سجّل مؤشر «داكس» الألماني ارتفاعاً إلى مستوى قياسي اليوم الجمعة، ليصبح أول مؤشر رئيس في أوروبا يعوّض كامل الخسائر التي تسببت بها تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية، وسط تفاؤل المستثمرين حيال الاتفاقات التجارية الأميركية، ما عزز أداء الأسواق العالمية.
ارتفع مؤشر «داكس» بنحو 0.5% خلال تعاملات بعد الظهر، بعدما أعقب إعلان اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يوم الخميس، اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي والمستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس، اتفقا خلاله على ضرورة تسوية النزاعات التجارية بسرعة، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.
رغم تحذير ميرتس، بعد فوزه في الانتخابات، من أن على أوروبا أن «تحقق استقلالها» عن الولايات المتحدة، فقد اعتمد نبرة تصالحية خلال الاتصال، مؤكداً أن واشنطن لا تزال «صديقاً وشريكاً لا غنى عنه». وأفادت الحكومة الألمانية بأن الزعيمين اتفقا على عقد لقاء في المستقبل القريب.
من المقرر أن يعقد مسؤولون من الولايات المتحدة والصين محادثات، تبدأ غدا السبت في سويسرا، بشأن الحرب التجارية، حيث سيقود وزير الخزانة سكوت بيسنت والممثل التجاري جايمسون غرير الوفد الأميركي، بينما سيترأس وفد الصين نائب رئيس الوزراء، هي ليفنغ.
لكن العقود الآجلة للأسهم الأميركية تراجعت يوم الجمعة بعدما كتب ترامب على منصته «تروث سوشيال» أن فرض رسوم بنسبة 80% على الصين «يبدو مناسباً»، ما أشار إلى احتمال تقليص أقل للرسوم العقابية مقارنةً بتوقعات المستثمرين.
وانخفضت العقود الآجلة المرتبطة بمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بعد منشور ترامب، قبل أن تعوّض بعض خسائرها وتصعد بنسبة 0.2%.
يعكس صعود «داكس» إلى أعلى مستوياته أيضاً موجة الحماسة التي شهدها سوق الأسهم الألمانية في وقت سابق من هذا العام، بفعل خطط ميرتس لزيادة الاقتراض وضخ مئات المليارات من اليوروهات في الجيش والبنية التحتية في البلاد.
وقال إيمانويل كو، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية لدى «باركليز»، إن الأخبار التجارية قدمت دعماً واسعاً للأسواق، لكنه أضاف: «هناك قدر إضافي من الحماسة في ألمانيا ضمن هذا السرد المتجدد وظهور الحكومة الجديدة. هناك اهتمام متزايد بألمانيا»، وفق وكالة رويترز.
أما السندات الألمانية، التي شهدت موجة صعود في الأسابيع الأخيرة مع بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة وسط اضطرابات السوق، فقد تخلّت عن جزء من مكاسبها مع تفوق أداء الأصول الأكثر مخاطرة.
وقد تفوقت الأسهم الأوروبية هذا العام على نظيراتها في «وول ستريت»، بفعل التفاؤل بشأن الإنفاق الدفاعي المتزايد إلى جانب تزايد المخاوف من تأثير حرب ترامب التجارية على الاقتصاد الأميركي.
فيما ارتفع مؤشر «داكس» بنحو 18% منذ بداية العام، بينما سجلت أسهم شركات الدفاع أداءً قوياً مدفوعة بالالتزامات الجديدة للإنفاق، إذ ارتفعت أسهم شركة «راينميتال» بأكثر من 170%.
كما استفاد السوق الألماني من الأداء القوي للبنوك الأوروبية، فقد صعد سهم «دويتشه بنك» بنسبة 43% منذ بداية العام.
ورغم تعافي الأسهم الأميركية من خسائرها التي أعقبت إعلان ترامب عن «يوم التحرير» التجاري في أبريل، لا يزال مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» دون مستواه القياسي في فبراير، منخفضاً بنحو 4% منذ بداية 2025.
وقد أسهم هذا الأداء القوي للأسواق الأوروبية في تقليص الفجوة الكبيرة في التقييمات بين الأسهم الأميركية ونظيرتها الأوروبية، التي اتسعت في السنوات الأخيرة بسبب الارتفاع المستمر في أسهم التكنولوجيا الأميركية.
وقال كيفن توزيه، عضو لجنة الاستثمار في «كارمينياك»: «حتى الآن، هذا الارتفاع قائم»، لكنه استدرك: «من غير الواضح ما إذا كان سيستمر على هذا النحو لفترة طويلة. قد نكون قد تجاوزنا ذروة الترامبية، لكن حالة عدم اليقين لا تزال قائمة».