وبعد أسابيع طويلة وعصيبة من المفاوضات، انتهى الأمر برفع سقف الديون الفيدرالية، بيد أن الخطر الوشيك الآن يتثمل في إغلاق حكومي قبل نهاية الشهر الجاري.
وفي غضون ذلك، حذر مسؤول كبير بوزارة الخزانة من أن إغلاق الحكومة الأميركية يجلب تحديات كبيرة لأكبر اقتصاد في العالم.
وأشار نائب وزير الخزانة، والي أدييمو في النادي الاقتصادي في نيويورك إلى أن هذا الإغلاق قد يؤدي إلى تراجع الطلب في الولايات المتحدة الأميركية.
وتأتي هذه التحذيرات مع اقتراب الإغلاق الحكومي في نهاية هذا الشهر، بينما طلب البيت الأبيض من الكونغرس التصويت بسرعة على تمديد الميزانية لتجنب مثل هذا الوضع.
ووفقًا لنائب وزير الخزانة، والي أدييمو سيؤدي عدم تمديد الميزانية إلى شلل الحكومة الفيدرالية بأكملها تقريبًا.
وقال نائب وزير الخزاة الأميركية: "إن أدائنا الاقتصادي حتى الآن جاء أفضل بكثير مما توقعه الكثير من الخبراء، وذلك بسبب ما قمنا به فيما يتعلق بالاستثمار المستهدف".
ولفت والي أدييمو إلى أن آخر شيء نحتاجه في واشنطن هو الرياح المعاكسة المتمثلة في إغلاق الحكومة.
وأكد نائب وزير الخزانة الأميركية على أن الإغلاق الحكومي ليس في صالح أحد، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيؤدي إلى ضعف الطلب في وقت نتخذ فيه تدابير خاصة.
في الوقت الحالي، ستكون هناك حاجة إلى ما يسمى بالحل المستمر على المدى القصير هذا الشهر لتجنب انقطاع الخدمات الحكومية في السنة المالية الجديدة التي تبدأ في الأول من أكتوبر.
بيد أن التوصل لاتفاق في الكونغرس الأميركي المنقسم أمر يثير المخاوف حيث يحتفظ الديمقراطيون بالأغلبية في مجلس الشيوخ ويتولى الجمهوريون مسؤولية مجلس النواب، مما يزيد من عدم اليقين بشأن أي اتفاق محتمل.
وهذه هي المرة الثانية خلال الأشهر الأخيرة التي تواجه فيها الولايات المتحدة حالة من عدم اليقين المالي الخطير بسبب الصراع السياسي بين الجمهوريين والديمقراطين.
وفي وقت سابق، وافق الكونغرس بالفعل على تحديد سقف للإنفاق كجزء من مشروع قانون سقف الديون في يونيو.
ويرى خبراء الاقتصاد في شركة بانثيون للاقتصاد الكلي في تقرير حديث أن الحزب الجمهوري لم يكن راضيا أبدا عن مشروع قانون سقف الديون السابق.
وأشار خبراء بانثيون للاقتصاد الكلي إلى أنهم يرون أن الجمهوريين لديهم الآن فرصة لفرض تخفيضات أعمق في الانفاق الحكومي.
ومن بين المطالب التي يسعى لها الجمهوريين سعيهم وراء عزل الرئيس جو بايدن، وفقًا لتقرير انثيون للاقتصاد الكلي.
وفي وقت سابق، حذر محللون في بنك غولدمان ساكس، من أنه من المرجح أن الحكومة الأميركية قد تضطر إلى الإغلاق، بسبب الخلافات السياسية بشأن الإنفاق التي قد تضر بالنمو الاقتصادي مؤقتًا.
وقال محللو الاقتصاد في بنك غولدمان ساكس إن عمليات الإغلاق الحكومية السابقة التي تحدث حين يفشل الكونغرس في تمرير فواتير الإنفاق السنوية.
ويحدث الفشل في تمرير الفواتير إما بسبب الخلاف على مستوى الإنفاق أو توزيع الإنفاق، أو نزاع حول قضايا أخرى يريد أحد الأطراف معالجتها في تشريع الإنفاق.
وأوضح محللو بنك غولدمان ساكس أنه في الوقت الحالي، فإن كلا المخاطر متاح سواء رغبة الجمهوريين في تحقيق مكاسب سياسية أو كبح الإنفاق الحكومي والذي ظهر جليًا خلال أزمة سقف الديون.
ومن المتوقع، وفقًا لمحللو بنك غولدمان ساكس أن يؤدي الإغلاق الحكومي الواسع النطاق إلى خفض النمو بشكل مباشر بنحو 0.15 % عن كل أسبوع يستمر فيه.
