خاص
خاصمصفاة نفط عراقية- رويترز

عودة الحياة إلى مصفاة بيجي بعد 10 سنوات من التوقف

بعد عشر سنوات من سيطرة تنظيم "داعش" على مصفاة بيجي لتكرير النفط، عادت الحياة من جديد لأكبر مصفاة في العراق بعد تأهيلها وافتتاحها يوم الجمعة الماضي، ويرى خبراء الاقتصاد العراقيون أن "إعادة تأهيل مصفاة بيجي تعد إنجازًا تاريخيًّا يُمثّل خطوة مهمة على طريق الإصلاح الاقتصادي في ظل الأزمات المالية الراهنة".
خطوة مهمة نحو الانتعاش

وأكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على هامش افتتاح مصفاة الشمال، أن "مصفاة بيجي قد تم تأهيلها بعد استعادة السيطرة عليها وتأمينها"، وأوضح أن "العمل في المصفاة قد بدأ بالفعل في شهر ديسمبر الماضي، إلا أن الافتتاح الرسمي تم تأجيله حتى تعمل المصفاة بكامل طاقتها".

وتعليقًا على ذلك، قال أستاذ الاقتصاد، جليل اللامي، إن "العراق يُعد من أكبر دول المنطقة إنتاجًا لمشتقات البترول، إلا أن توقف العديد من مصافي تكرير النفط وتوقف التصدير والاعتماد على إنتاج النفط للاستخدام المحلي فقط، تسبب في أضرار بالغة طالت الاقتصاد العراقي".

وأوضح اللامي، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "إعادة افتتاح مصفاة الشمال وافتتاح مصفاة كربلاء الجديدة يُسهمان بشكل كبير في انتعاشة جديدة لسوق النفط العراقي"، واعتبر ذلك خطوة مهمة نحو إعادة التصدير للدول العربية والأوروبية، مما يُعزز الاقتصاد الوطني، ويُسهم في تحقيق الاستقرار.

وتقع مصفاة بيجي، المعروفة باسم مصفاة شمال العراق، على بُعد 250 كيلومترًا شمال بغداد، وأُنشئت عام 1975، وحظيت بمكانة متميزة كأكبر مصفاة في البلاد، بإنتاج يومي يتراوح بين 250 و300 ألف برميل نفط.

وفي منتصف عام 2014، واجهت المصفاة تحديًا هائلًا مع هجمات تنظيم داعش، إذ تمكن التنظيم من ترهيب العاملين فيها وفرض سيطرته على المصفاة، مستغلًا منتجاتها البترولية لتمويل عملياته.

وأشار اللامي إلى أن "مصفاة بيجي تُمثل حجر الزاوية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية، وأوضح أن "المصفاة، بطاقتها الإنتاجية الكاملة، قادرة على تلبية جميع احتياجات العراق من المنتجات النفطية التي كان يستوردها على مدار السنوات العشر الماضية، منذ توقفها عن العمل".

وأكد الخبير الاقتصادي أن "مصفاة الشمال ومصفاة كربلاء الجديدة تُشكلان نموذجًا متقدمًا لتحديث مصافي النفط العراقية، إذ تعملان حاليًّا بتقنيات حديثة تهدف إلى مضاعفة الإنتاج المحلي".

وتُعد مصفاة "كربلاء" الجديدة التي افتُتحت في أبريل الماضي الأهم والأحدث في قطاع النفط العراقي، بطاقة تبلغ نحو 150 ألف برميل يوميًّا.

وتُعد هذه الخطوة تمهيدًا لهيكلة وتطوير باقي مصافي تكرير مشتقات البترول في العراق، التي باتت مُتهالكة وغير قادرة على مواصلة إنتاجها بنفس طاقتها الإنتاجية منذ سنوات، وفق تقدير جليل اللامي.

فاتورة باهظة

المحلل الاقتصادي، أثير الشرع، يرى أن "افتتاح مصفاة بيجي ومصفاة كربلاء الجديدة، خطوة من الخطوات الحاسمة لعودة العراق إلى موقعه الطبيعي على رأس قائمة الدول المصدرة للنفط".

وأضاف الشرع، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "إعادة تأهيل مصفاة بيجي تعد انطلاقة قوية للبرنامج الحكومي الهادف إلى تنويع مصادر القطاع النفطي، وتلبية احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية".

وقد عانى العراق خلال السنوات الماضية صعوبات في توفير احتياجاته من المشتقات النفطية، مما اضطره إلى الاعتماد على الاستيراد بتكلفة باهظة تجاوزت 4 مليارات دولار، وفق الشرع.

وأضاف أن "صادرات النفط العراقي حاليًّا تبلغ نحو 3 ملايين و400 ألف برميل يوميًّا، وتسعى الحكومة إلى زيادتها إلى 4 ملايين برميل، مع تأكيد التزامها باتفاقية أوبك+ التي تحدد سقف الإنتاج بـ4 ملايين برميل يوميًّا".

وكشف عن خطة حكومية لإنشاء 5 مصافٍ جديدة لتكرير مشتقات النفط، وتهدف الخطة إلى زيادة الطاقة الإنتاجية بواقع 150 ألف برميل يوميًّا، مما يُسهم في تحقيق هدف زيادة صادرات النفط العراقي إلى مليون و250 ألف برميل يوميًّا.

وقف استيراد المشتقات النفطية

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المعقل العراقية، الدكتور نبيل المرسومي، إن "إعادة تأهيل مصفاة الشمال تشكل جزءًا مهمًا من استراتيجية الحكومة العراقية لتعزيز الإنتاج الوطني من النفط".

ويرى المرسومي، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "التوجه الحكومي نحو تطوير القطاع النفطي يُمثل خطوة جوهرية لضمان استثمار ثروات الطاقة في البلاد بشكلٍ فعّال"، وأشار إلى أن "خطة تطوير مصفاة بيجي تهدف إلى وقف استيراد المشتقات النفطية، وزيادة الإنتاج إلى 300 ألف برميل يوميًّا".

ويتوقع أن يصبح العراق مُصدّرًا للنفط بعد عام 2025، مع اكتمال خطة تطوير مصفاة بيجي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية.

ويُعد العراق ثاني أكبر بلد مُنتج في منظمة الدول المصدرة للنفط، ويُصدر نحو 4 ملايين برميل يوميًّا، ويُمثل النفط نحو 90% من عائدات الاقتصاد العراقي. 

وأشار إلى أن "مصفاة كربلاء الجديدة تُنتج حاليًّا نحو 140 ألف برميل من النفط الخام الثقيل والأخف وزنًا، وتهدف المصفاة إلى زيادة إنتاجها من البنزين إلى 9 ملايين لتر يوميًّا".

وأضاف أن "هذه الزيادة ستُسهم في الطاقة الإنتاجية في رفع إجمالي إنتاج العراق من البنزين إلى 27 مليون لتر يوميًّا، مما يُمكّن البلاد من توفير ثلث احتياجاتها من البنزين، ويُقلل بشكل كبير من الاعتماد على الاستيراد".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com