مع تجاوز الدين الأميركي عتبة 36 تريليون دولار وتصاعد الخلافات السياسية حول الإنفاق والعجز، تتزايد المخاوف من أزمة ديون قد تُضعف ثقة الأسواق بالسندات الحكومية، حتى تلك المصنّفة في خانة «الأكثر أماناً» تاريخياً. في هذا السياق، يعود الذهب إلى دائرة الضوء كملاذ آمن، ويطرح المستثمرون السؤال: هل بات الاستثمار في الذهب خياراً أكثر جدوى من شراء السندات الأميركية؟
لطالما اعتُبر الذهب أصلاً دفاعياً في أوقات الأزمات، سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية. ورغم أنه لا يولّد دخلاً مثل السندات، فإن قيمته ترتفع غالباً عند تراجع الثقة بالعملات أو بديون الحكومات. في الثلاثين عاماً الماضية، ارتفع سعر الذهب من نحو 380 دولاراً إلى أكثر من 2300 دولار للأونصة ليسجل متوسط عائد سنوي يقارب 6.5%.
رغم أنها لطالما شكّلت أحد أعمدة الاستقرار المالي العالمي، بدأت الثقة بالسندات الأميركية تتآكل جزئيًا، بسبب حجم الدين المتفاقم وعدم وضوح المسار السياسي المالي في واشنطن. ومن أبرز مخاطر السندات في الوقت الراهن تذبذب العوائد، حيث إن ارتفاع الفائدة يؤثر سلباً في أسعار السندات القائمة.
هناك أيضاً المخاطر السياسية، إذ إن الانقسامات الحزبية تعوق التوافق على سياسات مالية مسؤولة والتضخم الذي يضعف القوة الشرائية للفوائد المدفوعة.
تبرز كذلك مخاطر إعادة التمويل، إذ مع تراكم الدين، تزداد حاجة الحكومة إلى اقتراض جديد بشروط أصعب. ورغم ذلك، لا تزال السندات طويلة الأجل توفّر عائداً ثابتاً قد يتراوح بين 4% و5%، ما يجذب المستثمرين الباحثين عن دخل دوري.
في حال تفاقمت أزمة الدين الأميركي وأثرت في التصنيف الائتماني أو سوق سندات الخزانة، فمن المرجح أن يرتفع الذهب كملاذ تقليدي.
أما إذا نجحت الإدارة الأميركية في تهدئة الأسواق وتمرير خطط إنفاق مسؤولة، فقد تبقى السندات خياراً مستقراً للعائد الثابت.
وفي ضوء المخاطر المتنامية، يُنصح بأن يكون الذهب جزءاً من محفظة متنوعة إلى جانب السندات والأسهم، خصوصاً في ظل مؤشرات على أن الأسواق قد تكون مقبلة على مرحلة من التقلبات المرتبطة بالديون والسياسات النقدية.