الأصول الرقمية.. هل انتهت الأزمة؟

خلال الأسابيع الماضية، حققت الأصول الرقمية مكاسب كبيرة لتعوض خسائرها المتعاقبة خلال العام الماضي، مما دفعني وغيري للتساؤل، هل كتبت هذه المكاسب سطور النهاية للأزمة، وبدأت مرحلة التعافي؟ أم أنها مجرد حركة تصحيحية صغيرة قبل انهيار أكبر؟

خلال عام 2022، واجهت الأصول الرقمية ونظمها المختلفة عدداً كبيراً من الأزمات العاصفة، إفلاس مؤسسات مليارية، سرقات وعمليات احتيال مليارية أيضاً، قيود تشريعية عالمياً، بجانب أزمة اقتصادية عالمية عاصفة نتيجة للارتفاع معدل التضخم، التي أجبرت البنوك المركزية حول العالم على رفع معدل الفائدة وزيادة تكلفة الاقتراض، وكذلك ارتفاع قيمة الدولار في مقابل كل العملات تقريباً بلا استثناء، بعدما رفع الاحتياطي الفيدرالي الفائدة من 0.25% إلى 4.5% خلال 9 أشهر، وهو المعدل الأعلى خلال العقد الماضي.

كل ذلك أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي عالمياً، تخفيض النفقات، وتسريح مئات الآلاف من الموظفين وزيادة معدل البطالة، وهدد العالم بخطر الركود خلال العام الجاري.

كل تلك الأزمات أدت إلى انهيار إجمالي القيمة السوقية للأصول الرقمية، من 3 تريليونات دولار إلى ما يقارب 800 مليار دولار، ولكن رغم كل ذلك حافظت الأصول الرقمية على جوهرها التقني صلباً، وعلى العكس شهدت تطوراً ونمواً في جوانب مختلفة منها.

على سبيل المثال، متوسط عدد المستخدمين والعمليات اليومية على شبكة بيتكوين حافظ على استقراره، وكذلك التطوير الكبير في شبكة إيثريوم أدى إلى وقف التعدين واستخدام نظام جديد صديق للبيئة، وأتاح للشبكة تمرير عدد أكبر من العمليات واستضافة تطبيقات أكثر تعقيداً.

وكذلك أعلن عدد من المؤسسات الكبرى، مثل جوجل، استخدام واستضافة تطبيقات البلوك تشين، وأيضاً أعلن عدد من البنوك المركزية حول العالم، بدء برامج تجريبية لإصدار عملات رقمياً رسمياً، مما يرسخ لكون البلوك تشين هي مستقبل النظام المصرفي، وأن أزمات 2022 ربما تكون حجر عثرة ليس أكثر.

ولكن يبقى تأثير الاقتصاد الكلي على القيمة السوقية وحركة الأسعار، هو الخطر الفوري الداهم الذي يهدد العملات الرقمية خلال المستقبل القريب.

بعد أيام، يجتمع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ليصدر قراره بخصوص معدل الفائدة، يتوقع الاقتصاديون أن ينتج عن الاجتماع رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل المعدل إلى 4.75%، على أن يرفع الفائدة بنفس القدر في اجتماعه التالي في مارس المقبل.

تلك الزيادة ومثيلاتها من قبل البنوك الأوروبية قد تفاقم خطر الركود خلال العام الجاري، خاصة أن عواقب رفع تكلفة الاقتراض تظهر جليا بعد فترة لا تقل عن 6 أشهر.

ولذلك أتوقع أن يستمر المستثمرون في التداول الحذر إلى أن يعلن قادة البنوك المركزية عن نيتهم لخفض معدل الفائدة. حينها سيكون لأسواق الأصول الرقمية فرصة للنمو من حيث القيمة والتقنية والاستخدام بثبات أكبر ولفترة زمنية أطول.