وأشار محللو بنك غولدمان ساكس إلى أن خفض النمو سيزداد إلى 0.2% أسبوعياً عند تضمين تأثير متواضع على القطاع الخاص.
بيد أنه وفي المقابل، لفت محللو بنك غولدمان ساكس إلى أنه في الربع الذي يلي إعادة فتح الحكومة، سيرتفع النمو بنفس المقدار.
ووفقاً لمحللو بنك غولدمان ساكس، لم يكن للأسواق ردود فعل قوية على ثلاث عمليات إغلاق سابقة، في أعوام 1995-1996 و2013 و2018-2019.
وكانت أسواق الأسهم إما ثابتة أو مرتفعة في نهاية عمليات الإغلاق تلك، وذلك على الرغم من أن أسعار الأسهم في كل حالة إغلاق تنخفض قليلًا قبل أن تتعافى.
وعن سوق السندات، أوضح محللو بنك غولدمان ساكس أن عوائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات تنخفض بشكل أكثر وضوحاً بعد بدء عمليات الإغلاق.
وأشار محللو غولدمان ساكس إلى أن الإغلاق الحكومي ليس نتيجة حتمية، مشيرين إلى دعم التمديد المؤقت للموازنة بعد نهاية السنة المالية في 30 سبتمبر المقبل.
وأوضح محللو بنك غولدمان ساكس أنه مع استمرار الفشل في رفع مستوى الدين العام الأميركي، فإنه من المرجح أيضاً أن يفشل الكونغرس في التصرف في الوقت المناسب، لتجنب الإغلاق الحكومي.
وأصبح الإغلاق الجزئي عام 2019، لمؤسسات الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة، هو الأطول على الإطلاق،في ظل الأزمة السياسية بين الرئيس دونالد ترامب والكونغرس.
وتخطى الإغلاق الحكومي حينذاك الرقم القياسي السابق، الذي امتد فيه الإغلاق إلى 21 يوما، في عامي 1995 - 1996، في ظل إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
وحينذاك رفض الرئيس دونالد ترامب الموافقة على الميزانية، ما لم تتضمن تمويلا لبناء جدار على الحدود مع المكسيك، بينما ورفض المشرعون الديمقراطيون طلب ترامب، بتوفير 5.7 مليار دولار، لتمويل الجدار.
يعتبر هذا الإغلاق الجزئي هو الثالث من نوعه خلال العام 2018، حيث أغلقت الحكومة في 20 و21 و22 من يناير وفي الـ9 من فبرايروأخيرا في الـ22 من الشهر الجاري، في حدث هو الأول من نوعه تغلق فيه الحكومة لثلاث مرات بالعام ذاته منذ 40 عاما وبالتحديد منذ العام 1977.
يعني الإغلاق الحكومي عدم توفر موارد مالية للإنفاق على وزارة أو مؤسسة فيدرالية ، وعليه تضطر لإغلاق أبوابها.
و تعتمد كل الجهات الحكومية لتسيير أعمالها على مخصصات مالية يحددها الكونغرس سنويا قبل بدء العام المالي (1 أكتوبر-30 سبتمبر).
ويمرر الكونغرس تقليديا مشروع الميزانية بعد مفاوضات طويلة بين الحزبين ومختلف الجهات المتأثرة بهذه الميزانية، ثم تعرض على الرئيس للتوقيع عليها.
وينقسم مشروع الميزانية إلى 12 مشروع إنفاق تتبع اللجان الفرعية الـ 12 التابعة للجنة المخصصات بمجلس النواب.
وشهدت أميركا عددًا من الإغلاق ما بين الجزئي والكلي في أعوام 1995-1996 و2013 و2018-2019.
هل يقتصر الضرر على الفدراليين؟
إضافة للموظفين الفيدراليين الذين لن يحصلو على رواتبهم، هناك المتعاقدون ممن يعملون مع الحكومة الفيدرالية، ويقدر عدد المتعاقدين الحكوميين ما يقرب من 4 ملايين متعاقد خلال عشرات الآلاف من الشركات المتوسطة والصغيرة.
وتحوم قيمة تعاقدات تلك الشركات مع الحكومة الفيدرالية ما يزيد عن 400 مليار دولار، ويقوم المتعاقدون بالعديد من الوظائف لصالح الجهات الحكومية وتتركز بصفة عامة في مهام الأمن والحراسة والتسويق والأبحاث الميدانية والبرمجيات والتطوير التكنولوجي.