أحيت الهدنة التجارية الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة بعض الآمال في إمكانية التوصّل إلى اتفاق نهائي يرضي القوتين الاقتصاديتين المتنافستين. إلا أن المستثمرين ما زالوا يترقّبون بحذر، إذ لا تزال التهديدات المتكرّرة بعودة الرسوم الجمركية تمثّل خطراً دائماً على الأسواق.
جاء ردّ فعل الأسواق محدوداً، إذ أنهى المفاوضون الأميركيون والصينيون جولتهم في لندن بإعلان نيتهم إحياء اتفاق جنيف الأخير، ورفع القيود الصينية على تصدير المعادن النادرة. غير أن هذا الإعلان لم يتضمّن تفاصيل كافية لطمأنة الأسواق؛ ما أبقى منسوب عدم اليقين مرتفعاً.
سجّلت الأسهم الصينية أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، فيما تراجعت العقود الآجلة للمؤشرات الأميركية قليلاً، وارتفع الدولار الأميركي بشكل طفيف مقابل استقرار اليوان الصيني. وقال كريس ويستون، مدير الأبحاث لدى شركة «بيبرستون» الأسترالية للوساطة: «ما دامت العناوين الرئيسة للمحادثات إيجابية، ستظل الأصول عالية المخاطر مدعومة»، بحسب رويترز.
ورغم أن الأسواق انتعشت منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تراجعه عن معظم الرسوم الجمركية العقابية التي أعلنها في الثاني من أبريل، فإن المستثمرين لا يزالون حذرين. فقد ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 6.5%، واقترب من أعلى مستوياته على الإطلاق، بينما استمرت الأسهم الصينية في الأداء الضعيف بفعل القلق من تباطؤ اقتصادي داخلي.
الاقتصاديون يعتقدون أن تعليق الرسوم الجمركية لا يكفي لتجاوز تداعيات حرب تجارية تهدد بتجميد تبادلات تتجاوز 600 مليار دولار. وقال فيليب وول، مدير الأبحاث في «رايليانت غلوبال أدفايزرز» لوكالة رويترز: «من يدفع بالأسواق إلى هذه المستويات المرتفعة يتجاهل حجم الضرر الاقتصادي الفعلي». وأضاف: «قد نشهد انتعاشاً مؤقتاً، لكنه في الغالب عاطفي وسرعان ما سيزول مع عودة المخاطر».
تواجه الصين ضغوطاً انكماشية وضعفاً في الاستهلاك، وتحتاج إلى رفع الرسوم المفروضة على صادراتها. أما في الولايات المتحدة، فقد بدأت هذه الحرب التجارية تؤثر سلباً في ثقة المستهلكين والشركات، وهو ما انعكس في تراجع الدولار بأكثر من 8% منذ بداية العام.
تتزايد الضغوط على إدارة ترامب مع تصاعد التوتر مع إيلون ماسك، والمراجعة البرلمانية لخطة الإصلاح الضريبي، والاحتجاجات ضد سياسات الهجرة في لوس أنجلوس. ويُنظر إلى نجاح أو فشل المفاوضات مع الصين على أنه اختبار حاسم للإدارة، لكن المستثمرين لا يزالون غير مستعدين للمراهنة على نتائجها.