ألقى ماسك وكاثي وود باللوم على ارتفاع أسعار الفائدة سبباً في ضعف أداء أصولهما، إذ نشرت كاثي وود رسالة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أكتوبر الماضي تحذر من مخاطر حدوث "انكماش" بسبب تشدد البنك المركزي. وفي رده على شكوى أحد المستثمرين في تغريدة هذا الشهر يتساءل عن بسبب هبوط أسهم "تسلا" مؤخراً، وصف ماسك الاحتياطي الفيدرالي بأنه "المشكلة الحقيقية".
وأوضح ماسك في تغريدة أخرى، أن ارتفاع العائد على سندات الخزانة الخالية من المخاطر يؤدي بالضرورة لتراجع الإقبال على امتلاك الأسهم الأكثر خطورة.
لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل على الاحتياطي الفيدرالي على الأداء الضعيف لصناديق كاثي وود المتداولة في البورصة وأكبر أصول ماسك، إذ انخفض صندوق "أرك إنوفيشن" المتداول في البورصة 67%هذا العام، بينما انخفض سهم "تسلا" 65%. وفي المقابل، انخفض مؤشر ناسداك-100 الذي يضم كبرى شركات التكنولوجيا غير المالية 33% فقط.
لكن ما وصفه مشاهير التكنولوجيا صحيحاً بشكل كبير وهو ما حدث في الآونة الأخيرة. حيث يُظهر تقرير نشرته "ناسداك إنفستمنت إنتيليجنس" العام الماضي مدى حساسية أداء المؤشرات الرئيسية لتغير أسعار الفائدة والارتباط السلبي بين مؤشر ناسداك-100 ومتوسط تغير العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات في 2021، وهي ديناميكية لا تزال قائمة. ويتناسب ذلك مع ما يتم تدريسه بكليات إدارة الأعمال وتقبله "وول ستريت" من ارتباط أسعار أسهم النمو بتوقعات أرباحها المستقبلية، ومع ارتفاع عائدات السندات، ينبغي أن تتناقص القيمة الحالية لتلك الأرباح المستقبلية من حيث القيمة.
الواقع ليس دائماً بتلك البساطة. حيث كشفت "ناسداك إنفستمنت إنتليجنس" أن أداء ناسداك -100 كان مرتبطًا بنحو إيجابي بالعائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات على مدى السنوات الثلاثين الماضية، واستثناء وصول الأسعار إلى نطاق مرتفع واستمرارها في الارتفاع بعد ذلك من تلك العلاقة الإيجابية. وقد يرجع ذلك لأداء الاقتصاد القوي في بدايات دورات رفع أسعار الفائدة، يشير هذا إلى أن المستثمرين بحاجة لمراقبة العديد من عوامل الاقتصاد الكلي، وليس أسعار الفائدة فقط.
حتى ونحن نتطلع إلى عام آخر قد ترتفع فيه أسعار الفائدة، من المقرر أن تنهي بعض أسهم شركات التكنولوجيا العام بأسعار رخيصة على نحو لا يقاوم مثل "ميتا بلاتفورمز" المالكة لـ"فيسبوك"، التي تتداول أسهمها بمضاعف ربحية يبلغ 14.8 وفقاً لتقديرات الأرباح المستقبلية، مقابل نحو 29 مرة متوسط مضاعف الربحية على مدى السنوات التسع ونصف الماضية.
اتخذت "ميتا" خلال الأشهر القليلة الماضية، خطوات لإعادة هيكلة أعمالها في بيئة إعلانية متدهورة، وسحرت 13%من موظفيها وتخلت عن مشاريع غير أساسية، وقد رفع "جيه بي مورغان" تقييم "ميتا" وأوصى بالشراء مطلع ديسمبر، مستشهدًا بنسبة المخاطر/العوائد وأسعارها المنخفضة.
تكرر الأمر نفسه مع أسهم "أمازون" و"إير بي إن بي" و"دور داش"، التي سجلت جميعها أداء أقل من المؤشرات الأوسع هذا العام رغم كونها شركات لا تزال تنمو حتى خلال موجات الوباء التي مرت بها.
قد تبدو الأسعار الحالية بالنسبة للمتحمسين لأسهم التكنولوجيا مثل شقة بمدينة نيويورك تباع بأقل من 5 ملايين دولار أو حقيبة موديل بيركين من "هيرميس" تباع مقابل ألف دولار.
تراجع قيمة الأصول لا يعني بالضرورة أنها مناسبة للاستثمار. إذا علّق الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة العام المقبل، كما يتوقع العديد من مراقبي السوق، سوف ترتد أسعار أسهم التكنولوجيا. وعلى النقيض من ماسك وكاثي وود فليس ذلك هو الشيء الوحيد الذي يُثقل كاهل القطاع، بل ينبغي مراعاة باقي عوامل الاقتصاد الكلي الأخرى.
توقعت "ميتا" في أكتوبر الماضي تسجيل أكبر انخفاض تاريخي في إيراداتها بالربع الرابع على أساس سنوي بتراجع بنحو % مقارنةً بمتوسط التوقعات. وأوضحت الشركة أن أدائها "سوف يعتمد على الاقتصاد الأوسع فقط". وشددت على وجه الخصوص أن تدهور أسعار صرف العملات الأجنبية من شأنه أن يثقل كاهلها.
وعلى نحو مماثل، أوضحت "أمازون" في المؤتمر الهاتفي للمحللين للتعليق على نتائج الربع الثالث أن البيئة الاقتصادية الأوسع سوف تلعب دوراً كبيراً في أرباح الربع الرابع. وسلطت الشركة الضوء على "التضخم الواسع النطاق" وارتفاع تكاليف الوقود والطاقة، ما دفع المستهلكين لإعادة تقييم قوتهم الشرائية، والشركات لإعادة النظر في التكنولوجيا والإنفاق على الإعلانات.
وعلى مدى العامين الماضيين، عوقب المستثمرون لنسيانهم أهمية أساسيات الشركات وقد يُعاقبوا من جديد العام المقبل على نسيان القصة الأكبر أيضًا.
المصدر: وول ستريت جورنال