراك مع معدن آخر مثل النحاس أو النيكل، ويأتي الجزء الأكبر من الكوبالت من مناجم النحاس أو النيكل.

وتمتلك جمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر من نصف الاحتياطيات المعروفة في العالم، كما تستخرج الكونغو الديمقراطية حوالي ثلثي الكوبالت الذي يتم استخراجه اليوم.

وتقدر احتياطات الكوبالت في الكونغو الديمقراطية بنحو 4 ملايين طن، وقيمتها تبلغ أكثر من 133 مليار دولار أميركي، وفقا لموقع "إنرجي مونيتور". وفي عام 2022، أنتجت الكونغو الديمقراطية نحو 70.3% من الإنتاج العالمي للكوبالت، والتي تقدر بـ130 ألف طن، وفقا لموقع "Natural-resources Canada".

وحلت إندونيسيا في المركز الثاني كثاني أكبر منتج للكوبالت في العالم، بنسبة 5.4% من الإنتاج العالمي، مع 10 آلاف طن، يليها روسيا بنسبة 4.8% قدرت بنحو 8900 طن.

وأشار تقرير حديث لوكالة الطاقة الدولية إلى وجود احتياطات كبيرة للكوبالت في منطقة كلاريون كليبرتون، التي تمتد من المكسيك إلى هاواي وتغطي أكثر من 4 ملايين كيلومتر مربع من قاع البحر.

ولفت التقرير إلى أن هذه المنطقة غنية بشكل خاص بالمعادن، حيث تشير التقديرات إلى أن كمية الكوبالت هناك تزيد بمقدار ستة أضعاف عن احتياطيات العالم البرية بأكملها، وفقا لموقع البنك الدولي الرسمي. ومع ذلك، فإن موارد الكوبالت هذه موجودة في أعماق المياه، حيث يصل عمقها إلى 6000 متر، وهذا يعني أنه ليس من السهل استغلالها.

ولا يقف استخراج الكوبالت عند باطن الأرض، بل يتمتع هذا المعدن الفريد بميزة إعادة التدوير، وهي مصدر مهم آخر له، ويتم إعادة تدوير حوالي 30% من الكوبالت الناتج عن النفايات الإلكترونية، وفقا للموقع الرسمي للبنك الدولي.

وتستحوذ الصين على معظم عمليات تكرير الكوبالت في العالم، إذ تتم معالجة حوالي 60-70% من المعدن في الصين، وهي عملية يتم فيها تحويله إلى معدن الكوبالت النقي.

ومن المتوقع أن تنمو القيمة السوقية للكوبالت بأكثر من الضعف بين عامي 2023 و2030، ما يقدر بنحو 10.8 مليار دولار في عام 2023 إلى 24.9 مليار دولار في عام 2030، وفقا لموقع "ستاتيستا".

خيرات يحوطها الفساد

وفي حديث لـ"إرم الاقتصادية"، قال الخبير الاقتصادي، دون باشيبونج، من الكونغو الديمقراطية، إن "الكوبالت مادة مهمة في التكنولوجيا الحديثة، ويلعب دورًا مهمًا في تصنيع الأجهزة".

وأضاف أن "تزايد الوعي بالتأثيرات السلبية الناجمة عن تغير المناخ، في العقد الماضي، دفع للبحث العاجل عن حلول للحد من انبعاثات الكربون العالمية، ويساعد الكوبالت بشكل كبير في تقليل هذه الانبعاثات".

وأردف باشيبونج: "نظرًا لدوره الحيوي في مستقبل كوكبنا والإنسانية، فإن الطلب على الكوبالت مرتفع في جميع أنحاء العالم لإنتاج البطاريات الأساسية للسيارات الكهربائية، مع الأخذ في الاعتبار أن صناعة النقل تساهم في 28.7% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية".

وتابع: "هذا بالإضافة إلى دوره في إنتاج الكهرباء، من الألواح الشمسية، وتقليل انبعاثاتها التي تقدر بحوالي 48% من الانبعاثات العالمية حاليا". وأوضح أن "الكوبالت يعتبر موردًا بالغ الأهمية للمستقبل، حيث يفيد بشكل خاص اقتصاد جمهورية الكونغو الديمقراطية بإيرادات كبيرة".

لكن لفت باشيبونج إلى أن "العديد من المواطنين الكونغوليين، وخاصة أولئك الذين يقيمون في المناطق الغنية بالكوبالت، لا يستفيدون من نمو الصناعة".

وأوضح أن ذلك "يرجع إلى أن بعض الشركات تستغل هذه الصناعة ولا تستفيد منها إلا قلة مختارة، مدفوعة بالفساد". وأضاف باشيبونج: "في مناطق أخرى، تهيمن قوات المتمردين على الاقتصاد، مما يحد من توزيع الإيرادات".

الطلب على الكوبالت مرتفع في جميع أنحاء العالم لإنتاج البطاريات الأساسية للسيارات الكهربائية
دون باشيبونج - خبير اقتصادي

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com