رغم التوترات التجارية.. نمو أقوى من المتوقع لاقتصادات منطقة اليورو

سجل اقتصاد منطقة اليورو نمواً أقوى من المتوقع بلغ 1.2% على أساس سنوي، وهو ما جاء مطابقاً للقراءة السابقة للربع الرابع من العام الماضي، وذلك رغم استمرار حالة عدم اليقين الناتجة عن تصاعد التوترات التجارية العالمية.

وكانت التوقعات ترجح نمو اقتصادات منطقة اليورو بمعدل 1% فقط بالربع الأول.

وارتفع الناتج المحلي الإجمالي المُعدَّل موسمياً بنسبة 0.4% في منطقة اليورو و0.3% في الاتحاد الأوروبي، في الربع الأول من عام 2025، مقارنةً بالربع السابق، وفقاً لتقدير أولي نشره مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات».

وبالمقارنة مع الربع نفسه من العام السابق، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسمياً بنسبة 1.2% في منطقة اليورو وبنسبة 1.4% في الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من عام 2025، بعد +1.2% في منطقة اليورو و+1.4% في الاتحاد الأوروبي أيضاً في الربع السابق.

وسجلت أيرلندا (+3.2%) أعلى زيادة مقارنة بالربع السابق، تلتها إسبانيا وليتوانيا (كلاهما +0.6%)، فيما سجلت ألمانيا (0.2%) وفرنسا (0.1%) على أساس فصلي، وهو ما جاء متماشياً مع التوقعات.

الاقتصاد الألماني

أشارت بيانات اليوم الأربعاء إلى أن الاقتصاد الألماني نما في الربع الأول من العام بدعم الاستهلاك والاستثمار ليفلت من الانزلاق إلى حالة ركود، إلا أن معدل البطالة ارتفع إلى أعلى مستوياته في نحو عشر سنوات في مؤشر على مدى تأثر سوق العمل بضعف حالة الاقتصاد، وفق رويترز.

ووفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن مكتب الإحصاء، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي 0.2% على أساس فصلي، وهو ما جاء متماشياً مع التوقعات.

وسجل الاقتصاد الألماني انكماشاً بنسبة 0.2% في الربع الأخير من العام الماضي، ما جدد المخاوف من الركود، وهو مصطلح يشير إلى تراجع النمو في ربعين متتاليين.

وألمانيا هي العضو الوحيد في مجموعة الدول السبع المتقدمة الذي لم يحقق نمواً خلال العامين الماضيين، وستكون الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمنزلة ضربة قوية، إذ ربما تجعلها على مسار تسجيل عام ثالث من الركود لأول مرة.

وأظهرت بيانات منفصلة صادرة عن مكتب العمل اليوم أن عدد العاطلين في ألمانيا ارتفع في أبريل بوتيرة أقل مما كان متوقعاً، لكن معدل البطالة ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ وقت الجائحة.

ويقترب عدد العاطلين في ألمانيا من بلوغ حاجز الثلاثة ملايين شخص لأول مرة منذ عشر سنوات.

وتم تعديل معدل البطالة في ضوء العوامل الموسمية بالزيادة إلى 6.3% من 6.2% في الشهر السابق، وباستثناء فترة الجائحة، فهذا أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2015.

الاقتصاد الفرنسي

حذّر وزير الصناعة الفرنسي مارك فيراتشي، من أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى تسريح عمال في القطاعات الأكثر تأثراً بالسياسة التجارية الأميركية العدائية.

فيراتشي قال في وقت سابق من هذا الشهر إن نحو 28 ألف شركة فرنسية تُصدّر عبر المحيط الأطلسي، حيث تشتري الولايات المتحدة السلع الفرنسية من قطاعات تشمل صناعة الطيران والسلع الفاخرة ومستحضرات التجميل.

في غضون ذلك، انخفض إنفاق المستهلكين الفرنسيين على السلع بنسبة 1% ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد - باستثناء فترة الجائحة - في مارس الماضي، وفقاً لهيئة الإحصاء الفرنسية.

ويشير ذلك إلى أن الأسر الفرنسية، المتوترة من التأثير الاقتصادي لانخفاض مناخ التجارة، تُحجم عن شراء السلع غير الضرورية، وفق ما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال».

صرح صانعو السياسات في البنك المركزي الأوروبي بأن الرسوم الجمركية ستؤثر سلباً على نمو منطقة اليورو مستقبلاً.

وأظهرت بيانات منفصلة يوم الأربعاء أن معدل التضخم السنوي في فرنسا انخفض إلى 0.8% هذا الشهر، ما جعله أقل من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، ومن المقرر صدور بيانات التضخم الألمانية في وقت لاحق من اليوم.

ويأتي هذا الأداء في وقت لا تزال فيه منطقة اليورو تتعافى ببطء من حالة الركود أثرت في معدلات نمو عامي 2023 و2024، على الرغم من بدء البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو، حيث خُفّض سعر الفائدة على الإيداع إلى 2.25% في أبريل، بعد أن بلغ ذروته عند 4% منتصف عام 2023.

وكان البنك المركزي الأوروبي توقّع في شهر مارس الماضي، أن يحقق اقتصاد منطقة اليورو نمواً بنسبة 0.9% خلال عام 2025، وهي نسبة أقل قليلاً من التوقعات السابقة في يناير الماضي.

ومن المقرر إصدار التوقعات الجديدة في يونيو المقبل، والتي من المرجّح أن تؤدي دوراً محورياً في تحديد مسار قرارات الفائدة القادمة.

وفي سياق متصل، أشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إلى أن «عملية تراجع التضخم تسير على المسار الصحيح، وتقترب من الاكتمال»، لكنها حذّرت في الوقت ذاته من أن «الصدمات الخارجية مثل الرسوم الجمركية قد تؤثر سلباً على الناتج المحلي الإجمالي».

وتخضع دول الاتحاد الأوروبي حالياً لرسوم جمركية أميركية بنسبة 20%، فيما قررت واشنطن تعليق بعض هذه الرسوم حتى يوليو المقبل لإتاحة المجال أمام المفاوضات.