بعدما جمع ثروة يتعدى حجمها 200 مليار دولار، كشف المؤسس المشارك في «مايكروسوفت» بيل غيتس عن خططه للتبرع بكامل ثروته تقريباً على مدى العقدين المقبلين، من خلال «مؤسسة غيتس»، وهي منظمة رائدة تُركز على الصحة العالمية ومبادرات اجتماعية أخرى. وأكد أن هذه المؤسسة التي تتخذ من سياتل بولاية واشنطن الأميركية مقراً لها، والتي تحتفل هذا العام بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها، ستُنهي عملياتها في 31 كانون الأول من عام 2045. وتُعدّ هذه المؤسسة الخيرية الأكبر في العالم، وقد أنفقت بالفعل 100 مليار دولار منذ تأسيسها، مما ساعد في إنقاذ ملايين الأرواح.
كتب غيتس في مدونته: «هناك الكثير من المشاكل المُلحّة التي يجب حلّها، ولا أستطيع الاحتفاظ بالموارد التي يُمكن استخدامها لمساعدة الناس. لذلك قررتُ إعادة أموالي إلى المجتمع أسرع بكثير مما كنتُ قد خططتُ له في البداية».
تأتي هذه الأخبار في الوقت الذي خفّضت فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعم واشنطن للمساعدات الخارجية العالمية، مُقلّلةً من تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ومُتجهةً إلى خفض تمويل الصحة والبحث العلمي بشكل كبير.
يذكر أن «مؤسسة غيتس» التي يبلغ رصيدها 77 مليار دولار، بدأت بالفعل بتكثيف جهودها في تقديم المنح، حيث أصدرت 8.75 مليار دولار هذا العام، والتزمت بتوزيع 9 مليارات دولار للعام المقبل. وقال بيل غيتس في مقابلة، إنه يأمل أن يحذو أثرياء آخرون حذوه، معتبراً أن ما يفعله قدوة حسنة قد تؤثر في الآخرين، وتحث الأغنياء على بذل المزيد من الجهود في مجال العمل الخيري.
اعتبر غيتس البالغ من العمر 69 عاماً أن «من مات غنياً، مات مُهاناً»، وأضاف: «لقد قضيتُ وقتاً طويلاً أفكر في هذا الاقتباس مؤخراً. وسيقول الناس الكثير عني عندما أموت، لكنني مُصمم على ألا تكون عبارة (مات غنياً) واحدة منها. فهناك الكثير من المشاكل المُلحة التي يجب حلها، ولا أستطيع الاحتفاظ بالموارد التي يُمكن استخدامها لمساعدة الناس».
سلّطت «مؤسسة غيتس» الضوء على ثلاثة مجالات رئيسية لسنواتها العشرين القادمة، وهي المساعدة في منع وفيات الأمهات والرضع، والعمل على القضاء على الأمراض المعدية الفتاكة، ومساعدة ملايين الفقراء بهدف وضعهم على طريق الرخاء.
يذكر أن بيل غيتس كان قد تعهّد بالفعل بالتبرع بمعظم ثروته سابقاً، لكنه لم يُفصح عن وتيرة تبرعه أو المبلغ المستهدف. وفي عام 2010، انضم بيل غيتس المؤسس المشارك لشركة «مايكروسوفت» إلى زوجته السابقة ميليندا فرينش غيتس والملياردير وارن بافيت في إطلاق مبادرة «تعهد العطاء»، وهو تعهد علني يوافق الموقعون عليه على صرف معظم ثرواتهم خلال حياتهم على المبادرات الخيرية؛ مع العلم أن فرينش غيتس استقالت من منصبها كرئيسة مشاركة للمؤسسة الخيرية في يونيو الماضي، بعد حوالي ثلاث سنوات من إعلان طلاقها من بيل غيتس بعد زواج استمر 27 عاماً.
وفي السياق عينه، كان وارن بافيت، الذي تبرع بحوالي 43 مليار دولار لـ«مؤسسة غيتس»، قد غادر منصبه كوصي عليها بعد وقت قصير من إعلان خبر الطلاق.
منذ انطلاقها، كانت «مؤسسة غيتس» رائدة في مجال الصحة العالمية، وتقول إنها ساعدت في إنقاذ 82 مليون شخص من خلال مبادرتين رئيسيتين، هما «التحالف العالمي للقاحات والتحصين»، و«الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا». كما قدمت «مؤسسة غيتس» موارد لتطوير تقنيات تستهدف الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بما في ذلك لقاحات جديدة وأدوات تشخيص وعلاجات صحية. وأكدت المؤسسة اليوم أنها ستواصل عملها خارج نطاق الصحة. ويشمل ذلك الاستثمار في التعليم، مع التركيز على الطلاب ذوي الدخل المحدود، ودعم الزراعة وصغار المزارعين، وتعزيز برامج المساواة بين الجنسين التي تزيد من فرص حصول النساء والأسر على التعليم والرعاية الصحية والخدمات المالية.